تقرير لمركز الخليج: التعذيب في السجون العراقية
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان تقريراً جديداً يوثق بعض حالات التعذيب في السجون العراقية، التي تُوصف بأنها واحدة من أبشع السجون في العالم.
وأكد التقرير أن ممارسات التعذيب مستمرة في ظل غياب أية تدابير فعالة للحكومة لمنعها أو على الأقل الحد منها.
يذكر أن العراق انضم لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984.
يعاني العراق من غياب التشريعات الضرورية لمناهضة التعذيب ومحاسبة مرتكبي جرائمه بحق السجناء. وما زال العراق من البلدان التي لم تصادق بعد على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية.
في تقرير لها صدر عام 2015، أكدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، أن التشريعات الوطنية لا تتضمن تعريفا للتعذيب يتماشى تماما مع ما جاء في المادة (1) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية او المهينة.
لقد ذكرت المفوضية أيضاً في تقريرها هذا، أن المشرع العراقي اكتفى بتقديم وصف ضمني للتعذيب في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969. كما أن المفوضية ترى أن التعريف الذي نص عليه قانون المحكمة الجنائية لا يتفق والتعريف الذي ورد في اتفاقية مناهضة التعذيب، حيث رأت فيه تضييق نطاق المسؤولية الجزائية.
أشارت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق عام 2019 إلى ضعف الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة ومجلس النواب العراقيين لتنفيذ التوصيات الخاصة بالملاحظات الختامية الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
وكذلك التوصيات التي تضمنتها تقارير المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق المتعلقة بالسجون ومرافق التوقيف الاحتياطي، خاصة بما يتعلق بتحقيق متطلبات المحاكمة العادلة وانصاف ضحايا جريمة التعذيب وجبر الضرر وملاحقة القائمين عليها.
إن عدم وجود تشريعات قانونية وإجراءات تنفيذية تحد من ممارسات التعذيب التي تقوم بها بعض عناصر الأمن، أدى إلى تماديهم في تعذيب السجناء الذين تثبت إدانتهم أو لم تثبت.
إضافة إلى ذلك، هناك تردد واضج من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، منع الانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المناهضة للتعذيب.
وهذا يعني أن البلد سيكون أمام تحديات كبيرة في إصلاح السجون، وخطر تحول التعذيب من حالات فردية إلى ممارسة ممنهجة. لقد تم حظر التعذيب في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
يبدو جلياً، من خلال العديد من قضايا التعذيب والاختفاء القسري وغيرها من دروب الإنتهاكات الممنهجة التي وثقها مركز الخليج، أن بعض عناصر الأمن العراقيين لا يستخدمون عمليات التعذيب الجسدي فحسب، بل يستخدمون عمليات التعذيب النفسي لإجبار المتهمين على الإدلاء باعترافات بعيدة عن الحقيقة، وهذا ما تسبب باكتظاظ السجون العراقية بالمواطنين الأبرياء.
أقر مجلس القضاء الأعلى العراقي بعمليات التعذيب التي ترتكب من قبل عناصر أمن وسجانين. ففي 03 مايو/أيار 2021، أصدر بياناً صحفياً قال فيه: “بخصوص ما تم تداوله بشأن محاكمة ضابط وطرده من الخدمة لقيامه بقتل داعشي نبين ما يلي إن محكمة جنايات نينوى أصدرت حكمها في 08 أبريل/نيسان2021 المتضمن إدانة المتهم المذكور ومتهمين اخرين وفق احكام المادة 410 من قانون العقوبات عن جريمة الضرب المفضي الى موت والحكم عليهم بالسجن لمدة خمسة سنوات وشهر واحد”.
وأضاف المركز الاعلامي لمجلس القضاء الاعلى أن: “حيثيات الحكم تتلخص بان المدان قام باعتقال امام وخطيب أحد الجوامع في نينوى دون مذكرة قبض او قرار تفتيش واقتياده الى مقر السرية الخاصة والتحقيق معه والقيام بتعذيبه مما تسبب بوفاته”.
ولفت إلى أن: “المجلس التحقيقي الذي اجرته قيادة الفرقة عشرين بالجيش العراقي والذي اثبت مقصرية الضابط اضافة الى تقرير الطب العدلي الذي أكد تعرضه الى التعذيب، مشيرا إلى أن الحكم لم يكتسب درجة البتات لوقوع الطعن التمييزي عليه”.
إن بيان مجلس القضاء الأعلى في العراق هذا يثبت الممارسات التعذيبية وسلوكيات العنف التي تمارسها بعض عناصر القوات الأمنية، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً من القضاء ومن الحكومة لوقف هذه الأعمال التي تصنع بيئة وحشية ودموية يكون ضحيتها مواطنين أبرياء.
حث مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكومة العراقية على القيام بما يلي:
- ضمان في جميع الظروف أن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك المدافعات عن حقوق الإنسان، في العراق قادرون على القيام بأنشطتهم المشروعة في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الأعمال الانتقامية وبضمنها التعذيب ودون أي قيود.
- إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة وشاملة في كل قضايا التعذيب ضد جميع المواطنين وبضمنهم المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق، بهدف نشر النتائج وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة وفقاً للمعايير الدولية.
- تعديل جميع القوانين العراقية وبما يضمن إنهاء التعذيب في كافة مراكز الاعتقال والسجون العراقية، وكذلك التوقيع على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
- التعاون الكامل مع ولاية المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وكذلك لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وتطبيق توصياتها.
- تنفيذ برامج تدريبية مكثفة لتدريب عناصر القوات الأمنية، وخاصة ضباط التحقيق ومراقبي السجون، على التعامل الإنساني مع المحتجزين والسجناء، وفق مبادئ حقوق الإنسان، بدلاً من استخدام أساليب التعذيب.