ووتش: فيديوهات جديدة لإعدامات في شمال سيناء على ايدي الجيش المصري وحلفاؤه
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن الجيش المصري والميليشيات الموالية له، ارتكبت إعدامات جديدة خارج القضاء بحق مسلحين مشتبه بهم من (داعش).
تُظهر فيديوهات وصور، ثلاثة إعدامات غير قانونية بحق رجال مقيدين أو جرحى محتجزين. وهذا ينتهك القانون الإنساني الدولي ويرقى إلى مصاف جرائم الحرب.
قالت هيومن رايتس ووتش: “تنشر الميليشيات التابعة للجيش الفيديوهات للتفاخر بإعدام رجال مقيدين في الأسر”.
وأضافت: “الإفلات من المساءلة طوال العقد الماضي عن العمليات العسكرية في شمال سيناء، شجع مثل هذه الفظائع”.
ينبغي للسلطات المصرية فتح تحقيق شفاف ونزيه فورا في الانتهاكات المزعومة، ومعاقبة المسؤولين عنها بالشكل المناسب.
نظرا لغياب المساءلة من طرف الحكومة المصرية على هذه الانتهاكات الجسيمة لسنوات عديدة، ينبغي لشركاء مصر تعليق مساعداتهم الأمنية والعسكرية إلى أن تنتهي مثل هذه الانتهاكات ويُحاسَب الجناة.
حللت هيومن رايتس ووتش ثلاثة فيديوهات تتعلق بحادثتَي قتل نُشرت على صفحات “فيسبوك” و”تيك توك” تابعة لميليشيات موالية للجيش وأعضائها.
بالإضافة إلى فيديو رابع وثلاث صور مرتبطة بعملية القتل الثالثة قدمتها منظمة “مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان” الحقوقية المحلية.
تحققت هيومن رايتس ووتش من صحة الفيديوهات، التي تشير إلى أن عناصر من الميليشيات والجيش مسؤولون عن عمليات القتل.
يبدو أن الفيديوهات حديثة لكن لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من التوقيت الدقيق ومواقع القتل.
ظهرت الفيديوهات على الإنترنت لأول مرة بين 1 يوليو/تموز و19 أغسطس/آب. وحددت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ثلاث مناطق في شمال ووسط شمال سيناء ربما وقعت فيها أعمال القتل.
كما راجعت هيومن رايتس ووتش وحللت عشرات الصور والفيديوهات التي نشرتها نفس الجماعات المسلحة وغيرها من العناصر الذين يدّعون أنهم عناصر في هذه الجماعات على فيسبوك و”إنستاغرام” و”تيليغرام” و”تويتر” وتيك توك.
تُظهر عديد من الفيديوهات والصور عناصر الميليشيات المسلحين وهم في طريقهم إلى مواقع المعارك أو أثناء القتال.
حددت هيومن رايتس ووتش الموقعين الجغرافيين اللذين يظهران في الفيديوهات على صلة بمواجهات جرت مؤخرا أُبلغ عنها في أغسطس/آب على أنهما أقرب إلى قناة السويس.
كان المقاتلون الموالون للجيش يرتدون ملابس مدنية أو ملابس مختلطة مموهة ومدنية. وعديد منهم يستخدمون مركبات وسيارات دفع رباعي، وهي محظورة في معظم أنحاء سيناء دون إذن من الجيش.
يظهر على بعض هذه المركبات شعارات تلك الميليشيات مطبوعة على غطاء محركها.
في عديد من هذه الفيديوهات، يبدو أن الميليشيات كانت مصحوبة بمركبة أو مروحية عسكرية واحدة أو أكثر. وجنود وضباط بالزي الرسمي. رافقت بعض اللقطات عبارة “سُمح بالنشر”.
تُظهر بعض الصور جثثا، يُفترض أنها لمقاتلي داعش، مع عناصر من المليشيات يقفون بجانبها.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه نظرا إلى انهيار سيادة القانون بشكل واسع في شمال سيناء وسنوات من الانتهاكات، تثير هذه الصور تساؤلات خطيرة حول ما إذا كانت الجثث لرجال قُتلوا كذلك في إعدامات غير قانونية محتملة.
