العفو الدولية تطالب الحكومة العراقة بالالتزام بأقوالها المتعلقة بحقوق الإنسان

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طالبت منظمة العفو الدولية في رسالة مفتوحة الحكومة العراقية الجديدة بانتهاج نهج مختلف عن الحكومات السابقة.

حيث كانت الحكومات المنتهية قد أخفقت فيما يتعلق بالعدالة والحقيقة والتعويض، وأن تتصدى لانتهاكات حقوق الإنسان المتفشية في العراق.

وقد أعلن رئيس الوزراء التزامه في مناسبتين على الأقل بحماية الحريات العامة وحقوق الإنسان.

لكن بعد أقل من عدة أشهر من تولي إدارته السلطة، أنشأت وزارة الداخلية آليات جديدة لمراقبة “المحتوى الهابط” على وسائل التواصل الاجتماعي.

أدى ذلك إلى إصدار المحاكم أحكاماً بالفعل على ستة أشخاص بالسجن لممارستهم حقهم في حرية التعبير.

وحثّت المنظمة الحكومة على ضمان إحراز تقدم ملموس في عملية المساءلة المتوقفة عن حملة قمع الاحتجاجات في 2019.

وطالبت بإعطاء الأولوية للقضايا التي طال أمدها مثل حصول النازحين على سُبل كسب العيش، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وأحكام الإعدام الصادرة بعد محاكمات جائرة.

وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية “إنَّ المعيار الحقيقي لالتزام الحكومة بحقوق الإنسان ليس في الوعود التي تقطعها، بل في الإجراءات التي تتخذها”.

وأضافت: “إنَّ شعب العراق يستحق أكثر من مجرد خطب فارغة وحلقات مفرغة من الانتهاكات”.

وتابعت مجذوب بقولها: “إنها علامة مقلقة أنه وبعد بضعة أشهر فقط، بدأت حكومة السوداني حملة للقضاء على (المحتوى الهابط) على الإنترنت”.

وأوضحت: “أدى ذلك إلى مقاضاة أشخاص بعد نشر مقاطع فيديو غير مؤذية لأنفسهم وهم يرقصون ويطلقون النكات”.

واستطردت ممثلة العفو الدولية بقولها: “في الوقت عينه، لم يتم بعد تقديم أولئك الذين ارتكبوا جرائم خطيرة مثل الاختطاف والتعذيب والقتل في سياق احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019 إلى العدالة”.

في يناير/كانون الثاني 2023، شكلت وزارة الداخلية لجنة لمراقبة ما تعتبره محتوى “هابط” على وسائل التواصل الاجتماعي وإحالة الأفراد إلى المحاكمة بموجب مواد قانون العقوبات التي تُجرّم أفعال مُخلّة بـ”الآداب العامة”.

كما أنشأت منصة “بلّغ”، وهي منصة يمكن للناس من خلالها الإبلاغ عن “المحتويات الإعلامية المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي وتتضمن إساءة للذوق العام وتحمل رسائل سلبية تخدش الحياء وتزعزع الاستقرار المجتمعي”.

وأحالت اللجنة ما لا يقل عن 16 قضية للتحقيق الجنائي من قبل السلطات القضائية وبناءً على شكاوى على منصة “بلّغ”.

وقد حكمت السلطات بالفعل على ستة أفراد بالسجن بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي فيما تحقق مع ثمانية آخرين.

وذكرت وكالة فرانس برس أن بعض الأفراد الذين جرت محاكمتهم كانوا معروفين بإنشاء محتوى يتعلق بالموسيقى والكوميديا.

وتواصل المحاكم الجنائية مقاضاة الأشخاص بسبب تعبيرهم عن آراء سياسية انتقادية.

ففي 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، حكمت محكمة جنائية في بغداد على حيدر الزيدي البالغ من العمر 20 عامًا بالسجن ثلاث سنوات بسبب تغريدة تنتقد نائب قائد وحدات الحشد الشعبي الراحل.

وحُكم على الزيدي بموجب المادة 226 من قانون العقوبات، والتي تنصّ على التالي:

“يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس أو الغرامة مَن أهان بإحدى طرق العلانية مجلس الأمة أو الحكومة أو المحاكم أو القوات المسلحة أو غير ذلكَ من الهيئات النظامية أو السلطات العامة أو المصالح أو الدوائر الرسمية أو شبه الرسمية”.

