إمباكت: الإمارات بحاجة لإجراءات ملموسة لإنهاء واقع التهرب الضريبي
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان، إن على دولة الإمارات العربية المتحدة إدخال إجراءات ملموسة لمعالجة مشكلة التهرب الضريبي بعد أن تحولت إلى وجهة لتخزين الأصول التي كانت ستخضع لولا ذلك للعقوبات الدولية.
وأبرزت مؤسسة الفكر ومقرها لندن، أن السلطات الإماراتية تظهر تساهلا مفرطا في التعامل مع قضايا الأمور المالية، لا سيما في إمارة دبي التي تشهد تدفقا لتخزين الأصول بطرق غير مشروعة.
وأشارت إمباكت في تقرير لها، إلى أنه في حين أعلنت الإمارات مؤخرا عن بعض الجهود المبذولة لتحسين سمعتها المالية، فإن هذه الخطوات لا تزال محدودة، إذ أن قرار حكومة الإمارات باستحداث برنامج “رقيب” والذي يسمح للأشخاص بالتبليغ عن الاحتيال والتهرب الضريبي وأي خرق للقانون إلى الهيئة الاتحادية للضرائب (FTA) غير كافٍ لإنهاء مستويات الإجرام المرتفعة.
علاوة على ذلك، يبدو أن انضمام الهيئة الاتحادية للضرائب إلى سلطة دبي للخدمات المالية – التي بدورها قد أعلنت مؤخرًا عن برنامج للإبلاغ عن المخالفات أيضًأ – خطةً لصرف انتباه الرأي العام عن المخالفات المالية في دبي ضمن نظام عديم الفائدة ويستلزم الامتثال للإجراءات المالية المقبولة.
ونبهت إمباكت إلى سلسلة من الممارسات التجارية غير الأخلاقية في الإمارات بما في ذلك بيع الأصول المسروقة من مناطق الحرب مثل ألماس الحروب والمعادن الثمينة، ومن ذلك وثائق باندورا التي كشفت عن استخدام المجرمين قنوات للتحويل السري للأموال عبر مؤسسات مالية مقرها في دبي.
ووفقًا لشبكة إنفاذ الجرائم المالية الأمريكية، مكّن البنك المركزي الإماراتي دولة إيران من تجنب العقوبات الأمريكية، فيما استمر هذا النمط ليشمل تجنب العقوبات على روسيا.
إذ استخدم رجال أعمال وأثريا من روسيا العملات الرقمية المشفرة لشراء العقارات والشركات في دبي للتهرب من العقوبات المفروضة على بلادهم في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي.
كما أنه من المحتمل أن يرتفع تدفق الأموال الروسية في إطار عمليات مشبوهة إلى الإمارات العربية المتحدة.
ومؤخرا أدرجت “مجموعة العمل المالي” – وهي منظمة رقابية دولية تعمل على مكافحة جرائم غسيل الأموال – بإدراج دولة الإمارات على قائمتها الرمادية كتحذير لأبوظبي بشأن قصورها في التعامل مع سيل الأموال وتمويل للإرهاب.
وشددت إمباكت على أنه بالرغم من توقعات حدوث إصلاح جاد وشيك نظرًا إلى الانتقادات التي تلقتها الإمارات مؤخرًا، إلا أن التراخي في الشفافية والافتقار إلى التنظيم يجعلان من أبوظبي دولة كليبتوقراطية لا تفعل ما بوسعها لمعالجة الضرر الذي يلحق بسمعتها نتيجة للممارسات التجارية المخزية والذي ستعاني منها المنطقة بأكملها ناهيك عن الشركات العاملة في دولة الإمارات نفسها.
وأكدت أن توفير ملاذ آمن لثروات القلة الروسية الغنية المتهربين من العقوبات له أيضًا اعتبارات متعلقة بحقوق الإنسان.
إذ يهدف تجميد أصول هذه القلة إلى الضغط على حكومة الرئيس الروسي بوتين لإنهاء غزو أوكرانيا والأزمة الإنسانية الناجمة عنه، بما في ذلك مقتل المدنيين وتدمير المنازل وسبل العيش وتشريد الملايين من المدنيين.
وبرفضها توسيع إمدادات الهيدروكربونات في محاولة للحفاظ على الموارد الروسية وربط نفسها بالصين، أثارت الإمارات انتقادات دولية واسعة من الولايات المتحدة الأمريكية ودولا أوروبية.
كما أن الفشل في معالجة مخالفات دبي المالية وخاصةً تجاوز العقوبات سيؤدي إلى توتر العلاقات بين الإمارات من جهة وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
وقالت إمباكت إن المبادرة الأخيرة التي أطلقتها الإمارات بشأن المبلغين عن المخالفات تتضمن أن يقوم المخبرون بتسجيل بياناتهم رسميًا لدى السلطات، إلا أن الفساد المستشري والشبكات الكليبتوقراطية المتشابكة بالإضافة إلى سيطرة ممثلي العائلات الحاكمة البارزة على الدولة والشركات يقود إلى التشكيك في مستوى الحماية التي قد يتلقاها المخبرون.