نُشر فيديو مدته 18 ثانية لإحدى عمليات القتل في 19 أغسطس/آب على صفحة فيسبوك بعنوان “المريّح انيوز”. تشير على ما يبدو إلى قرية المريّح في بئر العبد وسط شمال سيناء.
في الفيديو، يركع شاب يرتدي ثوبا تقليديا أبيض وبنطالا داكنا في منطقة صحراوية ويداه مقيدتان خلف ظهره.
يتكلم بلهجة سيناوية مع جلاديه، الذين يمكن سماعهم لكن لا يظهرون في الفيديو. يقول: “ارحموني برحمتكم. يا رحيم”.
يقول له الجلادون: “بص الناحية التانية” (انظر للجهة الأخرى)، ويطلقون النار عليه مباشرة.
يقول أحدهم: “لسه مخلصش (لم يمت بعد)، بينما كان الشاب ملقى على الأرض ورجلاه ترتجفان بشكل لاإرادي. أعقب ذلك جولة أخرى من الرصاص، وأمر أحد الجلادين: “فك إيديه”.
نشرت نفس الصفحة على فيسبوك فيديو آخر مدته 32 ثانية في 17 أغسطس/آب بعنوان “تصفية تكفيري”. وهو مصطلح يستخم لوصف عناصر داعش.
كما زودت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش بالفيديو نفسه، بدون الأغنية المضمنة في نسخة فيسبوك. وقالت إن النسخة أرسلت في مجموعة “واتساب” يديرها مقاتلون من الميليشيات في 16 أغسطس/آب.
يُظهر الفيديو شابا، قد يكون طفلا مراهقا، ملقى على الأرض في منطقة صخرية في حالة شبه واعية. يبدو ملطخا بالدماء وفاقدا ذراعه اليمنى، على ما يبدو نتيجة قتال حديث.
يستجوبه الجلاد الذي لا يظهر وجهه في الفيديو. يقول إن اسمه أنس وإنه من قبيلة التياها. بعد ذلك، أطلق الجلاد دفقة رصاصات من بندقية “كلاشنيكوف” حربية، ما أدى إلى مقتله فورا على ما يبدو.
في نهاية الفيديو، تظهر قدم وساق الجلاد لفترة وجيزة، ويظهر أنه يرتدي حذاء عسكريا وسروالا مموها. يبدو أن الجلاد أثناء استجوابه للمحتجز يتحدث بلهجة مصرية ليست من سيناء.
آخرون من حوله، لا يظهرون في الفيديو، ينادونه بـ “باشا”، وهو مصطلح يُستخدم عادة لمخاطبة ضباط الجيش. كل هذا يشير بقوة إلى أن ضابطا في الجيش نفّذ القتل غير القانوني.
بعد إطلاق النار، يقول الجلاد للآخرين: “اخلوا فورا”، ثم يكرر: “السلاح، السلاح، السلاح”. يرشد صوت آخر الآخرين إلى جمع سلاح لا يظهر في الفيديو، مما يشير إلى أن المجموعة ضمت ثلاثة رجال أو أكثر.
الفيديوهات الخاصة بعمليتَي الإعدام الأولى والثانية، ظهرا على شكل مقاطع في فيديو دعائي آخر أطول للميليشيات على صفحة أخرى موالية للجيش على فيسبوك تسمى “شبانة اليوم” في 19 أغسطس/آب.
سُجلت جريمة القتل الثالثة غير القانونية في فيديو وصور فوتوغرافية لحقته. يُظهر الفيديو رجلا أسيرا يجلس في مركبة عسكرية.
ويتحدث الرجل إلى مجموعة من عناصر الميليشيات وجنود الجيش خارج السيارة، بعضهم يستخدمون هواتفهم لتصويره.
أرسلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان إلى هيومن رايتس ووتش نسخة من الفيديو وقالت إنه نُشر لأول مرة في 1 يوليو/تموز من قبل “اتحاد قبائل سيناء”، أحد أكبر الميليشيات المتحالفة مع الجيش في شمال سيناء، لكنه حُذف فيما بعد.
