توثيق حقوقي لفشل السعودية في الالتزام بتوصيات دولية تتعلق بالإعدام

قدمت منظمات حقوقية توثيقا يؤكد فشل السلطات السعودية في الالتزام بتوصيات دولية تتعلق بالإعدام في ظل واقع القمع والاستبداد الشامل في المملكة.
ووجهت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بالشراكة مع منظمة ريبريف، و مجموعة منّا لحقوق الإنسان، ومبادرة الحرية، ومنظمة معا ضد عقوبة الإعدام (ECPM)، والقسط لحقوق الإنسان، تقريرا إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل في يوليو 2023.
وقدم التقرير لمحة عامة عن فشل المملكة العربية السعودية في تنفيذ التوصيات المتعلقة بعقوبة الإعدام والتعذيب التي كانت قد قبلتها خلال عملية الاستعراض الدوري الشامل الأخيرة في 2018.
ونبه التقرير إلى أنه على الرغم من وعود الإصلاح، فإن تطبيق عقوبة الإعدام في السعودية مستمر في ظل عدم وفائها بالتزاماتها الإقليمية والدولية الناشئة عن الميثاق العربي حقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية مناهضة التعذيب.
وتُظهر البيانات التي تم جمعها وتحليلها خلال دورات الاستعراض الدوري الشامل الثلاث ما يلي:
ارتفاع معدل الإعدامات بنسبة 82% منذ تولي ولي العهد محمد بن سلمان منصبه عام 2017.
سجل عام 2022 أكبر عدد من عمليات الإعدام المسجلة، وكان عام 2019 هو العام الثاني.
– على الرغم من الوعود بإلغاء تطبيق عقوبة الإعدام على الأشخاص الذين يبلغون من العمر 18 عاما في وقت ارتكاب الجريمة المزعومة، تواصل السعودية الحكم عليهم بالقتل، ومنذ 2013 تم إعدام 15 طفلا على الأقل.
– 43% من إجمالي عمليات الإعدام في الفترة من 2010 إلى 2021 كانت لتهم غير مميتة
– 39% من الذين أُعدموا في السعودية بين عامي 2010 و2021 كانوا أجانب
تنفيذ ما لا يقل عن 386 عملية إعدام في جرائم تتعلق بالمخدرات بين عامي 2010 و2021، والتي تشكل 71% من عمليات الإعدام في الجرائم غير المميتة؛
إعدام 46 فرداً بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية، بما في ذلك حضور الاحتجاجات وحرية التعبير.
تم استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب أثناء التحقيقات وبعدها كدليل للحكم على الأفراد بالإعدام على نطاق واسع.
منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير في عام 2018، قال مسؤولون بينهم ولي العهد أن السعودية تعتزم إلغاء عقوبة الإعدام على الجرائم غير المميتة، وكذلك على الأطفال، وفي أبريل 2020، أعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية عن أمر ملكي ينص على تطبيق قانون الأحداث. وفي عام 2021 أعلن ولي العهد عن نية إصدار قانون للعقوبات. حتى الآن لم يتم نشر الأمر الملكي ولا قانون العقوبات، وتستمر عمليات الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات والمتهمين الأطفال.
ارتفاع عدد عمليات الإعدام على الرغم من التزامات المراجعة الدورية الشاملة:
المنظمات أوضحت أن السعودية فشلت في تنفيذ التوصيات المتعلقة بتحسين الشفافية في عملها فحتى الآن لم تعلن عن المحكوم عليهم بالإعدام أو كل الذين تم إعدامهم.
وتقدر المنظمات أنه تم إعدام ما لا يقل عن 1243 شخصاً بين عامي 2010 و2021، بينهم ما لا يقل عن 31 امرأة و15 طفلاً في وقت ارتكاب الجريمة المزعومة. ولا يزال هناك قلق جدي بشأن الحكم على الأفراد الذين أُعدموا في السعودية والإعدام بناءً على اعترافات مشوبة بالتعذيب، في ظل عدم احترام حقوق المحاكمة العادلة، وأشار التقرير إلى عدة نقاط:
منذ 2018 حتى يونيو 2023، نفذت السعودية 618 عملية إعدام؛
في عام 2019، أعدمت السعودية عددًا أكبر من الأفراد مقارنة بأي وقت آخر
في 23 أبريل 2019، أعدمت السعودية 37 شخصاً في عملية إعدام جماعية، 6 منهم كانوا قصرا وقت ارتكاب التهم.
