السعودية: “مهرجان الرياض للكوميديا” يُغطي على الانتهاكات
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الحكومة السعودية تستغل “مهرجان الرياض للكوميديا 2025″، المُقام من 26 سبتمبر/أيلول إلى 9 أكتوبر/تشرين الأول، لحرف الأنظار عن قمعها الوحشي لحرية التعبير وانتهاكاتها الحقوقية الواسعة الأخرى.
وتتزامن مواعيد المهرجان مع الذكرى السابعة لاغتيال الصحفي جمال خاشقجي على يد الدولة السعودية، ويأتي بعد أشهر قليلة من إقدام السلطات السعودية على إعدام صحفي بسبب خطابه العلني حسب الافتراض.
وذكرت المنظمة أنه لتجنب المساهمة في غسل سمعة الحكومة السعودية، على الكوميديين المشاركين أن يستغلوا المهرجان لحث السلطات السعودية علنا على الإفراج عن المعارضين والصحفيين والنشطاء الحقوقيين السعوديين المحتجزين ظلما.
تضم قائمة المشاركين في المهرجان، من بين آخرين: عزيز أنصاري، وهانيبال بوريس، وبيل بور، وجيمي كار، وديف شابيل، وبيت ديفيدسون، وماز جبراني، وسام موريل، ومارك نورماند، ونيميش باتيل، وتوم سيغورا. كان من المقرر أن يشارك تيم ديلون في المهرجان، لكنه قال إنه طُرد بعد أن سخر في بودكاسته من السجل السعودي السيئ في حقوق الإنسان.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: “الذكرى السابعة للقتل الوحشي بحق جمال خاشقجي ليست نكتة، وعلى الكوميديين الذين يتلقون مبالغ طائلة من السلطات السعودية ألا يصمتوا عن المواضيع المحظورة في المملكة، مثل حقوق الإنسان أو حرية التعبير. على كل من يقدم عروضا في الرياض أن يستغل هذه الفرصة البارزة للمطالبة بالإفراج عن النشطاء السعوديين المحتجزين”.
في 19 سبتمبر/أيلول، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى ممثلي وإدارة مجموعة من الكوميديين المشاركين المعلَنين لطلب لقاء حول أزمة حقوق الإنسان في السعودية. لم يرد الممثلون والإدارة.
حثت هيومن رايتس ووتش الكوميديين بشكل خاص على الدعوة علنا إلى الإفراج عن المدافع السعودي عن حقوق الإنسان وليد أبو الخير، الذي يقضي عقوبة بالسَّجن 15 عاما نتيجة نشاطه الحقوقي.
وأكدت أن على الفنانين أيضا المطالبة بالإفراج عن مدربة اللياقة البدنية وناشطة حقوق المرأة مناهل العتيبي، التي حُكم عليها بالسَّجن 11 عاما – خُفِّض الحكم مؤخرا إلى خمسة أعوام – لترويجها حقوق المرأة على الإنترنت. عليهم أيضا إثارة غياب المساءلة عن قتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
حكومة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نظّمت وموّلت بشكل حثيث فعاليات رفيعة المستوى شارك فيها فنانون ومشاهير وشخصيات رياضية دولية بارزة. يرتبط الاستثمار في هذه الأحداث بـ “رؤية 2030” التي وضعها ولي العهد، وهي خطة لإصلاح اقتصاد البلاد وجذب المستثمرين والسياح الأجانب. ومن بين عناصرها خلق المزيد من خيارات الترفيه والاستجمام من أجل تعزيز صورة المملكة على الصعيد الدولي.