ونفى الزيدي نشره للتغريدة. وأدى اعتقال الزيدي في ديسمبر/كانون الأول إلى اندلاع مظاهرات في الناصرية، محافظة ذي قار.

أطلقت فيها شرطة مكافحة الشغب الذخيرة الحية على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل ثلاثة منهم.

ومنذ ذلك الحين، أطلق سراح الزيدي وأسقطت التهم الموجهة إليه بعد أن تنازلت وحدات الحشد الشعبي عن الشكوى ضده، بعد اجتماع بين مسؤول في الحشد الشعبي وعائلته.

خلال حركة الاحتجاج التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وثقت منظمة العفو الدولية موجة من الانتهاكات الفتاكة التي ارتكبتها قوات الأمن العراقية، بما في ذلك فصائل من وحدات الحشد الشعبي.

وأسفرت حملة القمع الوحشية هذه، التي امتدت لأشهر والتي يشار إليها باسم “تظاهرات تشرين”، عن وقوع مئات القتلى وإصابة آلاف الجرحى، بما في ذلك من خلال عمليات القتل المستهدف والتعذيب.

وفي الوقت عينه، تعرض الناجون وأفراد أسرهم الذين يسعون إلى تحقيق العدالة للهجمات والترهيب، مما دفع بعضهم إلى الفرار إلى خارج البلاد.

وحتى الآن، لم تُنشر أي إعلانات عن نتائج اللجان العديدة التي أنشئت للتحقيق في الانتهاكات.

وفي 15 فبراير/شباط، أمر رئيس الوزراء السوداني بتسريع التحقيقات في “أحداث تظاهرات تشرين 2019”.

ودعت منظمة العفو الدولية رئيس الوزراء إلى ضمان إحراز تقدم ملموس في إجراءات المساءلة عن هذه الانتهاكات الجسيمة التي وقعت منذ ما أكثر من ثلاث سنوات، وتقديم المعتدين إلى ساحة العدالة على وجه السرعة.

العنف القائم على النوع الاجتماعي هو مصدر قلق طويل الأمد في العراق، حيث توثق منظمات حقوق المرأة العراقية في كثير من الأحيان حوادث ما يسمى بـ “جرائم الشرف” وغيرها من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وسلّط مقتل طيبة علي (22 عامًا) مؤخرًا على يد والدها في يناير/كانون الثاني الضوء على الحاجة الملحة لأن يعطي العراق الأولوية لاتخاذ إجراءات ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك إصدار قانون للحماية من العنف الأسري يتماشى مع المعايير الدولية.

يواجه النازحون في العراق العديد من التحديات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي ونقص فرص كسب العيش والعقبات في الحصول على الوثائق الأساسية.

فبين عامي 2020 و2021، أغلقت وزارة الهجرة والمهجرين على عجل مخيمات النازحين داخليًا، على الرغم من الصعوبات الخطيرة التي تحول دون عودتهم الآمنة إلى ديارهم.

ولا يزالون يواجهون مخاطر الاعتقال التعسفي وغيره من المضايقات من قبل الجهات المسلحة وقوات الأمن، ونقص فرص كسب العيش، والعقبات في الحصول على الوثائق المدنية الأساسية الضرورية لحرية التنقل والحصول على العديد من الخدمات الأساسية.

ودعت منظمة العفو الدولية الحكومة إلى وضع حد لهذا التمييز وضمان العودة الآمنة لجميع النازحين، بمن فيهم أولئك الذين أعيدوا من شمال شرق سوريا.

يتواصل صدور أحكام بالإعدام، حيث حُكم على ما لا يقل عن 20 شخصًا بالإعدام منذ تولي حكومة السوداني السلطة.

وتعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات من دون استثناء بغض النظر عن طبيعة الجريمة أو سمات الجاني أو الطريقة التي تستخدمها الدولة لتنفيذ الإعدام.

فعقوبة الإعدام تُشكل انتهاكًا للحق في الحياة وهي أقصى أشكال العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة.

وختمت آية مجذوب حديثها بالقول: “أمام رئيس الوزراء فرصة لوضع حد للممارسة الوحشية للعراق في الحكم على الأشخاص بالإعدام”.

وقالت في ختام حديثها: “غالبًا بعد محاكمات بالغة الجور، وذلك بالإعلان عن وقف تنفيذ جميع عمليات الإعدام تمهيدًا لإلغاء عقوبة الإعدام بالكامل”.

قد يعجبك ايضا