مجلس الأمن: جمود سياسي في ليبيا ودعوة للأطراف إلى الحد من الاستقطاب
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – حثت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية في الأمم المتحدة، السلطات الليبية على مواصلة المشاركة البناءة في دعم المسار الانتخابي والدستوري والحد من الاستقطاب.
وقالت “روزماري ديكارلو” في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا، إن العمل المنسق والبناء مطلوب لمنع المزيد من الاستقطاب وإنهاء الجمود السياسي في ليبيا.
وأكدت على أن وحدة مجلس الأمن بشأن الحاجة إلى السلام في ليبيا مهمة بشكل خاص اليوم. “هذا ما يستحقه الليبيون. هذا ما يحتاجه العالم”.
منذ آخر إحاطة قدمتها إلى المجلس في 19 نيسان/أبريل، استمر الجمود على الجبهات السياسية والأمنية والاقتصادية.
وذلك على الرغم من الجهود القصوى التي تبذلها الأمم المتحدة لتيسير التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الليبية الفاعلة. كما تدهورت حالة حقوق الإنسان.
وركز اجتماع مجلس الأمن على الاضطرابات السياسية المستمرة في ليبيا والناجمة عن إنشاء هيكلين حكوميين متنافسين.
وقد استمرت المواجهة المتوترة بين وزير الداخلية السابق “فتحي باشاغا” ورئيس الوزراء الحالي “عبد الحميد محمد الدبيبة“.
وقد تم تعيين “باشاغا” رئيسا للوزراء مؤقتا من قبل مجلس النواب في 10 شباط/فبراير. بينما تم انتخاب “الدبيبة” في شباط/فبراير 2021 لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة من قبل منتدى الحوار السياسي الليبي.
منتدى الحوار السياسي الليبي هو تجمع مؤلف من 75 مشاركا يمثلون الدوائر الانتخابية الليبية الرئيسية الجغرافية والاجتماعية والسياسية، التي كانت مسؤولة عن رسم الطريق نحو الانتخابات.
لم يتمكن السيد “باشاغا” من تشكيل حكومته في العاصمة طرابلس، على الرغم من المحاولات العديدة للانتقال إلى هناك.
حيث يواصل “الدبيبة” – الذي يحكم من طرابلس – إعلان صلاحية ولايته وعزمه على تسليم السلطة فقط إلى حكومة منتخبة من قبل الشعب الليبي.
وأفادت وكيلة الأمين بأنه في الساعات الأولى من يوم 17 أيار/مايو، دخل “باشاغا” طرابلس، مدعوماً بجماعات مسلحة.
واندلعت اشتباكات في المدينة وحولها مع الجماعات المسلحة التي تدعم السيد “الدبيبة”. واستمرت عدة ساعات. وأسفر القتال عن مقتل أحد أعضاء جماعة مسلحة وإصابة شرطي وإلحاق أضرار بعدة مبان.
بعد وساطة من قبل الجهات الفاعلة المحلية والتوعية من قبل اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، تم اصطحاب “باشاغا” إلى خارج مدينة طرابلس.
وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن القلق بشأن اندلاع العنف الأخير والانقسام السياسي، مما يهدد بإعاقة الجهود المبذولة لدفع توحيد مؤسسات الدولة الليبية.
وبينما لا يزال وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في عام 2020 ساري المفعول، يظل الوضع الأمني هشا.
وأوضحت وكيلة الأمين العام أنه رغم توقف القتال، “لا يزال الوضع متوترا”. إذ لا تزال الجماعات المسلحة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها والتي تدعم “الدبيبة” أو “باشاغا” “في حالة تأهب قصوى”، على حد تعبيرها.
وأفادت “روزماري ديكارلو” بأن المستشارة الخاصة “ستيفاني وليامز” تواصل الانخراط مع كل من “الدبيبة” و”باشاغا” لتشجيع الحوار.
وتحثهما “على تجنب الأعمال الاستفزازية أو الخطاب السلبي لمنع البلاد من الانزلاق مرة أخرى في الصراع”، بسحب ما جاء على لسان “ديكارلو“.
كما عقدت المستشارة الخاصة اجتماعات مع أعضاء مجلس الرئاسة، الذين أعربوا عن عزمهم على مواصلة العمل في عملية المصالحة الوطنية بدعم من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
وفي تطور إيجابي، أبلغت “ديكارلو” المجلس أنه في الفترة من 23 إلى 24 أيار/مايو، اجتمع الوفدان الشرقي والغربي للجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 في إسبانيا لأول مرة منذ أن علق الوفد الشرقي أنشطته في نهاية شباط/فبراير.
على هامش اجتماع نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج بشأن ليبيا الذي استضافته الحكومة الإسبانية، التقت المستشارة الخاصة “وليامز” مع اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5.
وناقشت تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. وأعرب أعضاء اللجنة عن استعدادهم لاستئناف أنشطتهم عند العودة إلى ليبيا.
وفي نفس النفحة الإيجابية، أشارت “ديكارلو” إلى أن المستشارة الخاصة “وليامز” عقدت جولة ثانية من المشاورات بين اللجنة المشتركة لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في القاهرة في الفترة من 15 إلى 20 أيار/مايو.
