الأورومتوسطي يدعو لتحقيق عاجل باقتحام الأمن الكويتي السجن المركزي
جنيف- دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات الكويتية إلى فتح تحقيق عاجل في حادثة اقتحام قوات أمنية كويتية أحد عنابر السجن المركزي في منطقة “الصليبية”، والاعتداء العنيف على بعض الموقوفين والسجناء، واصفًا الحادثة أنّها “سابقة خطيرة قد تعكس الانتهاكات غير المعلنة داخل السجون الكويتية”.
وقال المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف بيانٍ صحفيٍ اليوم، إن عددًا من أفراد الأجهزة الأمنية اقتحمت ليلة الإثنين الماضي 12 تشرين الأول/ أكتوبر سجن رقم (3) عنبر رقم (2) في السجن المركزي الواقع في منطقة “الصليبية”، واعتدت على عددٍ كبيرٍ من النزلاء المتواجدين في العنبر بالضرب على الوجه والرأس دون مراعاة للحالة الصحية خاصة لكبار السن منهم، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم نُقلوا فيما بعد إلى مستشفى “الفروانية”.
وفي إفادته لفريق الأورومتوسطي، قال أحد أقارب أحد السجناء في عنبر رقم (2)، إن القمع الذي نفّذته قوات الأمن في السجن المركزي جاء على خلفية تصوير أحد السجناء عملية تفتيش غير اعتيادية عنيفة نفّذتها قوة مدجّجة بأدوات القمع، إذ طلب أحد ضباط الأمن من السجين تسليم هاتفه النقّال الذي كان يصّور به، فطلب السجين بعض الوقت لحذف بعض الصور الشخصية، ولكن الضابط رفض الطلب. اقتحمت عقب ذلك وحدة مكافحة الشغب العنبر واعتدت على النزلاء بالضرب المبرح بالعصي، وباستخدام القنابل المسيلة للدموع ورذاذ الفلفل، ما أدى الى إصابة سجينين بكسور و20 آخرين بإصابات متفرقة، كما أتلفت القوات ببعض الممتلكات الخاصة بالنزلاء.
تواصل فريق الأورومتوسطي مع ناشط حقوقي كويتي (فضّل عدم الكشف عن هويته)، إذ أفاد أنّ إدارة السجن المركزي تمنع الأهالي من زيارة المسجونين منذ أكثر ثمانية أشهر بشكلٍ تعسفي بحجة إجراءات الوقاية من فيروس “كورونا”. ورغم أنّ قطاعات الدولة كافة تعمل بشكل طبيعي ضمن خطة التعايش مع الفيروس، إلا أنّ قرار منع زيارة السجناء ظل قائمًا حتى الآن.
وتابع: “بقي التواصل مع السجناء من خلال الهواتف المحمولة التي يتم تهريبها إلى داخل السجن بأثمان باهظة في استغلال لحاجة المسجونين الماسة للتواصل مع ذويهم، لكنّ الأجهزة الأمنية تعتدي على السجناء وتصادر وسيلتهم الوحيدة للتواصل مع ذويهم في ظل منع الزيارة”.
من جانبه، انتقد المستشار القانوني لدى الأورومتوسطي “محمد عماد” بيان وزارة الداخلية الكويتية بشأن الحادث، والذي نفت فيه اعتداء عناصرها على النزلاء، ووصفت الحادث بـ”اشتباك بين الأمن والنزلاء”، مؤكدًا على عدم جواز استخدام القوة في مواجهة النزلاء، وضرورة التعامل وفق القانون مع أي حوادث شغب أو مخالفات تصدر من النزلاء داخل السجون.
ولفت “عماد” إلى أنّ اعتقال شخص بناءً على جريمةٍ اقترفها لا يعني مطلقًا انتهاك حقه في الأمان الشخصي، والمعاملة الدنيا التي كفلتها القوانين المحلية والدولية للموقوفين والنزلاء، مشدّدًا على أنّ محاسبة المتهمين تتم عبر المحاكم ووفق القانون وليس داخل الزنازين.
وأوضح أنّ تلك الممارسات العنيفة تخالف العديد من المواثيق القانونية الدولية والمحلية ومنها المادة (31) من الدستور الكويتي التي نصت على: “ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة”، والمادة (120) من قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960: “كل موظف عام استعمل سلطة وظيفته لمجرد الإضرار بأحد الأفراد يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تتجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
ولفت إلى أنّ نصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كفلت حقوق الموقوفين ومنها ما جاء في المادة (10): “يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني”. كما أن المادة (50) من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء أكدت على أنه “يجب أن تكون القوانين واللوائح التنظيمية التي تحكم إجراءات تفتيش السجناء والزنازين متوافقة مع الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي وأن تأخذ في الحسبان المعايير والقواعد الدولية، مع ضرورة ضمان الأمن في السجن”، كما أكدت المادة (52) من نفس القواعد على أنه “لا يُلجأ إلى إجراءات التفتيش الاقتحامي، بما في ذلك تفتيش الجسد العاري، وتفتيش تجاويف الجسم إلا في حالات الضرورة القصوى”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السطات الكويتية إلى إصدار توجيهات مشدّدة لإدارات السجون بضرورة احترام حقوق النزلاء وإعطائهم المساحة الكافية للتمتع بحقوقهم المكفولة في القانون الكويتي والدولي على حدٍ سواء.
كما حث السلطات على محاسبة جميع الأشخاص المتورطين في الحادثة، بما يضمن عدم تكرارها مرة أخرى، وفرض إجراءات رقابية صارمة على عمل إدارات السجون للتأكد من صون حقوق السجناء وتمتعهم بحقوقهم كافة.