الحكومات تستهدف مواطنيها بأساليب “القمع العابر للحدود”
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن الحكومات حول العالم تتخطى حدودها وتنتهك الحقوق الإنسانية لمواطنيها الحاليين أو السابقين لإسكات المعارضة أو ردعها. هذه الانتهاكات تمنع الأفراد من إيجاد الأمان لأنفسهم وأُسرهم.
وأكدت المنظمة أن على الحكومات والمؤسسات الدولية اتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة ما يُعرف عادة بـ “القمع العابر للحدود” دون المس بحقوق الإنسان بشكل غير مقصود.
تقرير “’سَنَجِدك‘: لمحة عن قمع الحكومات بحق مواطنيها في الخارج”، الصادر في46 صفحة، هو تحليل يرتكز على الحقوق وينظر في استهداف الحكومات للمعارضين، والنشطاء، والخصوم السياسيين، وغيرهم ممن يعيش خارج البلاد.
راجعت هيومن رايتس ووتش عمليات قتل، وإبعاد، وخطف، وإخفاء قسري، وعقاب جماعي بحق الأقارب، واستغلال للخدمات القنصلية، وهجمات رقمية.
كما يسلط التقرير الضوء على استهداف الحكومات للنساء الهاربات من الظلم وإساءة استخدام “الإنتربول” من قبل الحكومات.
قال برونو ستانيو، كبير مسؤولي المناصرة في هيومن رايتس ووتش: “على الحكومات، والأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية الاعتراف بالقمع العابر للحدود كخطر على حقوق الإنسان”.
وأضاف “عليها إعطاء الأولوية لاستجابات سياسية جريئة تحترم إطار حقوق الإنسان وتدافع عن حقوق الجماعات والأفراد المتأثرين”.
يضم التقرير 75 حالة، كانت هيومن رايتس ووتش قد وثقتها سابقا، ارتكبتها أكثر من 20 حكومة، منها إثيوبيا، وأذربيجان، والإمارات ، وإيران، والبحرين، وبيلاروسيا، وتايلاند، وتركمانستان وتركيا، والجزائر، وجنوب السودان، ورواندا، وروسيا، والسعودية، والصين، وطاجكستان، وكازاخستان، وكمبوديا، ومصر. هذه القضايا لا تمثل جميع الحالات، إنما تقدم لمحة عن الحالات في أربع مناطق.
آثار القمع العابر للحدود قد تكون واسعة النطاق، ما يؤثر سلبا على الحق في كل من حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات للمستهدَفين أو الذين يخشون الاستهداف.
تُظهر الحالات التي راجعتها هيومن رايتس ووتش كيف تستهدف الحكومات الحقوقيين، والصحفيين، ونشطاء المجتمع المدني، والخصوم السياسيين، وغيرهم ممن تعتبرهم تهديدا.
إذ قالت السلطات الحكومية لأحد المعارضين: “سنجدك، وسنقتلك”. اختفى بعدها بوقت قصير، وما زال مكانه مجهولا حتى اليوم.
العديد من الضحايا طالبو لجوء أو لاجئون في بلدان جديدة. قال مسؤولون حكوميون لأحد الضحايا، من البلد نفسه، إنه “سيموت” إذا ما تحدث علنا. قد تصبح عائلات الأشخاص المستهدفين الذين بقوا في وطنهم ضحايا أيضا.
قال أحد المستهدفين: “إن لم يتمكنوا من القبض عليك، يقبضون على أقاربك”.
وجد بعض الضحايا أنفسهم وقد عادوا إلى أيدي الحكومات التي هربوا منها سابقا بعد عمليات تسليم غير قانونية إلى البلد الذي يحملون جنسيته.
كما تنفذ الحكومات عمليات خطف وإخفاء قسري. اختُطف أفراد من أمام بيوتهم أو أثناء وجودهم على متن رحلات طيران. وقد أدى الإخفاء القسري إلى انتهاكات حقوقية جسيمة أخرى، مثل التعذيب والإعدام خارج القضاء.
سَعَت بعض الحكومات إلى إعادة أشخاص عبر “منظمة الشرطة الجنائية الدولية” (الإنتربول) من خلال إصدار “نشرة حمراء”، وهي طلب غير ملزِم يقدَّم إلى أجهزة الأمن في جميع الدول الأعضاء في الإنتربول لتحديد مكان شخص واعتقاله مؤقتا.
وقد أصدرت نشرات حمراء لأسباب سياسية، منها نشرات تخالف قواعد الإنتربول ومعاييرها، بتهم لا أساس لها، لتجنيد حكومات أخرى لتحديد مكان الأفراد المستهدفين في الخارج.
استهدفت الحكومات أفرادا لم يغادروا البلاد من أسر المعارضين انتقاما لنشاطات المعارضين في الخارج. تعرض الأقارب للمضايقة، والتهديد، والتوقيف والاحتجاز التعسفيين، ومنع السفر، أو حتى القتل.
استخدمت الحكومات برمجيات تجسس لمراقبة مدافع عن حقوق الإنسان أو مضايقة شخص على الإنترنت كان ينتقد الحكومة صراحةً. تتضمن هذه الأشكال الرقمية للقمع العابر للحدود انتهاكات جسيمة للحقوق، منها انتهاك الحق في الخصوصية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومات أن تضع الضحايا في مقدمة استجابتها لهذه الأشكال من القمع. عليها بشكل خاص التنبه للخطر والخوف اللذين يعيشهما اللاجئون. عليها شجب حالات القمع العابر للحدود عندما يكون ذلك آمنا، والتحقيق مع المسؤولين ومحاكمتهم، ووضع تشريعات جديدة إن لم تكن القوانين الحالية كافية.
وتابعت “ينبغي للأمم المتحدة أن تعين مقررا خاصا معنيا بالقمع العابر للحدود ليرفع التقارير حول مساعي الحكومات في مواجهة هذا القمع. على الإنتربول تحديد معايير حقوقية ملزِمة للحكومات الأعضاء لكي تتمكن من إصدار النشرات الحمراء، والتدقيق أكثر في وضع الحكومات ذات السجل الحقوق السيئ عندما تقدم نشرات حمراء”.
قال ستانيو: “يشرح بحث هيومن رايتس ووتش الآثار الواسعة للقمع العابر للحدود على حقوق الضحايا وأُسرِهم حول العالم. على الحكومات تخصيص موارد لفهم كيفية حصول القمع العابر للحدود على أرضها واتخاذ الخطوات اللازمة لحماية أولئك الذين جاؤوا طلبا للأمان”.