التقى الوفدان في جو إيجابي وبناء واستعرضا مشروع الدستور لعام 2017.
وأوضحت أن الوفدين قد توصلا إلى “اتفاق على 137 مادة من إجمالي 197 مادة في المجالات التالية: شكل الدولة وطبيعتها.
الحقوق والحريات الأساسية، بما في ذلك حقوق المرأة؛ هيكل وصلاحيات البرلمان المكون من مجلسين؛ وبعض صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.”
وقالت إن “التقدم الذي تم إحرازه خلال هذه الجولة الثانية من المحادثات جدير بالثناء. واتفق الأعضاء على الاجتماع مرة أخرى في القاهرة ابتداء من 11 حزيران/يونيو تحت رعاية الأمم المتحدة واستضافة الحكومة المصرية.
غير أن هذه النفحة الإيجابية لم تشمل وضع حقوق الإنسان كما ظهر مما أفادت به ديكارلو إلى مجلس الأمن الدولي. حيث لفتت الانتباه إلى أن “حالة حقوق الإنسان في ليبيا مصدر قلق كبير”.
وأوضحت أنه في الأسبوع الأول من شهر أيار/مايو، أطلقت الأجهزة الأمنية الليبية موجة جديدة من الاعتقالات بحق الشباب بسبب جرائم مزعومة ضد “الثقافة والقيم الليبية”.
واتهمت الأجهزة الأمنية بنشر ما يسمى بـ “اعترافات” فيديو وصور للمعتقلين على مواقع التواصل الاجتماعي. ما اعتبر شكلاً من أشكال التخويف خلال المراحل الأولية للتحقيق.
وذكرت وكيلة الأمين العام أن القيود لا تزال قائمة على عمل منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك مجموعات حقوق المرأة، المتهمة بانتهاك “مبادئ وقيم المجتمع الليبي”، على حد قول “ديكارلو“.
وفي هذا الصدد، قالت وكيلة الأمين العام في إحاطتها إنه “من الضروري الحفاظ على وقف إطلاق النار في ليبيا والحفاظ على الهدوء وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تجدد العنف”.
كما شددت على أهمية “حث جميع الأطراف على الوفاء بالتزامها بالحل السلمي للخلافات السياسية من خلال الحوار والمفاوضات”.
ومن الأهمية بمكان أيضا، أضافت “ديكارلو“، أن ينظر الفاعلون السياسيون والأمنيون الليبيون إلى أبعد من مصالحهم الشخصية.
وطالبت بأن يواصلوا المشاركة البناءة في محادثات القاهرة المقبلة لدعم المسار الانتخابي / الدستوري. وقالت “ديكارلو“: “هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق تطلعات الشعب الليبي لاختيار ممثليه من خلال صناديق الاقتراع”.
وقالت إن مسار ليبيا في رحلتها للخروج من الصراع ونحو السلام والاستقرار، لم يكن دائما سلسا. لكن دعم المجلس واهتمامه أثبت أنه لا يقدر بثمن في الحفاظ على العملية السياسية حية.
وختمت قائلة :”اليوم، هناك حاجة إلى جهد منسق وبناء لمنع المزيد من الاستقطاب وإنهاء الجمود السياسي”.
“في وقت الاضطرابات العالمية المتفاقمة، فإن وحدة المجلس والوحدة الدولية بشأن الحاجة إلى السلام في ليبيا تكتسيان أهمية خاصة. هذا ما يستحقه الليبيون. هذا ما يحتاجه العالم”.
وبالإضافة إلى “ديكارلو“، استمع مجلس الأمن أيضا إلى إحاطة من رئيس لجنة الجزاءات المفروضة على ليبيا 1970 المندوب الدائم للهند لدى الأمم المتحدة “تيرومورتي”. حيث قدم التقرير الدوري عن نشاطات اللجنة.
وأفاد مندوب الهند الدائم بأنه خلال المشاورات غير الرسمية التي عُقدت في 20 أيار / مايو، استمعت اللجنة إلى عرض قدمه فريق الخبراء بشأن تقريره النهائي.
وشملت القضايا الرئيسية التي أثيرت خلال المناقشة الأفعال التي تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا، وانتهاكات حظر الأسلحة؛ انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك في سياق الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين؛ الصادرات غير المشروعة من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة من ليبيا؛ وتنفيذ تجميد الأصول.
فيما يتعلق بحظر توريد الأسلحة، قال السيد تيرومورتي إنه لم يتخذ أي قرار سلبي من قبل اللجنة فيما يتعلق بإشعار حظر توريد الأسلحة يستند إلى الفقرة 13 (ب) من القرار 2009 (2011) المقدم من ألمانيا.
كما تلقت اللجنة تقرير التفتيش على السفن من عملية EUNAVFOR MED IRINI. وأبلغت إيطاليا اللجنة بنقل بعض الأصناف المخصصة لدوريات السواحل الليبية.
