سلطنة عُمان تقيّد عمل الجمعيات المدنية في البلاد

تُعدّ الجمعيات المدنية أداة مهمة لحماية حقوق الإنسان على الصعيدين المحلي والدولي على حد سواء.

وتسمح القوانين الوطنية في عُمان بتشكيل الجمعيات المدنية والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، إلا أنها تقيّد بشدة قدرتها على العمل في البلاد.

ولا تستطيع هذه المنظمات العمل بشكل مستقل في عُمان لأنها تخضع لرقابة مشددة من قبل الحكومة. نتيجة لذلك، فإن أي منظمة يمكن أن تهدد الحكومة، يتم حظرها.

من المهم الإشارة إلى أن المجتمعات المدنية، أدت دورًا مهمًا في الربيع العربي، حيث تحدّت الجهات المدنية الفاعلة الأنظمة القديمة وقادت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية.

لسوء الحظ، أدى ذلك إلى ازدياد القمع الوحشي من قبل الحكومة لقوى المعارضة، ومن بين ذلك تقييد عمل الجمعيات المدنية. على الرغم من أن الجمعيات الأهلية كانت تخضع للمراقبة من قبل، إلا أنها كانت أكثر استقلالية إلى حد كبير، وكان بإمكانها ممارسة هامش أوسع من حرية التعبير.

لذلك، يمكن ربط القيود الأخيرة المفروضة على هذه المنظمات باعتبارها استراتيجية لتجنب الاحتجاجات ضد الحكومة في المستقبل.

في عُمان، قد يتم إلغاء تسجيل الجمعية المدنية في حال قيامها بأنشطة خارج الأنشطة التي أنشئت من أجلها، مما يعني أن الجمعيات المدنية لا يمكنها التطور أو التوسع. وهذا يحدّ بشدّة من حريتها وقدرتها على تلبية احتياجات المجتمع المتغيرة.

بالإضافة إلى ذلك، يتم رفض تسجيل جمعية مدنية ما إذا كان عملها مشابهًا جدًا لعمل منظمة قائمة. تبرر السلطات هذا لأسباب تتعلق “بالكفاءة“، ولكن بالنظر إلى الدور الذي لعبه تجمع الجمعيات المدنية في الربيع العربي، فليس من المستبعد أن يكون هذا التنظيم مرتبطًا بضمان عدم قدرة المنظمات على اكتساب مزيد من القوة لمحاولة تغيير الوضع الراهن.

وفقًا للمرسوم الملكي الخاص بقانون الجنسية العمانية لعام 2014، يحق لوزارة الداخلية إسقاط الجنسية عن العمانيين الذين ينضمون إلى منظمات تعتبرها معارضة للمصالح الوطنية. وبالمثل، يسمح قانون الجزاء العماني لعام 2018 للسلطات احتجاز الأفراد الذين “يؤسسون أو يديرون أو يمولون منظمة تهدف إلى تحدي المبادئ السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأمنية للدولة“.

وبالتالي، على الرغم من أن الجمعيات المدنية قانونية، إلا أن حريتها مقيّدة بشدة من خلال المراقبة والعقاب الشديد. بسبب التهديد بالسجن والعقوبات غير القانونية، فإن الجمعيات المدنية العُمانية غير قادرة على العمل بكامل طاقتها ودعم حقوق الإنسان في البلاد.

بالنظر إلى أن عُمان لم توقع بعد على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فلا يوجد التزام قانوني من الدولة لتحسين وضعها.

ترتبط قدرة منظمات المجتمع المدني على العمل دون قيود بشكل مباشر بمدى ديمقراطية وحرية البلد. على هذا النحو، يمكن استخدام مستوى القيود المفروضة على الجمعيات المدنية كمؤشر لتقييم حالة حقوق الإنسان في مكان ما.

وقد صنف التحالف العالمي للجمعيات المدنية (سيفيكوس)، سلطنة عمان مرارًا وتكرارًا على أنها ذات مساحة مدنية مقموعة. على مقياس سيفيكوس من 0 إلى 100، حيث تعني 100 أن الفضاء المدني في البلاد مفتوح وحرّ تماماً، حصلت عُمان على 22 درجة في سنة 2023. هذه النتيجة المنخفضة مقلقة للغاية لأنها تعني أن  المساحة محدودة للجهات الفاعلة المدنية للتعبير عن معارضتها لانتهاكات حقوق الإنسان دون التعرض لخطر الاضطهاد.

علاوة على ذلك، منحت منظمة “فريدوم هاوس” في تقريرها لعام 2024 سلطنة عُمان درجة 1 من 4 في سؤال “هل هناك حرية للمنظمات غير الحكومية، لا سيما تلك التي تعمل في مجال حقوق الإنسان والحوكمة؟” وحصلت على درجة  24 من أصل 100 بحسب مقياس الحرية في تقرير المنظمة لعام 2024. تدل هذه التقييمات على مدى سوء أداء عُمان في تعزيز حرية المجتمعات المدنية وحماية الفضاء المدني.

من الواضح أن عُمان تحاول الحد من قدرة الجمعيات المدنية على مساءلة الحكومة عن انتهاكاتها. تحثّ منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان عُمان على ضمان أن تسمح سياساتها وتشريعاتها للجمعيات المدنية بالعمل بحرية.

كجزء من ذلك، من الضروري أن توقع عُمان على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لحماية الحقوق المدنية لمواطنيها والمقيمين فيها. كما يجب أن تكون الجمعيات المدنية مستقلة وحرّة في التعبير عن وجود انتهاكات. يجب على عُمان أن تنشئ بيئة مواتية للجمعيات المدنية والجهات الفاعلة المدنية والمدافعين عن حقوق الإنسان.

قد يعجبك ايضا