المرأة الخليجية تتقدم في المراتب الأمنية والدبلوماسية
أبرز معهد دول الخليج العربي في واشنطن، التقدم الحاصل للمرأة الخليجية في المراتب الأمنية والدبلوماسية في ظل ازدياد عدد النساء اللائي يشغلن مناصب مهمة في المجالات التي احتكرها الرجال لعقود.
واستهل المعهد مقالا تحليليا نشره بهذا الحصوص، بالتعليق على انتشار صور مجندة سعودية تحتضن رضيعًا نام بين ذراعيها أثناء نزولها من سفينة تقل أشخاصًا تم إجلاؤهم من السودان الذي مزقته الحرب، ما يسلط الضوء على الدور المتزايد للمرأة في مؤسسات الأمن الخليجية.
وذكر المعهد أنه على مدى العقدين الماضيين، ازداد عدد النساء اللائي يشغلن مناصب مهمة في المجالات التي احتكرها الرجال لعقود عديدة في دول الخليج العربية بشكل مطرد، بسبب السياسات من أعلى إلى أسفل والتحولات الاجتماعية.
وبينما تسعى دول الخليج العربية لتحقيق خططها الاقتصادية الطموحة، أو “الرؤية”، فإنها تعزز بشكل متزايد وجود ومستوى نشاط المرأة في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور تقليديًا، مثل الدبلوماسية والجيش.
كما يشير إدراج المرأة في هذه المجالات إلى تغيير كبير في السياسات الجنسانية للدبلوماسية والأمن.
ففي عام 2017، كجزء من سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في العمل، سمحت السعودية للنساء بالانضمام إلى شرطة المرور ومراقبة الحركة الجوية وتولي مناصب كمحققات في مكتب المدعي العام.
وفي فبراير/شباط 2018، أعلنت السعودية أنها ستسمح للنساء بالتقدم لشغل عدد محدود من المناصب العسكرية في محافظات مختارة.
ومع ذلك، حافظت المملكة على سقف زجاجي قانوني يقصر النساء على أدوار ثانوية غير قتالية.
وبعد عام واحد، وسعت السعودية الأدوار المتاحة للنساء، ما سمح لهن بالخدمة في القتال ابتداءً من فبراير/شباط 2021.
في عام 2021، بعد الانتهاء من دورة تدريبية استمرت 14 أسبوعًا، تخرجت أول مجندات في المملكة من مركز تدريب النساء في القوات المسلحة السعودية، وتم السماح لأول مرة بالخدمة في مناصب في الخطوط الأمامية.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تخرجت أكثر من 250 سعودية من المعهد بتخصصات دبلوماسية وأمن الحج والعمرة.
كما تولت المرأة السعودية مناصب قيادية في المناصب المدنية في وزارة الدفاع.
وفي الإمارات، أسست السلطات في 1990، مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية، كأول كلية عسكرية نسائية في المنطقة، تدرب الطالبات على الخدمة العسكرية، والمساعدات الإنسانية، وعمليات حفظ السلام.
وفي كل عام، تتخرج المجندات ويبدأن واجباتهن في الخدمة الوطنية، ويتولين مناصب عالية في الوحدات القتالية.
واستحوذت الإمارات على الاهتمام الدولي في عام 2014، عندما قامت الرائد مريم المنصوري، أول طيار مقاتل في البلاد، بمهمة قتالية في سوريا ضد تنظيم الدولة في العراق والشام.
كما أصبحت الكابتن ريم البوعينين في عام 2018 أول ضابطة من دول مجلس التعاون الخليجي تحضر منشأة التدريب والتعليم الأولى التابعة لحلف الناتو، وهي مدرسة الناتو أوبراميرغاو.
وإلى جانب الإمارات، كانت البحرين واحدة من أولى دول الخليج التي سمحت للنساء بالعمل كضابطات شرطة، لكن في الجيش، لا يزال يقتصر دور المرأة البحرينية إلى حد كبير على الأدوار الطبية والإدارية.
ومع ذلك، أصبحت عائشة بنت راشد آل خليفة، خريجة أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية البريطانية المرموقة، أول طيار مقاتل في سلاح الجو البحريني في عام 2018.
وانضمت قطر إلى الاتجاه الإقليمي المتمثل في السماح للمرأة بالتطوع للخدمة الوطنية في عام 2018، على الرغم من السماح للمرأة القطرية بالفعل بتولي أدوار إدارية معينة في الجيش.
وبعد ذلك بعام، أصبحت الملازم أول مريم يوسف في سلاح الجو القطري أول ضابطة ارتباط بين قطر والولايات المتحدة.