وينظر أعضاء اللجنة حاليا في ثلاث توصيات وُجهت إلى اللجنة وكذلك توصية موجهة إلى جميع الدول الأعضاء، من أجل متابعة إجراءات المتابعة الممكنة، بحسب ما أورد من رئيس لجنة الجزاءات في كلمته عصر اليوم أمام جلسة مجلس الأمن.
“الطاهر السني“، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، قال إن الشعب الليبي ملّ من تكرار نفس الكلام خلال جلسات مجلس الأمن.
وأشار “السني” إلى أنه يحاول في إحاطته، نقل صوت المواطن الليبي أيا كانت انتماءاته وتوجهاته “والذي سئم هذه الجلسات التي لا تخرج عنها نتائج فاعلة”.
وتساءل عن فشل كل المبادرات، من الصخيرات إلى باريس وتونس وبرلين… وغيرها.
وقال “السني“: “حقيقة الأمر أن هذا المجلس فشل في تنفيذ ما يصدر من قرارات. ولم يستطع محاسبة المعرقلين، دولا كانوا أو أفرادا. ففقد المواطن الليبي الثقة بالمجلس والمجتمع الدولي”.
وأضاف متسائلاً: “ما فائدة حوارات دولية إن لم يحاسب المعرقلون. فمثلا ماذا فعلتم بعد أن فشل الاستحقاق الانتخابي الذي كان مقررا في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي؟ سأل السفير الليبي، “ماذا حدث بعد ذلك؟ لا شيء”.
وأكمل بقوله: “إن كل البيانات التي صدرت كانت تتحدث عن تاريخ الانتخابات لدرجة أننا “شعرنا أنه يوم مقدس”.
وقال “السني” إن عجز وانقسام هذا المجلس كان واضحا في مناسبات عديدة، آخرها عدم القدرة على تمديد ولاية البعثة الأممية أو تعيين مبعوث جديد حتى اضطر الأمين العام أن يعين مستشارة لتسيير الأعمال حتى يتم ذلك.
وعند الحديث عن تعيين مبعوث جديد، ذكّر “الطاهر السني” أعضاء المجلس بأن: “هذا المبعوث سيكون التاسع خلال 11 عاما”.
وقال: “هذا يدعونا للتساؤل: هل المشكلة في المبعوثين الدوليين أم المشكلة في الاستراتيجية التي تتعامل بها البعثة والأمم المتحدة والأجهزة المختلفة؟ هذا التساؤل يسأله المواطن الليبي”.
أشار السفير الليبي إلى عودة لنشاط الجماعات الإرهابية وبؤر داعش والقاعدة وبالأخص في الجنوب الليبي الذي استهدف عدة مرات مدنيين وعسكريين.
كما تحدث عن أزمة المهاجرين غير الشرعيين وزيادة شبكة الاتجار بالبشر العابرة للحدود.
وشدد في هذا السياق على أن “ليبيا أيضا ضحية ولا يمكن ومن غير المسموح تحميلنا مسؤولية هذا الملف”.
وقال: “وإذا تحدثنا فقط بلغة الأرقام، هناك 650 ألف مهاجر داخل ليبيا في حين أن عددهم في مراكز الإيواء لا يتجاوز 4000”.
وأضاف متسائلاً: “فماذا عن هؤلاء وأين مسؤوليتكم من ذلك؟، تساءل الطاهر السني، نيابة عن المواطن الليبي. لماذا لم نسمع عن عقوبات ضد المتاجرين بالبشر الدوليين من دول المصدر والمبعر والمقصد”.
وأكمل بقوله: “إن كانت ليبيا بوابة للجحيم لهؤلاء، فافتحوا أبواب الجنة عندكم، واستقبلوهم وضعوهم في وضع أفضل مما هم عليه اليوم”.
“بلا شك إن استقرار ليبيا سيحل هذه المشكلة”، قال الدبلوماسي الليبي، داعيا إلى النظر بشمولية لهذه الأمور.
ودعا السفير الليبي إلى إعلاء صوت العقل والحكمة والابتعاد عن الحرب والفتنة والتنازل من أجل الوطن. فلم يعد من المقبول أو المسموح إزهاق مزيد من الأرواح في حروب لا فائدة منها إلا الدمار والخراب.
وأثنى على كل المواقف الوطنية من كافة القيادات السياسية التي عاهدت بأنها لن تنجر وراء حرب جديدة من أجل السلطة. وقال: “حان الوقت لنتجاوز خلافات الماضي الأليمة ونبدأ معا من أجل إنجاز وطني ومصالحة حقيقية”.
وفيما يتم الاحتفال “بيوم أفريقيا” أعاد “الطاهر السني” طلب بلاده بدعم الاتحاد الأفريقي من أجل “إطلاق مشروع المصالحة الوطنية الشاملة والذي ينتج ميثاقا وطنيا يجمعنا ولا يفرقنا، يقوينا ولا يضعفنا”.
وأكد أنهم متفائلون وأن الموطن الليبي، بالأخص الأجيال الجديدة من الشباب والشابات، أصبحوا أكثر نضجا ووعيا بما يدور من حولهم.
وقال: “وكلنا ثقة بأننا بجهودهم وجهود الوطنيين ستجتاز هذه الأزمة… وماضون في اتجاه الصلح والتصالح لبناء دولة القانون والازدهار”.