السعودية: مؤتمر “صندوق الاستثمارات العامة” يغسل الانتهاكات
(بيروت) – قالت اليوم خمس منظمات حقوقية، منها “هيومن رايتس ووتش” و”دون” (DAWN)، إن “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي (الصندوق) يرعى مؤتمرا استثماريا في ميامي ويمعن في غسيل السجل الحقوقي المروع للمملكة. ستعقد مؤسسة “مبادرة مستقبل الاستثمار” التابعة للصندوق “قمة الأولويات” في ميامي من 19 إلى 21 فبراير/شباط 2025.
سهّل الصندوق انتهاكات حقوقية واستفاد منها، وتستخدمه الحكومة السعودية باستمرار لغسيل انتهاكاتها. الصندوق هو الشريك المؤسس لـ مبادرة مستقبل الاستثمار، وهي مؤسسة غير ربحية تعيّن الحكومة السعودية مجلس أمنائها، وتضم مسؤولين حكوميين كبار. في 2023 و2024، فتح “مجلس الشيوخ” الأمريكي تحقيقا بشأن النفوذ الذي تمارسه السعودية في الولايات المتحدة من خلال استثمارات صندوق وفحَص مخاطر استثمارات الصندوق في الاقتصاد الأمريكي.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: “استخدم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لسنوات سلطته المطلقة على صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يبلغ حجمه تريليون دولار تقريبا لتغطية انتهاكاته وغسلها. استضافة مؤتمر استثماري براق في ميامي هو أحدث مثال على هذا النوع من غسيل الصورة”.
ستعقد مبادرة مستقبل الاستثمار النسخة الثالثة من قمة الأولوية في ميامي تحت عنوان “حدِّد هدف الاستثمار” (Invest with Purpose) وتقول إن المؤتمر “حافز لخلق نماذج أعمالٍ رؤيوية، وسياسات عامة جريئة، وأطر عمل قابلة للتنفيذ”. توفر القمة منصة لرجال الأعمال، والمستثمرين، والمشاهير البارزين لدعم الحكومة السعودية مع تجاهل سجلها في حقوق الإنسان.
قالت المنظمات الحقوقية إنه ينبغي لرجال الأعمال والمستثمرين والمشاهير الذين سيحضرون اجتماع مبادرة الاستثمار في ميامي ألا يتجاهلوا الانتهاكات المرتبطة بالصندوق عند تقييم الاستثمارات، والتحدث علنا عن انتهاكات الحكومة السعودية.
قالت سارة لي ويتسون، المديرة التنفيذية لـ دون: “تتحمل الشركات التي تحضر القمة مسؤولية ضمان عدم مساهمة استثماراتها مع صندوق الاستثمارات العامة في الانتهاكات الحقوقية، ويبدأ ذلك بالعناية الواجبة الجادة بشأن سجل الصندوق الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان بحق المواطنين السعوديين. من توفير الطائرات التي استُخدمت لنقل قتلة جمال خاشقجي لتعذيبه وقتله وصولا إلى مصادرة أصول 20 شركة سعودية تعسفا، يرتبط الصندوق بشكل عميق بالسجل الحقوقي المروع للحكومة السعودية”.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن السعودية تستخدم استثمارات الصندوق في الولايات المتحدة أداةً للقوة الناعمة والنفوذ السعوديَّين. تساهم هذه الاستثمارات في بناء دعم مطلق لأجندة ولي العهد، وتطمس السجل الحقوقي السعودي، وتقوّض المؤسسات التي تسعى إلى إخضاع أنشطة الصندوق للشفافية والمساءلة. تشكّل استثمارات الصندوق، مثل “ليف غولف”، أساسا في محاولات السعودية بناء مكانتها ونفوذها في الخارج.
يُسيطر ولي العهد على الصندوق، الذي سهّل انتهاكات حقوقية وانتفع منها. استخدم ولي العهد القوة الاقتصادية للصندوق لارتكاب انتهاكات حقوقية خطيرة واستثمارات في الفعاليات الرياضية الأجنبية لغسل الأضرار التي لحقت بسمعة المملكة. وجدت هيومن رايتس ووتش أن ولي العهد يمارس هذه القوة الاقتصادية الهائلة بطريقة تعسفية وشخصية جدا بدل تحقيق مصلحة الشعب السعودي.
فصّلت تحقيقات منظمة دون كيف استخدم ولي العهد الصندوق لتسهيل الانتهاكات ضد المواطنين السعوديين، بالمصادرة غير القانونية والتعسفية لأصول 20 شركة سعودية على الأقل، وتعذيب العديد من رجال الأعمال وسجنهم، وتوفير الطائرات المستخدمة لنقل قَتَلة جمال خاشقجي إلى إسطنبول، حيث قتلوه في القنصلية السعودية عام 2018. كشفت دون أيضا عن دور الصندوق في توجيه مليارات “الاستثمارات” إلى منتجعات الغولف الخاصة بالرئيس ترامب، وكذلك إلى كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين.
زعم تحقيق نشرته صحيفة “ميامي هيرالد” في يناير/كانون الثاني 2025 إن عمدة ميامي فرانسيس سواريز استخدم مكتبه لاستضافة قمة الأولويات التي تنظمها مبادرة مستقبل الاستثمار في مارس/آذار 2023. راسلت هيومن رايتس ووتش مكتب العمدة سواريز في 5 فبراير/شباط 2025 للسؤال عن علاقته بالصندوق والسلطات السعودية، لكنها لم تتلق أي رد.
وفقا لـ مبادرة مستقبل الاستثمار، هذا الاجتماع هو محرك للعمل “يشكّل مستقبل الإنسانية الجماعي”، ويوفر منصة “لشخصيات عالمية للاجتماع لترجمة القضايا الملحة مح التي تجذب الاهتمام العالمي إلى استراتيجيات ملموسة” و”مكان لتبادل شفاف حول أكثر قضايا العالم إلحاحا”. لا توجد معلومات تشير إلى أنها تتضمن نقاشا مفتوحا أو شفافا حول السجل السعودي في حقوق الإنسان، كما أنه لم يُحدد موعدا لتحدث أي مراقبين مستقلين أو منتقدين للسجل الحقوقي السعودي.
طلبت هيومن رايتس ووتش حضور القمة، لكن المنظمين قالوا إنهم “ليسوا في وضع يسمح لهم بالرد على طلبكم في الوقت الحالي”. ما يزال طلب دون لحضور القمة “رهن الانتظار حتى وقت كتابة هذا التقرير.
بصفته كيان حكومي، يقع على الصندوق واجب دعم التزامات السعودية الدولية في حقوق الإنسان. تتحمل الشركات مسؤولية تجنب التسبب في ضرر بحقوق الإنسان أو المساهمة فيه. تماشيا مع هذه المسؤوليات، على الشركات إجراء العناية الواجبة الشاملة والمستقلة بشأن حقوق الإنسان قبل أي تعامل مع الصندوق، وعليها الامتناع عن الأنشطة التي تعزز سمعة الكيانات الحكومية أو المسؤولين المتهمين مؤخرا وبشكل موثوق بارتكاب انتهاكات خطيرة. عندما تكون الآثار السلبية الخطيرة على حقوق الإنسان الناجمة عن التعامل مع الصندوق أمرا لا مفر منه، على الشركات تعليق مشاركتها.
المنظمات الموقعة
- دون
- القسط لحقوق الإنسان
- مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط
- منَّا لحقوق الإنسان
- هيومن رايتس ووتش