فضلًا عن أن قمع الأصوات المعارضة والاستخدام الواسع لبرنامج التجسس “بيغاسوس” الإسرائيلي وغيره، يجعل الإمارات غير جديرة بالثقة بين نشطاء حقوق الإنسان ومكافحي الفساد.
وسبق لمؤسسة إمباكت تغطية استخدام الإمارات لبرامج التجسس واختراق الخصوصية (اضغط على الرابط لمشاهدة ندوة حول التجسس والمراقبة والحريات المدنية في دولة الإمارات ودول أخرى).
في هذه الأثناء قد تُثار في المستقبل أسئلة أخلاقية حول تقديم مكافآت مالية للإفصاح عن المعلومات السرية، ولكن بالنظر إلى الحرية المالية التي تمنحها الإمارات للجميع، لا يبدو هذا مفاجئًا وقد يكون شرطًا أساسيًا لنجاح برنامج كهذا.
وبالنظر إلى عدم كفاية جهود الإمارات حتى الآن لإحداث تغيير إذ أنه من غير المرجح أن يغير برنامج “رقيب” ثقافة الأعمال في الدولة، توصي إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان باتخاذ عدة إجراءات لإحداث تغيير فعلي في واقع الأعمال في الإمارات العربية المتحدة.
التوصيات
- المعايير الدولية
- يجب اعتماد إرشادات المنظمة الدولية للتوحيد القياسي (ISO) على الفور وبالكامل.
- يجب تنفيذ مقترحات ISO 37002 لتحسين أنظمة إدارة الإبلاغ عن المخالفات.
- العقوبات
- ينبغي على الإمارات أن تكف عن إدارة أصول المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والانتهاكات المماثلة.
- ينبغي احترام العقوبات المفروضة على الأنظمة المارقة والالتزام بها.
- يجب على الإمارات العربية المتحدة إنهاء نظام “الإقامة الذهبية” الذي يمنح إقامة طويلة الأمد للأفراد المفروضة عليهم عقوبات لجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان.
- الامتثال
- ينبغي على دولة الإمارات العربية المتحدة تنفيذ روح ونص الاتفاقيات الضريبية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشكل كامل.
- ينبغي على السلطات الإماراتية مشاركة المعلومات مع السلطات القضائية الأخرى حول التدابير المتعلقة بضريبة الاستقطاع.
- ينبغي على السلطات الإماراتية وضع حد للنقل الاحتيالي للأموال إلى الخارج عبر الشفافية والرقابة التنظيمية الفعالة.
- تكافؤ الفرص
- ينبغي على الإمارات العربية المتحدة الإسراع في سن ضريبة الشركات لتجنب المنافسة الضريبية غير العادلة.
- المسؤولية والتعويض
- نظرًا إلى أن الإمارات العربية المتحدة غالبًا ما تكون الوجهة النهائية للأموال غير المشروعة وموطن المخططات المالية المضللة، ينبغي عليها تعويض ضحايا الاحتيال بسبب الأنشطة التجارية الفاسدة في الدولة.
قال “روبرت أولدز” المسؤول التنفيذي لمؤسسة إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان إنه “بينما تعمل الإمارات على تنويع مواردها لتشمل مصادر أخرى بجانب النفط عن طريق تغذية اقتصادها بعائدات الجريمة والفساد، فإن القطاع المالي في دبي يُعرّض الدولة لخطر اكتساب سمعة الدولة المارقة التي تعمل خارج الحدود الأخلاقية.”
وبينما رحب “أولدز” بالخطوات التي تتخذها الإمارات العربية المتحدة لدعم المبلغين عن المخالفات إلا أنه قال إن “السلطات الإماراتية ينبغي عليها عمل المزيد، إذ أن إجراءاتها الحالية وحدها غير كافية لحل المشكلات الناجمة عن السماح بغسيل الأموال الروسية وخرق العقوبات”.
وأضاف “جميع هذه الأفعال تبني سمعة للإمارات بأنها ملاذا آمن للذين يرتكبون أفظع المخالفات المالية ويخفون ثرواتهم غير المشروعة لأغراض التهرب الضريبي أو تجنب العقوبات الدولية.”
وأكد “أولدز” أنه “لتتجنب الإمارات أن تصبح دولة منبوذة متحالفة فقط مع الصين وروسيا، فيجب عليها أن تبدأ العمل ضمن المعايير الدولية بما في ذلك تبادل المعلومات وإرساء الشفافية وإنهاء ارتباطها بالأنظمة المارقة والمنظمات الإجرامية.”