في 12 مارس 2022، أعدمت السعودية 81 شخصًا في يوم واحد، وهو الإعدام الجماعي الأكبر في تاريخها.
التوصيات:
– الإعلان الفوري عن وقف رسمي لاستخدام عقوبة الإعدام.
جعل المعلومات المتعلقة بالمحكوم عليهم بالإعدام علنية ومتاحة. وينبغي أن تشمل المعلومات الجنس والعمر والجنسية والانتماء العرقي وعدد الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، عدد عمليات الإعدام تم تنفيذها، وعدد أحكام الإعدام التي تم إبطالها أو تخفيفها عند الاستئناف، وعدد الحالات التي تم فيها منح العفو.
إجراء تحقيق عام في جميع عمليات الإعدام التي تم تنفيذها حتى الآن وتقديم ما هو مناسب وإنصاف عائلات الضحايا الذين أُعدموا تعسفياً.
عقوبة الإعدام في جرائم ليست من الأشد خطورة:
أوضح التقرير أن السعودية فشلت في تنفيذ التوصيات المتعلقة بالحد من عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام ،ولم تتخذ أي خطوات لمراجعة التشريعات أو تعديلها بهدف قصر تطبيق عقوبة الإعدام على الحالات الأشد خطورة، بما يتماشى مع التزاماتها الإقليمية

ووفقا لهيئات حقوق الإنسان الدولية، فإن مصطلح “الجرائم الأشد خطورة” يجب أن يكون كذلك تُقرأ بشكل تقييدي وتتعلق فقط بالجرائم التي تنطوي على تعمد قتل.”
بين عامي 2010 و2021، تم تنفيذ 542 حكم إعدام في جرائم غير مميتة في السعودية، حيث تجاوزت الإعدامات بجرائم غير مميتة الجرائم المميتة وبلغت 66% . على عكس العديد من دول المنطقة، لم تقم السعودية بتشريع قانون جزائي موضوعي
وأشار التقرير إلى أن لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري أثارت مخاوف من مواجهة عدد غير متناسب من المواطنين الأجانب عقوبة الإعدام في السعودية.
ففي الفترة من 2010 إلى 2021 أعدمت السعودية 490 مواطناً أجنبياً، أي ما يعادل 39% من إجمالي عمليات الإعدام، وهي أكبر قليلاً من نسبة المواطنين الأجانب في سكان السعودية ككل (36%).
وبين عامي 2010 و2021، تم تنفيذ 284 عملية إعدام من أصل 386 (74%) في جرائم المخدرات وكانوا من رعايا أجانب.
وأشارت إلى أن الرعايا الأجانب الذين يواجهون عقوبة الإعدام يعانون من انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة أثناء محاكماتهم وجلسات الاستماع، وكثيراً ما يُحرمون من الوصول إلى المترجمين الفوريين والمساعدة القنصلية
قمع الحقوق الأساسية وعقوبة الإعدام
على الرغم من التوصيات الداعمة بشأن عدم تجريم ممارسة الحقوق الأساسية حقوق الإنسان، تواصل السعودية إساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لإصدار أحكام الإعدام.
التقرير أشار إلى أنه منذ صعود محمد بن سلمان إلى السلطة في عام 2017، كثفت السعودية القتل على الأفعال المتعلقة بممارسة الحق في حرية التعبير.
تظهر البيانات أن الأفراد الذين يمارسون حقوقهم الأساسية قد تعرضوا للاستهداف والتعذيب والحكم عليهم بالإعدام، وهذا يشير إلى أن السعودية تستخدم عقوبة الإعدام كأداة للقمع.
