السعودية: محاكمة سلمان العودة ومحمد العتيبي، نموذج لتوظيف القضاء لعقاب المعارضين
أدأن مجلس جنيف للحقوق والحريات، استمرار السلطات السعودية في توظيف المحاكم والهيئات القضائية؛ لمعاقبة المعتقلين على خلفية المعارضة السياسية، وحرية الرأي والتعبير، والنشاط الحقوقي، ويطالب بالإفراج الفوري عن جميع هؤلاء المعقتلين.
أحدث جلسات المحاكمة عقدتها المحكمة الجزائية المتخصصة بالسعودية، يوم الأحد الموافق 18 أكتوبر 2020، للداعية الدكتور سلمان العودة، وأجلت بعد دقائق من عقدها دون أي تقدم في مجريات المحاكمة.
وقال الباحث السعودي الدكتور عبدالله العودة، نجل الداعية المعتقل، عبر حسابه على تويتر: “تأجلت جلسة الوالد سلمان العودة اليوم إلى بعد شهر في ١٦ نوفمبر، وتتكرر نفس مشاهد العبث بكل إجراءات التقاضي والمحاكمات”.
وسبق أن تعرض العودة للاعتقال عدة مرات من السلطات السعودية، على خلفية مواقف وآراء سياسية له، واعتُقل آخر مرة في حملة اعتقالات سياسية شنها الأمن السعودي في 10 سبتمبر 2017 بعد نشره تغريدة على حسابه بموقع تويتر “يدعو فيها الله للتأليف بين قلوب ولاة الأمور لما فيه خير الشعوب”.
وبعد بضعة أشهر من اعتقاله تدهورت حالته الصحية ونقل إلى مستشفى بمدينة جدة. وكان قد نُشر في 18 يناير 2018 أخبارا عن وفاته في محبسه إثر تعرضه للتعذيب، لكن هذه الأنباء تم نفيها على لسان ابنه الذي أقر نقل والده إلى المستشفى دون أية تفاصيل.
وبحلول الرابع من سبتمبر 2018 انتشرت الكثير منَ الأخبار التي تُفيد بأنّ النيابة العامّة السعودية قد طالبت بإعدام الشيخ العودة وذلكَ بعدما وجّهت له 37 تهمة بما في ذلك اتهامات تتعلقُ بالإرهاب فيما لم يصدر أي تأكيد أو نفي لهذا الخبر من الجهات الرسميّة المعنية بالأمرِ.
وفي سياق مماثل، حددت السلطات السعودية موعدًا لجلسة محاكمة جديدة ضد الناشط الحقوقي، محمد العتيبي، يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول، الجاري في قضية “زيارة قطر”.
كانت زوجة العتيبي أفادت بتثبيت حكم بالسجن 14 عامًا ضد زوجها، في الجلسة الماضية، بعد رفض القاضي الالتماس المقدم لوقف هذا الحكم.
وأعادت السلطات القطرية العتيبي قسرا إلى السعودية في 25 مايو/أيار2017 بعد شهرين من فراره إليهاوخضع لاحقا للمحاكمة في السعودية على ذمة اتهامات متصلة بعمله بمجال حقوق الإنسان، لا سيما تأسيس جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان، عام 2013 ولم يدم نشاطها طويلا.
واعتقلت السلطات السعودية منذ تولي ولاية العهد الأمير محمد بن سلمان، مئات المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين وغيرهم من قادة الرأي والفكر، وتنفذ حملات اعتقال جماعية بين الحين والآخر.
ورأى مجلس جنيف للحقوق والحريات أن هذه المحاكمات، تفتقر للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، فالمحكمة الجزائية بالأساس محكمة غير مستقلة، تشكلت تحت ذريعة مكافحة الإرهاب؛ لإقصاء وتغييب المعارضين وحملة الفكر السياسي المخالف لتوجهات النظام السعودي.
كما أن أغلب المحاكمات تتسم بالسرية، ويحرم فيها المتهمون من حقهم في الدفاع عن أنفسهم، أو توكيل محامين. ويتضح من متابعة وقائع الجلسات، أن السلطات السعودية، تستخدم هذه المحاكمات وتأجيلها المتكرر، كشكل عقابي ضد المعتقلين؛ لإطالة أمد الاعتقال؛ وإبقاءهم تحت ضغط التوتر والقلق من المستقبل وترقب الأحكام.
وعبر المجلس عن قلقه لما يرد من شهادات ومعطيات عن تعرض المعتقلين للتعذيب وإساءة المعاملة والاحتجاز في ظروف حاطة بالكرامة، والوفيات أثناء الاحتجاز.
وإذ جدد المجلس المجلس مطالبته بوقف هذه المحاكمات وتصويب أوضاعها القانونية، فإنه يدعو إلى الإفراج عن المعقلين وإنهاء ما يواجهونه من عقوبات وتنكيل.
ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته إزاء هذه الانتهاكات، ورفع الحماية عن الحكومة السعودية التي تقترف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وضمان وضع حد لنهج الإفلات من العقاب الذي تمارسه السلطات لحماية مقترفي الانتهاكات.
وطالب المجلس الأمم المتحدة بتفعيل آلياتها الخاصة، لوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، وفي مقدمتها عمليات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، والمحاكمات على خلفية حرية الرأي والفكر والمعارضة السياسية.
اقرأ أيضاً: منظمة العفو الدولية تطالب السعودية بالالتزام بالمحاكمات العادلة للمعتقلين