تكرار جرائم العصابات الصهيونية عام 1948 من قبل الجيش الإسرائيلي في غزة
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه يتوجب فتح تحقيق دولي عاجل في جرائم مروعة يرتكبها الجيش الإسرائيلي في مناطق توغلاته برًّا داخل قطاع غزة، بما في ذلك عمليات الإعدام الميدانية والتعذيب والتهديد باغتصاب نساء، وفق شهادات جمعها لمدنيين مُفرج عنهم.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أن قوات الجيش الإسرائيلي تنسخ جرائم العصابات الصهيونية إبان نكبة تهجير الفلسطينيين عام 1948، بما يشمل القتل العمد وحرق المنازل والممتلكات والتنكيل وتعمد إهانة وإذلال المدنيين عند اعتقالهم.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن القوات الإسرائيلية تقتحم بوحشية منازل المدنيين في الأحياء السكنية المكتظة، وتروع سكانها وتعتدي عليهم بالضرب وتعتقل المئات منهم دون اعتبار لحالة الأطفال والنساء والمرضى منهم.
وأظهرت شهادات جمعها المرصد الأورومتوسطي لعدد من المعتقلين الذين أُفرج عنهم لاحقًا أن القوات الإسرائيلية اعتقلتهم من منازلهم وجردتهم من ملابسهم ثم اعتدت عليه بالضرب المبرح بأسلاك الكهرباء والأسلحة الرشاشة، بالإضافة إلى رشهم بالمياه الباردة.
وقال الفتى “محمد محمود اسليم” (16 عامًا) لفريق الأورومتوسطي إن القوات الإسرائيلية اقتحمت منزلهم في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، بعد أن حوصروا بداخله لمدة أسبوع ونفد لديهم الطعام والماء بشكل كلي.
وذكر “اسليم” أن القوات الإسرائيلية قتلت على مدار أيام كل من حاول الخروج من منازل منطقة سكنهم، بمن في ذلك شقيقه، ثم اقتحموا المنزل ودمروا محتوياته وسط إطلاق نار كثيف، قبل أن يجمعوهم عراة ومقيدي الأيدي، واعتدوا عليهم جميعًا بالضرب الشديد، فيما ما يزال “اسليم” يجهل مصير والدته وشقيقاته اللواتي احتجزهن الجيش بمعزل عنهم.
وجمع فريق الأورومتوسطي إفادات وشهادات عن مداهمة قوات إسرائيلية خاصة مراكز تؤوي آلاف النازحين الفلسطينيين في مناطق متفرقة من مدينة غزة وشمالها، والإقدام على إعدام شبان بإطلاق الرصاص الحي من مسافة صفر عليهم بغرض القتل العمد.
وقال نازحون في مدرسة “القاهرة” التي تؤوي مئات النازحين غربي مدينة غزة لفريق الأورومتوسطي إن عدة سيارات مدنية تقل قوات إسرائيلية خاصة اقتحمت ساحة المدرسة أول أمس الجمعة، وقتلت وأصابت عدد من الشبان العزل.
وذكر النازحون أن القوات الإسرائيلية الخاصة أمرت جميع الرجال الموجودين في المدرسة بالتجمع الفوري والاصطفاف قبالتها، وبعد عملية استجواب سريعة مع الرجال، أُعدم أربعة منهم واعتُقل آخرون قبل أن تنسحب القوات من المدرسة.
وقال “محمد أبو مصطفى” إن ثلاثة أشخاص أحدهم قريبه والآخران من عائلتي “عبد الغفور” و”أبو زيد” تعرضوا للقنص بعد خروجهم لمساعدة أحد الجيران في منطقة (الشجاعية) شرق غزة، وتم تركهم ينزفون حتى الموت.
وقال نازحون آخرون في مدرسة “خليفة بن زايد” التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة إنهم تعرضوا لانتهاكات مماثلة أمس السبت.
وأفادوا بأن القوات الإسرائيلية اعتقلت عشرات الرجال والفتية ممن تبلغ أعمارهم 15 عامًا فما فوق، حيث تم تجريد المعتقلين من ملابسهم وتقييدهم ونقلهم إلى مكان لاستجوابهم وتعذيبهم، ثم الإفراج عن بعضهم والإبقاء على الآخرين محتجزين.
وقال شاب من المفرج عنهم (طلب عدم الكشف عن اسمه) إن القوات الإسرائيلية أمرتهم بخلع ملابسهم وعصبت أعينهم وقيدت أيديهم، ثم وضعتهم في شاحنات ونقلتهم إلى قبالة شاطئ ساحل البحر وأبقتهم في العراء لنحو 19 ساعة مقيدين دون حركة.
وذكر الشاب أنهم تعرضوا لعمليات تعذيب وتنكيل، بما في ذلك الضرب المبرح والشتائم وتهديدهم بإطلاق الرصاص على رؤوسهم، وكتابة أرقام على أيديهم، كما حرموا من شرب المياه لساعات طويلة.
لدى الإفراج عنهم، نُقلوا عراة إلى شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة، حيث أمرهم الجنود بالمشي سيرًا على الأقدم باتجاه مناطق وسط قطاع غزة.
وشملت الاعتقالات العشوائية التي شنها الجيش الإسرائيلي شابًا من ذوي الإعاقة يعاني من شلل نصفي وكان نزح من حي الزيتون في مدينة غزة إلى شقة أحد أقاربه وسط المدينة، لكن تم اعتقاله وشقيقه وما يزال مصيرهما مجهولًا.
وقالت السيدة (م.ز) من سكان حي الزيتون جنوب غزة والتي نزحت إلى مستشفى (شهداء الأقصى) في دير البلح، إن جنديًّا إسرائيليًّا صوب بندقيته باتجاه رأسها وهدد بقتلها رغم إبلاغها إياه أنها حامل خمسة أشهر، فيما أمرها الجندي بخلع ملابسها وهددها بالاغتصاب.
ومع مواصلته رصد المزيد من شهادات ضحايا جرائم الجيش الإسرائيلي واعتقالاته العشوائية، جدد المرصد الأورومتوسطي دعوته إلى فتح تحقيق عاجل في انتهاكات وجرائم إسرائيل بحق المدنيين، وطالب الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها في التحرك العاجل لإنقاذ النازحين وتوفير ممر آمن لخروجهم.
وشدد على أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، يتوجب على إسرائيل اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين، وضمان قدرتهم على توفير ظروف مرضية للسلامة والمأوى، مع التأكيد أن المدنيين الذين يختارون البقاء في المناطق المخصصة للإخلاء لا يفقدون حمايتهم ومن المحظور استهدافهم تحت أي مبرر.