العفو الدولية تطالب بضمان الحق في المياة في الشرق الأوسط من خلال التخلص من الوقود الأحفوري
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – لدى الحكومات التزامات بدعم الحق في المياه حتى أثناء الأزمات.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان إرشادات مهمة لحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشأن المجالات التي يجب أن تكون أولوية في سياسات وممارسات المياه.
وذلك لضمان قدرتها على دعم الحق في المياه للأجيال الحالية والمستقبلية، لا سيما في سياق أزمة المناخ.
تؤدي أزمة المناخ إلى تفاقم كبير في ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقد وجدت دراسات تعليل تغير المناخ أن موجات الحر الأخيرة وحالات الجفاف المتكررة خلال السنوات في المنطقة أصبحت أكثر احتمالية و/أو أكثر شدة بسبب تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.
من المتوقع أن تزداد مستويات الجفاف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع ارتفاع مستويات الاحترار العالمي، وفقًا لدراسات أجرتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
إذا ارتفعت درجات الحرارة أكثر من 1.5 درجة مئوية، فمن المتوقع أن يصبح البحر الأبيض المتوسط، الذي يشمل أجزاءً من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، “مركزًا لتغير مستويات الجفاف” ويشهد “توسعًا في التضاريس الصحراوية والغطاء النباتي… مما يتسبب في تغييرات لا مثيل لها في العشرة آلاف سنة الماضية”، وفقًا للهيئة.
وطالبت منظمة العفو الدولية الحكومات بالمشارِكة في مؤتمر المناخ كوب 28، بما فيها الإمارات العربية المتحدة، الدولة المضيفة للمؤتمر، والمنتجة للوقود الأحفوري، اتخاذ خطوات ملموسة وجريئة لتجنب أسوأ الأضرار الناجمة عن أزمة المناخ.
حيث أن الوضع ينذر بندرة مثيرة للقلق في المياه، والتي تفاقمت بسبب تغير المناخ، بما في ذلك الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
هذا وأكدت العفو الدولية على أن تشمل هذه الخطوات التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بشكل عاجل، وتوفير التمويل المناخي القائم على حقوق الإنسان، وهما إجراءان حاسمان لضمان حق الناس في المياه في هذه المنطقة.
وقالت كريستين بيكرلي، مستشارة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “تواجه العديد من بلدان المنطقة أزمات، بما في ذلك الديون الهائلة، والدمار والأضرار الناجمة عن الصراعات، وتُفاقمها ندرة المياه الآن بسبب أزمة المناخ في منطقة أصبحت فيها المياه شحيحة أصلًا”.
وأضافت: “حتى الآن، كانت استجابة الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لضمان الحق في المياه غير كافية للأسف”.
يذكر أن تلبية حق الناس في المياه لا تعتمد فقط على كمية المياه المتوفرة، إنما أيضًا على كيفية إدارة الحكومات وتوزيعها للمياه المتاحة وحمايتها.
وفي سياق الأزمة المناخية، ينبغي على حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تكثيف جهودها لحماية وضمان إمدادات المياه الكافية، بما في ذلك من خلال ضمان المشاركة المجدية للفئات المحرومة والمهمشة.
حيث أن هذه الفئات ستتضرر بشكل غير متناسب من الأزمة، مثل المجتمعات الريفية ومزارعي الكفاف وصيادي الأسماك والعمال الأجانب، في التخطيط وتقديم المقترحات ورصد الوضع.
وقد وجد خبراء حقوق الإنسان مرارًا وتكرارًا أن الإهمال وسوء الإدارة والتمييز والهجمات على المواقع المائية قد ألحقت الضرر بحق الناس في المياه في المنطقة.
ومع ذلك، يجب أيضًا الاعتراف بأن بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لديها قدرات متفاوتة بشكل كبير للتعامل مع التحدي المشترك للأزمة المناخية، حيث يواجه بعضها تحديات مالية واقتصادية حادة بينما يتمتع آخرون، مثل الدولة المضيفة لمؤتمر المناخ، ببعض أعلى مستويات الدخل للفرد في العالم.
اليمن، على سبيل المثال، هو أحد أقل البلدان نموًا في العالم، في حين أن جيرانه، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، يحصدون أرباحًا هائلة من شركات الوقود الأحفوري الوطنية.
وهي الأخيرة تُفاقم فعليًا أزمة المناخ بإنتاجها الهائل من الوقود الأحفوري، ومع ذلك فهي تخطط لزيادة الإنتاج، على عكس ما هو مطلوب، لمعالجة أزمة المناخ.
يقدم هذا التفاوت، بالإضافة إلى سجلات حقوق الإنسان المزرية لهذه الدول، نظرة قاتمة لقدرة الأجيال الحالية والمستقبلية على التمتع بحقها في المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولا يقتصر التقاعس في مجال حقوق المياه على الدول المنتجة للوقود الأحفوري ذات الدخل المرتفع في الخليج فحسب.
ففي جميع أنحاء العالم، تتقاعس الحكومات، وخاصة البلدان الصناعية التي تتحمل المسؤولية التاريخية الأكبر عن الانبعاثات، عن اتخاذ خطوات كافية لحماية البشرية من تسارع تغير المناخ وآثاره المدمرة، وأبرزها الإخفاق في التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري والتوقف عن دعمها.
وأضافت بيكرلي قائلةً: “إن الحكومات في مؤتمر كوب 28، والذي تستضيفه إحدى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام الثاني على التوالي، لديها فرصة لاتخاذ خطوات حيوية للمساعدة في ضمان تلبية الحق في المياه في المنطقة الآن، وفي المستقبل”.
وقالت أيضاً: “يجب عليها أن تستجيب لنداء النشطاء ومجموعات المجتمع المدني من خلال الجمع بين التخلص التدريجي الكامل والسريع والعادل والممول من الوقود الأحفوري، ونهج قائم على حقوق الإنسان لتمويل المناخ، بما في ذلك زيادة تحسين التمويل لمساعدة الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط الأدنى كي تتكيف مع تغير المناخ”.
وتابعت: “يواجه الناس في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حاليًا الأضرار التي تلحق بحقوق الإنسان بسبب الجفاف، والحرارة الشديدة، وتفاقم ندرة المياه”.
واختتمت كريستين بيكرلي بقولها: “يجب ألا يتحول مؤتمر كوب 28 المعني بتغير المناخ إلى منصة للوعود الفارغة حيث تتظاهر الحكومات بأنها تتخذ خطوات، ولكنها في الواقع لا تفعل شيئًا”.
كما طالبت منظمة العفو الدولية الحكومات باحترام وحماية حق كل فرد في الحصول على المياه داخل أراضيها، بما في ذلك عن طريق منع وإدانة الهجمات على موارد المياه، وضمان المساواة في الحصول على مياه كافية وآمنة.