وجدت هيومن رايتس ووتش أيضا الفيديو، ومدته 90 ثانية ويظهر فيه عنوان حساب تويتر الخاص بالمجموعة القبلية المسلحة، حين أعيد نشره في 1 يوليو/تموز على مجموعة تيليغرام تدعم داعش.
قرب نهاية جداله مع رجال المليشيا، يقول الأسير: “إذا أردت قتلي، اقتلني!” ورد أحد أعضاء الميليشيا: “من قال لك إننا سنقتلك؟”
يظهر الأسير نفسه ميتا، ملطخا بالدماء الجافة، على الأرض في منطقة صحراوية في صورتين نُشرتا في نفس اليوم من قبل مجموعتين على فيسبوك تحملان اسم المجموعتين: “اتحاد بئر العبد الرسمية”، و”شؤون القبائل الرسمية”.
يشير اسمها إلى ميليشيا متحالفة مع الجيش تعمل مع مكتب شؤون القبائل في “إدارة المخابرات العسكرية والاستطلاع”.
تصف جماعة بئر العبد نفسها على فيسبوك بأنها “فرقة قبلية قِتالية تعمل لتطهير سيناء من المتطرفين”. حُذفت الصور لاحقا من المجموعتين على فيسبوك.
منذ تموز/يوليو 2013، تصاعدت العمليات العسكرية المصرية في شمال سيناء ضد “ولاية سيناء”، الجماعة التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية.
أصبحت المنطقة فعليا منطقة عسكرية مغلقة حيث يُحظر العمل على التقارير المستقلة المتعلقة بها.
منذ منتصف العام 2020، فقد تنظيم داعش على ما يبدو جزءا كبيرا من معقله في شمال سيناء.
وتصاعدت عمليات الميليشيات التي يشرف عليها ويدعمها الجيش المصري في المناطق الصحراوية والجبلية للقضاء على مسلحي داعش المتبقين في مخابئهم.
وثّقت هيومن رايتس ووتش أن هذه المجموعات تتكون من زعماء عشائر ورجال محليين. بعضهم كان يعمل إلى جانب الجيش لسنوات لكن دون أن يشارك في عمليات قتالية.
لم تعلن الحكومة المصرية رسميا قط عن مشاركة الميليشيات المحلية في عملياتها رغم الاحتفاء بهذه المشاركة أحيانا في البرامج الحوارية والمسلسلات التي تحظى بشعبية.
وكذلك المنشورات غير الرسمية التي يوزعها الجيش على ما يبدو في شمال سيناء. تكاثرت أيضا حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تمثل هذه المجموعات.
وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا أن الأعمال العدائية في شمال سيناء، مع استمرار القتال بين قوات منظمة، ارتقت إلى مستوى النزاع المسلح غير الدولي.
ووثقت أيضا أن الأطراف المتحاربة خرقت قوانين الحرب وارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان.
كما وثّقت هيومن رايتس ووتش أنه، في البر المصري، قتلت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية في السنوات الأخيرة عشرات الإرهابيين المزعومين في إعدامات غير قانونية.
الحق في الحياة حق إنساني متأصل لا يمكن المساومة عليه، حتى في أوقات النزاع المسلح أو حالات الطوارئ. الإعدامات بإجراءات موجزة، أو غير القانونية، أو التعسفية ممنوعة بموجب نصوص القانون الدولي، بما فيها “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، و”الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب”، والمادة 3 المشتركة بين “اتفاقيات جنيف 1949”. مصر دولة طرف في هذه الصكوك والاتفاقيات جميعها.
قال كوغل: “على شركاء مصر الدوليين أن يربطوا بيع الأسلحة لمصر بالمساءلة وإنهاء الانتهاكات. عدم حديثهم علنا عن الفظائع المستمرة أو عدم اتخاذهم إجراءات ضدها يشجع بلا شك القوات الحكومية المصرية على ارتكاب جرائم حرب دون اكتراث”.