الأمم المتحدة تطالب العالم بإحلال السلام في العالم بدلاً من القتل
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – يشوب العالم الكثير من الحروب التي تسبب قتل النفس البشرية وانتهاك حقوق الإنسان والإنسانية، من اليمن إلى سوريا مرورا بالسودان وغزة وصولاً لأوكرانيا، وكله بلا رادع أو مانع.
استنكر فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، تجاوز الأطراف المتحاربة في جميع أنحاء العالم “حدود ما هو مقبول – وقانوني – على العديد من الجبهات”.
ووصف تورك ما يحدث بأنه ازدراء تام للآخر، ودوس حقوق الإنسان في جوهرها”. وأكد الحاجة الملحة “لإيجاد طريقنا للعودة إلى السلام”.
وفي تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان العالمية تحدث تورك عن الأوضاع في غزة والسودان من بين مناطق أخرى واصفاً الفجوة بين متطلبات التمويل الإنساني والموارد المتاحة تبلغ 40.8 مليار دولار.
وأشار المفوض إلى أنه يتم تمويل النداءات الإنسانية بمتوسط 16.1 بالمائة فقط ، في حين وصل الإنفاق العسكري العالمي العام الماضي إلى 2.5 تريليون دولار.
وقال إن البيانات التي جمعها مكتبه توضح أن عدد القتلى المدنيين في النزاعات المسلحة ارتفع بنسبة 72 بالمائة عام 2023، فيما تظهر أن نسبة القتلى من النساء تضاعفت ونسبة الأطفال تضاعفت ثلاث مرات مقارنة بالعام السابق.
وأضاف: “أصبح قتل واصابة المدنيين حدثا يوميا، وأصبح تدمير البنية التحتية الحيوية حدثا يوميا مدمرا ومتهورا”.
وتابع: “يطلق النار على الأطفال، وتُقصف المستشفيات، وتطلق القذائف الثقيلة على مجتمعات بأكملها، وإلى جانب كل ذلك (ينتشر) خطاب الكراهية والانقسام واللاإنسانية”.
وذكر المفوض السامي أنه يشعر بالفزع إزاء تجاهل القانون الدولي من قبل أطراف النزاع في غزة، التي تشهد “موتا ومعاناة غير معقولة”.
وقال إن أكثر من 120 ألف شخص في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، قتلوا أو أصيبوا نتيجة الهجمات الإسرائيلية المكثفة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقال: “إن الضربات الإسرائيلية المستمرة في غزة تسبب معاناة هائلة ودمارا واسع النطاق. استمر الحرمان التعسفي من المساعدات الإنسانية وعرقلتها، وتواصل إسرائيل احتجاز آلاف الفلسطينيين تعسفا. هذا يجب أن ينتهي.
وتستمر الجماعات الفلسطينية المسلحة في احتجاز العديد من الرهائن، وفي بعض الحالات في مناطق مكتظة بالسكان، مما يعرضهم هم والمدنيين الفلسطينيين لمزيد من المخاطر.
يجب إطلاق سراح هؤلاء الرهائن. تثير الأنماط التي وثقناها مخاوف جدية بشأن ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الجرائم الفظيعة”.
كما عبر تورك عن قلقه البالغ إزاء الوضع المتصاعد بين لبنان وإسرائيل، والذي أدى إلى نزوح ودمار واسع النطاق، في ظل تقارير عن مقتل 401 شخص في لبنان و25 شخصا في إسرائيل.
وكرر دعوته إلى وقف الأعمال العدائية وقيام الجهات الفاعلة ذات النفوذ باتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب حرب واسعة النطاق.
وفيما يتعلق بالسودان، قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن البلاد “يتم تدميرها أمام أعيننا”، مضيفا أن الأطراف أثارت التوترات العرقية، ومنعت المساعدات الإنسانية، واعتقلت المدافعين عن حقوق الإنسان، وتجاهلت بشكل صارخ حقوق شعبها.
وقال: “لقد أخطرت كلا الجنرالين بمسؤوليتهما في ارتكاب جرائم حرب محتملة وغيرها من الجرائم الفظيعة، بما في ذلك من خلال العنف الجنسي والهجمات ذات الدوافع العرقية”.