في عام 2023، حكم على ثلاثة رجال بالإعدام في المحكمة الجزائية المتخصصة تحت عنوان الإرهاب بتهم تتعلق بمعارضتهم للإخلاء القسري للقبائل المحلية، وتجري حاليًا العديد من محاكمات الإعدام أمام المحكمة الجزائية المتخصصة حيث يشارك فيها علماء ومثقفون ويواجهون عقوبة الإعدام بسبب ممارسة الحقوق الأساسية
التوصيات: مراجعة وتعديل التشريعات التي تنص على عقوبة الإعدام لضمان عدم تطبيقها إلا على “الجرائم الأشد خطورة”، كما يقتضي الميثاق العربي.
تخفيف جميع أحكام الإعدام الصادرة في الجرائم التي لا تستوفي الحد الأدنى للخطورة بما في ذلك جرائم المخدرات والجرائم المرتبطة بممارستها لحرية التعبير.
الوفاء بوعود صياغة قانون عقوبات يتوافق مع المعايير الدولية والإقليمية التزامات حقوق الإنسان والتي تحظر عقوبة الإعدام على الجرائم غير المميتة.
تخفيف الأحكام الصادرة بحق جميع المحكوم عليهم بالإعدام والمدانين بجرائم غير مميتة.
عقوبة الإعدام للأطفال:
أوضح التقرير أن السعودية لم تنفذ التوصيات السابقة بشأن حظر إعدام لجميع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا وقت ارتكاب الجريمة المزعومة إلا جزئيا.
وأشار إلى أن السعودية طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل والتي تنص بشكل صارم على حظر عقوبة الإعدام على جميع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا وقت ارتكاب الجريمة المزعومة.
في حين أن العدد الدقيق للأطفال المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام في السعودية ليس موجوداً حالياً وثقت المنظمات 9 قضايا لقاصرين. التوثيق أكد تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
وطالبت المنظمات بالتوقف الفوري عن استخدام عقوبة الإعدام ضد المتهمين الأطفال، بغض النظر عن ذلك الجريمة المرتكبة، بما في ذلك تخفيف الأحكام الصادرة على جميع المتهمين الأطفال المحكوم عليهم بالإعدام.
دعم المرسوم الملكي الصادر عام 2020 بحظر استخدام عقوبة الإعدام ضد المتهمون بالأطفال في كافة الجرائم.
تعديل قانون الأحداث عام 2018 بحيث يحظر كافة.
إجراء تحقيق عام في أي عمليات إعدام للمتهمين الأطفال تم تنفيذها في السنوات الأخيرة وتوفير سبل الانتصاف لأسر الضحايا.
التعذيب وعقوبة الإعدام
فشلت السعودية في تنفيذ التوصيات المتعلقة بحظر التعذيب وسوء المعاملة على الرغم من أنها دولة طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب. المنظمات أوضحت أن المعتقلين يؤكدون تعرضهم للتعذيب خلال الاحتجاز والتحقيق من قبل الضباط.
وأشارت إلى أنه لم يتم القيام باي تحقيقات تتماشى مع القانون الدولية، واستند القضاة إلى أدلة منتزعة تحت التعذيب في إصدار أحكام.
التوصيات: إجراء تحقيق متعمق على الفور في جميع مزاعم التعذيب والمرض العلاج، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
ضمان التعرف على الجناة خلال تحقيق نزيه وفعال بالكامل في مزاعم التعذيب تتم محاكمتهم.
ضمان حصول ضحايا التعذيب وسوء المعاملة على سبل الانتصاف، إعادة التأهيل والتعويض.
خاتمة: فشلت السعودية في تنفيذ العديد من التوصيات التي وافقت عليها بهدف تطبيق عقوبة الإعدام بما يتماشى مع المعايير الدولية.
وعلى الرغم من مختلف الوعود فيما يتعلق استخدام عقوبة الإعدام ضد المتهمين الأطفال، واحترام المحاكمة العادلة وحرية التعبير عن الرأي، يستمر استخدام عقوبة الإعدام في السعودية ينمو.

قد يعجبك ايضا