قال ديلون في بودكاسته يوم 30 أغسطس/آب: “أنا أفعل هذا لأنهم يدفعون لي مبلغا كبيرا من المال. يدفعون لي ما يكفي من المال لأغض الطرف”. قال ديلون إن المهرجان السعودي دفع له 375 ألف دولار أمريكي مقابل عرض واحد في 8 أكتوبر/تشرين الأول، لكن الفنانين الآخرين حصلوا على ما يصل إلى 1.6 مليون دولار. أضاف ديلون: ” اشتروا الكوميديا. هل لدي مشاكل مع السياسات المتعلقة بحرية التعبير؟ بالطبع لدي، لكنني أؤمن برفاهيتي المالية”.
في 20 سبتمبر/أيلول، أعلن ديلون أن عرضه أُلغِي بعد أن زُعم أن السلطات السعودية “غير راضية” عن تعليقاته الكوميدية حول معاملة العمال الوافدين والقضايا الحقوقية الأخرى. قال: “تناولت الموضوع بطريقة مضحكة فطردوني”.
أضاف: “بالتأكيد لم أكن سأذهب إلى بلدكم وأهين الأشخاص الذين يدفعون لي المال. لكن في برنامجي، في بلدي، حيث أتمتع بحرية التعبير وقول ما أريد، سأكون مضحكا”.
جيمي كار، الذي يشارك في العرض الرئيسي في المهرجان في 6 أكتوبر/تشرين الأول، لا يذكر ظهوره في السعودية على موقعه الإلكتروني أو قنواته على وسائل التواصل الاجتماعي. غالبا ما دافع كار بقوة وعلنا عن حرية التعبير. قال: “أنا من أشد المؤيدين لحرية التعبير المطلقة، لكنها لا تعني الحرية من العواقب”.
تتناقض التصريحات العلنية التي أدلى بها العديد من الفنانين المشاركين في مهرجان الرياض للكوميديا حول أهمية حرية التعبير بشكل حاد مع القمع الوحشي الذي تمارسه السلطات السعودية ضد أي انتقاد للحكومة. في 2025، نفذت الحكومة السعودية موجة إعدامات لسحق المعارضة السلمية، بما يشمل حرية التعبير.
في 14 يونيو/حزيران، أعدمت الحكومة السعودية الكاتب والصحفي السعودي البارز تركي الجاسر بتهمة ارتكاب “جرائم إرهابية” مختلفة. لم تكشف الحكومة سوى القليل من التفاصيل حول احتجازه ومحاكمته وإعدامه، ويفترض أنه واجه عقوبة الإعدام بسبب خطابه وتعليقاته السلمية.
في فبراير/شباﻄ 2024، أعدمت السلطات السعودية المحلل السياسي السعودي المتخصص بتركيا عبد الله الشمري، بناء على تهم تشمل “تهديد استقرار السعودية وتعريض أمنها للخطر”. كان الشمرى يلتقي بانتظام مع صحفيين من وسائل إعلام بارزة ويظهر كمعلق سياسي على التلفزيون.
تم تبني مشروع محمد بن سلمان لبناء قطاع الترفيه بالتوازي مع التقدم المحرز لصالح النساء والشباب.
رغم أن هذه التغييرات واسعة النطاق ومهمة، إلا أنها ساعدت أيضا في التعتيم على التقييد البالغ للحقوق المدنية والسياسية منذ أن أصبح وليا للعهد في 2017. بينما كان قطاع الترفيه الناشئ يحظى بالثناء على الصعيد الدولي، كانت السلطات السعودية تنفذ موجات من الاعتقالات التعسفية بحق المعارضين، والنشطاء، والمثقفين، وأفراد العائلة المالكة.
قالت شيا: “على الكوميديين الذين يؤدون عروضا في الرياض أن ينتقدوا الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في السعودية، وإلا فإنهم قد يساهمون في دعم جهود الحكومة السعودية الممولة بسخاء لغسل صورتها.
ويأتي هذا التلميع وسط زيادة كبيرة في القمع، الذي يطال أيضا حرية التعبير، التي يدافع عنها العديد من هؤلاء الكوميديين ولكن يُحرَم منها تماما الناس في السعودية”.