وأضاف: “إنهما مسؤولان في نهاية المطاف عن تأثير أفعالهما على المدنيين، بما في ذلك النزوح الجماعي، والمجاعة الوشيكة، والكارثة الإنسانية المتفاقمة”.
وبينما انخفضت حدة الأعمال العدائية في سوريا، أشار تورك إلى أنه لا توجد نهاية واضحة للصراع في الأفق.
وأشار إلى أن العائدين السوريين ما زالوا يواجهون مخاطر، مثل الاعتقال التعسفي والاحتجاز والابتزاز، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للحكومة، أو تلك التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة غير الحكومية.
كما كرر دعوته إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة الثلاثة عشر، إلى جانب العشرات من موظفي المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، الذين تم احتجازهم تعسفيا من قبل سلطات الأمر الواقع في اليمن.
وسلط المفوض السامي الضوء أيضا على التراجع المستمر لحقوق النساء والفتيات، مشيرا إلى أن المقاومة النشطة للمساواة بين الجنسين هي عامل رئيسي في إبطاء التقدم وحتى عكس المكاسب التي تحققت في تحقيق أهـداف التنمية المستدامة.
وبينما أشار على وجه التحديد إلى الاضطهاد المنهجي المستمر للنساء والفتيات في أفغانستان، والحملات العنيفة المبلغ عنها ضدهن في إيران، أكد تورك أنه “لا يوجد بلد محصن من التراجع في حقوق المرأة”.
وأضاف: “يجب على الجميع أن يكونوا يقظين وثابتين في مواجهة هذا الصد. وبنفس التصميم، يجب تحدي الروايات الضارة، وتبني الشمولية واحترام حقوق وكرامة الجميع، في كل مكان”.
وفي سياق تفصيل الأثر الواسع للصراعات على البيئة، قال تورك إنه بالإضافة إلى إلحاق معاناة لا تطاق على البشر، “فإن الحرب لها ثمن باهظ”.
وأضاف أنه يتم حرق الأراضي، ونشر التلوث الكيميائي للهواء والماء والتربة، وتدمير البنية التحتية المدنية خلال الحروب، فيما هناك خطر من وقوع كارثة نووية؛ “ويأتي هذا على رأس بعض أكبر التحديات التي تواجهها البشرية اليوم – تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث. ومع مرور كل يوم، تغلق نافذة الفرص المتاحة للإنسانية”.
وقال المفوض السامي إن أي شكل من أشكال خطاب الكراهية غير مقبول وخطير على التماسك الاجتماعي “ونذير بما هو أسوأ في المستقبل”.
وحذر من مخاطر معاداة السامية والتعصب المناهض للمسلمين، فضلا عن الخطاب المثير للانقسام والمعلومات المضللة التي تجعل المهاجرين واللاجئين كبش فداء للتحديات الأوسع في المجتمع، بما في ذلك القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
وقال: “لقد أصبح هذا الأمر شائعا بشكل خاص بين الشعبويين والمتطرفين اليمينيين في الحملات الانتخابية في أوروبا وأمريكا الشمالية وأماكن أخرى”.
كما أشار تورك إلى الهجمات اللفظية والتهديدات والأعمال الانتقامية العدوانية المتزايدة، والحملات العنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد المؤسسات والآليات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة بشكل عام، ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة، ومحكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية الدولية.
وقال: “هذا غير مقبول. لقد تم إنشاء هذه المؤسسات وتفويضها من قبل الدول على وجه التحديد للقيام بعملها الحاسم – ويجب على الدول تسهيل هذا العمل وحمايته من التدخل والهجوم غير المبرر”.
وأضاف: “أود أن يفكر كل واحد منا مليا في كيفية ضمان عدم تقويض إنجازات النظام متعدد الأطراف وقدرتنا على القيام بعملنا”.
وشدد المفوض السامي على أن وجود نظام قوي وفعال لحقوق الإنسان هو أمر أساسي للتعاون الفعال متعدد الأطراف ولبناء مستقبل أفضل للناس والكوكب.