أحكام طويلة المدى تنذر بعهد جديد من تدهور الحالة الحقوقية في السعودية
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت منظمة القسط لحقوق الإنسان أنها تابعت بقلق بالغ الأحكام التي صدرت مؤخرا بحق عددٍ من النشطاء ومواطنين في السعودية.
وقد صدرت هذه الأحكام عقابًا على نشاطهم في مواقع التواصل الاجتماعي ومطالبتهم بالإصلاح الاجتماعي والسياسي ومناصرتهم لقضايا حرية الرأي والتعبير عبر منشورات على (تويتر).
وقد وصلت بعض هذه الأحكام إلى 45 و50 سنة بالسجن ومثلها منع من السفر.
في 9 أغسطس 2022، حُكم على الناشطة والأكاديمية “سلمى الشهاب” بالسجن 34 سنةً ومثلها منع من السفر.
لاحقا، تم الحكم على المواطنة السعودية “نورة القحطاني” بالسجن مدة 45 سنةً ومثلها منع من السفر بسبب تغريدات لها على حساب وهمي في تويتر.
كذلك، ورد للقسط مؤخرًا عن حكم قضائي أصدر من محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة بحق “عبد الإله الحويطي” في شهر أغسطس الماضي بالسجن لمدة 50 سنة ومثلها منع السفر.
وذلك بسبب تضامنه مع مطالب عائلته في رفض الترحيل القسري من منازلهم إثر تنفيذ مشروع نيوم.
وكذلك قريبه “عبد الله دخيل الحويطي” الذي حكم عليه بالمدة نفسها ومثلها منع من السفر.
الكاتب والمترجم والمبرمج “أسامة خالد“، المعتقل منذ 2020، هو الآخر حكم عليه بعد الاستئناف بالسجن لمدة 32 سنةً، بعد أن أصدر حكم بحقّه حكمٌ أوليٌّ بالسجن لمدة 5 سنوات على خلفية دعاوى معنية بالحق في التعبير عن الرأي.
وحسب ما رصدته القسط، فإن الأحكام تنذر بعهد جديد من الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان، خاصة بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية في شهر يوليو.
وقد سبق هذه ازيارة انتهاكات خطيرة وواسعة لحقوق الإنسان، تمثلت في اعتقالات واسعة لنشطاء وكتاب وصحفيين وقضاة.
مع تحذيرات سابقة بأن تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع “محمد بن سلمان” ستؤدي إلى تصاعد وتيرة الانتهاكات، الأمر الذي تأكد مع هذه الأحكام الأخيرة.
ورغم أن انتهاكات حقوق الإنسان ليست بالأمر الجديد، إلا أن وصول “محمد بن سلمان” إلى ولاية العهد تصاحب مع ارتفاع وتيرتها وتدهور حالة حقوق الإنسان إلى أسوأ مستوياتها منذ عقود.
هذا التدهور لم يتوقف عند الاعتقالات وحدها، بل امتد إلى منع السفر بعد انتهاء المحكومية. بالإضافة إلى التضييق على ذوي ضحايا الانتهاكات.
وكذلك القتل المتعمد بالاستهداف أو الإهمال الطبي والإداري. حيث كان المثال الأبرز هو جريمة قتل الصحفي “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية في إسطنبول مطلع شهر أكتوبر 2018.
كان آخر تداعياتها تراجع تركيا عن مواقفها تجاه قضية الاغتيال، بعد تراجع المجتمع الدولي عن تطبيق أي عقوبة على ولي العهد.
هذا بالرغم من إعطائه أوامر الاغتيال، وغيره من المتورطين في هذه الجريمة، ما أفسح الطريق لمواصلة التضييق والانتهاكات.
كما شهدت كذلك السجون السعودية حالات تعذيب واغتيالات ومحاولات اغتيال لعدد من السجناء المعتقلين لأسباب مرتبطة بحرية الرأي والتعبير.
ففي إبريل 2020، غيّب الموت المدافع عن حقوق الإنسان والإصلاحي “عبد الله الحامد“، بعد إهمال طبي متعمد لحالته الصحية ما أدى إلى وفاته.
وفي أكتوبر 2021 تعرّض الإصلاحي “موسى القرني” إلى اعتداء وحشي من أحد السجناء دون أي تدخل من إدارة السجن، أدى إلى وفاته.
حيث تركته سلطات السجن ينزف دون إسعاف ومن ثم تركت جثمانه لعدة ساعات بعد وفاته.
وقد تعرض الناشط الحقوقي “خالد العمير” لمحاولة اغتيال في السجن في يوليو 2021. إلى جانب مضايقات أخرى مستمرة حتى الآن، يتعرض لها هو وغيره من معتقلي الرأي الآخرين، وعلى رأسهم المدافع عن حقوق الإنسان والعضو المؤسس لجمعية حسم، “محمد القحطاني“.
تشكل هذه التطورات الأخيرة انحدارًا وتراجعًا حادًّا للوضع الحقوقي بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع ولي العهد “محمد بن سلمان“.
بالإذافة لعودةً استهداف كل من يعبر عن الرغبة بالإصلاح أو ينتقد الانتهاكات السابقة، سواءً كان شخصيةً ذات حظوة وتأثير اجتماعيٍّ أم لا.
وهذا يستلزم تصدّيًا مباشرًا وعاجلًا للحد من الضرر ووضع نهاية لهذا الاتجاه الخطير، بالضغط على السلطات السعودية.
ويستدعي ذلك تسليط الضوء على انتهاكاتها وتجاوزاتها بحقّ النشطاء والنقّاد السلميين ومن يمارسون حقّهم في حريّة التعبير بنحو سلمي.
وعليه دعت القسط السلطات السعودية لإلغاء الأحكام الصادرة بحقّ المعتقلات والمعتقلين المذكورين أعلاه والإفراج عنهم فورًا ودون شروط.
وطالبت القسط بالإفراج العاجل وغير المشروط عن كافة معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان.
كما دعت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لمواصلة الضغط وزيادته على السلطات السعودية لتكفّ عن انتهاكاتها وترسي الأسس لاحترام حقوق الإنسان في البلاد.