الحوثيون يواصلون اعتقال موظفي الأمم المتحدة في اليمن وسط أزمة إنسانية خانقة
في تصعيد جديد ضد المنظمات الدولية، داهمت قوات تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) مكاتب تابعة للأمم المتحدة في اليمن، واعتقلت ما لا يقل عن 19 موظفًا أمميًا في 31 أغسطس/آب، وفق ما أكدته مصادر أممية وحقوقية. ويضاف هؤلاء إلى عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المجتمع المدني الذين اعتقلوا منذ عام 2024، ما يهدد بشكل مباشر استمرار المساعدات الحيوية لملايين اليمنيين.
وبحسب تقارير حقوقية، جاءت حملة الاعتقالات بعد ثلاثة أيام من هجوم إسرائيلي على العاصمة صنعاء، أسفر عن مقتل رئيس وزراء الحوثيين أحمد الرهوي وعدد من الوزراء. ورغم أن القانون الإنساني الدولي يحظر استهداف المسؤولين المدنيين إلا إذا شاركوا مباشرة في أعمال قتالية، لم تُقدَّم أي مؤشرات على أن الرهوي أو الوزراء المستهدفين كانوا أهدافًا عسكرية مشروعة.
ويبدو أن الحوثيين استخدموا هذا الحدث لتبرير تصعيد قمعي في مناطق سيطرتهم، شمل مداهمة مكاتب الأمم المتحدة واعتقال موظفيها بدعوى “التجسس”، وهي اتهامات لم تُدعَّم بأي أدلة، بحسب “هيومن رايتس ووتش”.
وأفادت المصادر بأن بعض الموظفين احتُجزوا داخل مكاتب الأمم المتحدة نفسها لعدة أيام قبل نقلهم، دون السماح لهم بالاتصال بمحامين أو بأسرهم. وحتى من تمكن من التواصل، فعل ذلك لفترات قصيرة ومتقطعة. معظم المعتقلين قضوا سنوات في العمل الإنساني والإغاثي، ما يجعل الاتهامات الموجهة إليهم محل تشكيك واسع.
وتأتي هذه التطورات في وقت يعتمد فيه ملايين اليمنيين على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة، في ظل أزمة إنسانية تُصنَّف من بين الأسوأ عالميًا. وكانت الأمم المتحدة قد اضطرت في فبراير/شباط الماضي إلى تعليق أنشطتها في محافظة صعدة عقب اعتقال موظفيها هناك، وهو ما أثار مخاوف من توسع نطاق تعطيل عمليات الإغاثة هذه المرة.
وقالت منظمات حقوقية إن المستفيد الأول من هذه الاعتقالات ليس الحوثيين وحدهم، بل الأطراف المتحاربة كافة التي تسعى إلى إخضاع المدنيين في بلد يعيش حربًا مستمرة منذ أكثر من 11 عامًا.
ولا تقتصر تبعات هذه الاعتقالات على المعتقلين وعائلاتهم، بل تمتد لتشمل عموم اليمنيين، حيث يهدد تعليق المساعدات بتفاقم أزمات الجوع والعطش ونقص الدواء. وفي ظل غياب أي مسار واضح لحل النزاع، يبقى المدنيون هم الحلقة الأضعف، مجبرين على تحمل كلفة حرب طويلة الأمد وقمع متواصل من جميع الأطراف.