كما كانت عُمان رائدة بين دول الخليج، حيث قامت بدمج النساء في الجيش في عام 2011، وكلفت خريجات أكاديمية السلطان قابوس العسكرية، بشغل مناصب رفيعة في القوات المسلحة.
علاوة على ذلك، بدأت النساء في التدريب جنبًا إلى جنب مع ضباط الشرطة الذكور في عام 1974، وعينت أول رئيسة لمركز الشرطة في عام 2017.
بينما كانت الكويت آخر دول مجلس التعاون الخليجي التي دمجت جيشها، وفتحت المناصب القتالية والضابطة أمام النساء في عام 2021.
ومع ذلك، يُسمح للمرأة الكويتية فقط بالعمل كضابطات صف، ويقتصر دورهن بشكل عام على المناصب الطبية ووحدات الدعم.
وبالمثل، بدأت الدفعة الأولى من مجندات الشرطة النسائية في الكويت التدريب في عام 2008 فقط.
ويعكس العدد الكبير من النساء في معرض الدفاع العالمي 2022 في الرياض، وهو حدث يهيمن عليه الرجال عادةً، الوجود المتزايد للمرأة في صناعة الدفاع في المنطقة، بالإضافة إلى التحول الاجتماعي الأوسع الذي يحدث في جميع أنحاء الخليج.
كما كسرت المرأة الخليجية سقفًا زجاجيًا قديمًا في مجال الدبلوماسية، فعيّنت الكويت وعُمان والبحرين أول سفيرات لها في مطلع القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، بدأت دول الخليج الأخرى مؤخرًا فقط في احتضان النساء في رتبها الدبلوماسية.
وبدأت السعودية في السماح للمرأة بالعمل في وزارة الخارجية فقط في عام 2008، حيث اقتصرت دور النساء في الوزارة إلى حد كبير على المهام الإدارية حتى عام 2019، عندما عينت الرياض أول سفيرة لها، مع تكليف الأميرة ريما بنت بندر آل سعود سفيرًا للسعودية في الولايات المتحدة. والآن، لدى السعودية 5 سفيرات يمثلن المملكة.
وفي الإمارات، تم تعيين عدد متزايد من السفيرات في مناصب رئيسية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك باريس وواشنطن وحتى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وللإمارات حاليا 10 سفيرات، وتشكل النساء أكثر من 40% من السلك الدبلوماسي الإماراتي.
بالإضافة إلى ذلك، تشكل الدبلوماسيات أكثر من نصف الفريق الذي يقود جهود الإمارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من 2022 إلى 2323. كما تشكل النساء حوالي 60% من خريجي الأكاديمية الدبلوماسية.
أما قطر، فلديها سيدات يعملن كسفيرات في إندونيسيا والسويد وكممثلات دائمات لدى الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف.
كما يوجد للكويت سفيرات في العواصم الرئيسية في واشنطن وأوتاوا. وفي البحرين، تشكل النساء ثلث موظفي وزارة الخارجية، وقد عملن كسفيرات في مناصب مهمة.
كما أن أكثر من 45% من الدبلوماسيين العمانيين من النساء، حسب زينب القاسمي، رئيسة المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية العمانية.
ويعكس هذا التحول 3 ظواهر مترابطة، الأول هو التغيير الجيلي في قيادة دول الخليج، والذي لعب دورًا مهمًا في تسهيل تمكين المرأة.
فقد أعطى القادة الأصغر سنًا الأولوية لتمثيل المرأة في الدبلوماسية والأمن بما يتماشى مع خطط (الرؤية الوطنية) الطموحة وجهودهم لتطوير صور دولية إيجابية.
أما الظاهرة الثانية، فهو الوجود المتزايد للمرأة في المناطق التي يهيمن عليها الذكور تقليديًا بالتوازي مع زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة في منطقة الخليج على نطاق أوسع.
بينما الظاهرة الثالثة، فتتلخص في أن ذلك نتيجة للتحولات من أعلى إلى أسفل إلى حد كبير، فهناك تغيير تدريجي في العقليات الثقافية جعل الجمهور أكثر قبولًا للنساء في المناصب الدبلوماسية والأمنية العليا.
وعلى الرغم من أن التمكين الذي تقوده الدولة للمرأة في مجالي الأمن والدبلوماسية يظهر تقدمًا لإدماج المرأة، لا يزال هناك طريق طويل لتحقيق المساواة بين الجنسين في منطقة الخليج.
وتشمل الخطوات التالية لدول الخليج العربية رفع القيود المتبقية على واجبات المرأة في الجيش والشرطة والعمل على تغيير الأعراف الأبوية التي تحد من تقدم المرأة في الأمن والدبلوماسية.