منظمات حقوقية تحذر من مزاعم الحكومة الجزائرية المضللة لتحسين صورتها
طالبت ثلاث جهات حقوقية في الجزائر الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، الامتثال لمسئوليتها، وفحص مزاعم الحكومة الجزائرية المضللة بشأن حالة حقوق الإنسان في البلاد.
وذلك أثناء الاستعراض الدوري الشامل لملفها الحقوقي أمام الأمم المتحدة.
وأشار مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والخدمة الدولية لحقوق الإنسان وتجمع عائلات المفقودين لأن السلطات الجزائرية تواصل حملة القمع المتصاعدة بحق منظمات المجتمع المدني المستقلة وحقوق الأفراد الأساسية في التجمع والتعبير.
وقد استعرضت تقارير الظل، المقدمة من منظمات حقوق الإنسان لهيئة الاستعراض الدوري الشامل، أمثلة عديدة لممارسات السلطات الجزائرية الممنهجة لإغلاق المجال العام.
وذلك بالإضافة إلى التضييق على النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، فضلًا عن إخفاق الحكومة المتواصل في الوفاء بالتزاماتها الدستورية والدولية بشأن حقوق الإنسان، بموجب المعاهدات التي صادقت عليها.
واعتبرت المنظمات أن الحملة المتزايدة على الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وغيرها من منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر.
تمثل أحدث الممارسات القمعية بحق الحركة المؤيدة للديمقراطية والأصوات المعارضة في البلاد؛ والتي تستهدف إسكات المجتمع المدني المستقل المعني بحماية وتعزيز حقوق الإنسان في الجزائر على المستوى الدولي، بما في ذلك من خلال مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
ففي 3 نوفمبر الجاري، صدر الحكم على أحمد منسيري، عضو فرع الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بتيارت، بالسجن لمدة عام وغرامة قدرها 50.000 دينار جزائري، بتهمة نشر معلومات كاذبة وتقويض أمن الدولة والنظام العام والدعوة إلى تجمع غير مسلح.
بينما يقبع اثنان أخران من أعضاء الرابطة قيد الاحتجاز بتهم مماثلة، هما حسن بوراس المحتجز حاليًا رهن الحبس الاحتياطي، وحميد قورة الذي صدر الحكم بحبسه لمدة عام.
كما صدر مؤخرًا حُكمًا بحبس رئيس قسم الرابطة في تلمسان، فالح حمودي، لمدة ثلاث سنوات وغرامة قدرها 100.000 جزائري، بتهمة العمل دون التراخيص المطلوبة، والتي لا توفرها السلطات، ولاحقًا خففت محكمة الاستئناف الحكم للحبس سنة واحدة.
يأتي ذلك بعدما أغلقت السلطات الجزائرية منظمتين حقوقيتين، واعتقلت وحاكمت أعضائهما في 2021.
كما وافقت المحكمة الإدارية في الجزائر العاصمة في 13 أكتوبر من العام نفسه على طلب وزارة الداخلية بحل الحركة الشبابية (راج)، وهي منظمة شبابية ثقافية وحقوقية.
وبعد شهر واحد، صدر حُكم على ناصر مغنين، رئيس المنظمة الثقافية إس أو إس – باب الواد، وهي منظمة شبابية وثقافية، بالسجن لمدة عام بتهمة نشر منشورات تقويض الوحدة الوطنية والتحريض على التجمهر غير المسلح.
وكان مغنين قيد الاحتجاز منذ أبريل 2021؛ إذ اعتقلته السلطات مع ثلاثة أعضاء آخرين حينما داهمت مكاتب المنظمة.
هذا بالإضافة إلى إجراءات حظر السفر والمضايقات التي تعد جزءً لا يتجزأ من محاولات ترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان.
ففي 24 أغسطس 2022، منعت السلطات الجزائرية قدور شويشة، نائب رئيس فرع الرابطة في وهران، من ركوب طائرة متجهة لباريس بصحبة زوجته، للمشاركة في بعض اجتماعات المناصرة في أوروبا بشأن تدهور حالة حقوق الإنسان في الجزائر، وذلك ضمن حملة أوسع لقمع عمل المنظمة وأعضائها.
وحاليًا يواجه شويشة وزوجته، إلى جانب سعيد بودور، تهمًا بالتآمر ضد أمن الدولة لتحريض المواطنين على حمل السلاح ضد سلطة الدولة أو لتقويض سلامة الأراضي الوطنية.
بالإضافة إلى الدعاية ذات المصدر أو الإلهام الأجنبي التي من المحتمل أن تضر بالمصلحة الوطنية، والتسجيل في منظمة إرهابية أو تخريبية ناشطة في الخارج أو في الجزائر. وحال إدانتهم بهذه الاتهامات، سيواجه هؤلاء المدافعون خطر السجن لـمدة قد تصل لـ 20 سنة.
ورغم أن الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة كانت قد أعربت، في بيان مشترك عام 2020، عن قلقها من قمع المعارضة في الجزائر، وتوظيف السلطات المتزايد لقوانين الأمن القومي.
ذلك لمقاضاة الأشخاص الذين يمارسون حقوقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
إلا أن المرسوم الرئاسي رقم 21-08 الصادر في 8 يونيو 2021 وسّع التعريف الغامض للإرهاب في المادة 87 مكرر، ليسمح بتجريم المعارضة السلمية بشكل أكبر، ووضع قائمة إرهابية وطنية للأفراد أو الكيانات الخاضعة لتحقيق أولي.
ومنذ مارس 2020، استقبلت الحكومة الجزائرية ما لا يقل عن 20 مراسلة أممية، من العديد من ولايات الإجراءات الخاصة، تتعلق بالاعتقالات التعسفية والعنيفة والمحاكمات غير العادلة وانتهاكات حريات التعبير والتجمع والدين والمعتقد، فضلًا عن الأعمال الانتقامية بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين.
كما تطرق مرارًا المفوض السامي لحقوق الإنسان والمتحدث باسمه لحالة حقوق الإنسان في الجزائر، وأعربا عن «قلق المفوضية بشأن تدهور حالة حقوق الإنسان في الجزائر واستمرار وتزايد قمع أعضاء حركة الحراك المؤيدة للديمقراطية.
في هذا السياق، أكد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والخدمة الدولية لحقوق الإنسان وتجمع عائلات المفقودين في الجزائر أن الاستعراض الدوري الشامل يمثل فرصة لجميع أصحاب المصلحة.
وذلك يتضمن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وإجراءات الأمم المتحدة الخاصة والدول الأعضاء، لإثارة وضع المدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر علنًا وضمان حمايتهم، بما في ذلك عند تعاونهم مع الأمم المتحدة وآلياتها.