إسرائيل واليمن: ينبغي التحقيق في قصف المطارين كجرائم حرب

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الغارات الجوية الإسرائيلية على “مطار صنعاء الدولي” في اليمن يومي 6 و28 مايو/أيار 2025 كانت هجمات يفترض أنها عشوائية أو غير متناسبة على أعيان مدنية، وينبغي التحقيق فيها كجرائم حرب. كما يجب التحقيق في هجمات الحوثيين التي استهدفت عمدا “مطار بن غوريون” والبنى التحتية المدنية الأخرى في إسرائيل كجرائم حرب.

دمرت الهجمات الإسرائيلية جميع طائرات الركاب التجارية المقلعة من مطار صنعاء، ما منع المدنيين من السفر وأعاق دخول المساعدات الإنسانية وعاملي الإغاثة. هاجم الحوثيون مطار بن غوريون قبل هجومَيْ القوات الإسرائيلية على المطار، ما أدى إلى جرح أربعة أشخاص في إحدى الحالات بحسب تقارير.

قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: “مطار صنعاء شريان حياة أساسي للمدنيين اليمنيين، ويعتمد عليه الكثير منهم كوسيلة وحيدة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة. لكن الجيش الإسرائيلي قطع هذا الشريان، ما حرم العديد من اليمنيين من منفذهم الرئيسي إلى العالم الخارجي”.

دمرت غارات القوات الإسرائيلية أربع طائرات تابعة لـ “الخطوط الجوية اليمنية” – وهي شركة الطيران الوحيدة التي تُوفر رحلات تجارية لركاب صنعاء – وألحقت أضرارا بالمطار ودمرت أجزاء كبيرة منه. كما دُمرت أربع طائرات أخرى، منها طائرة شحن، وفقا لتحليل هيومن رايتس ووتش لصور الأقمار الصناعية.

حللت هيومن رايتس ووتش فيديوهات وصورا التقطتها ونشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي قناة “المسيرة” الإخبارية التي يديرها الحوثيون، تُظهر أربع طائرات مشتعلة وأضرارا في واجهات المطار ومبانيه الداخلية عقب الهجوم الأول، بما في ذلك المدخل الرئيسي. تُظهر الصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية بعد الهجوم الثاني طائرة إضافية مدمرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية.

نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي تحذيرا على موقع “إكس” قبل الغارة الأولى، ما دفع سلطات المطار إلى إخلاء المطار قبل الهجوم. يُحتمل أن تكون شركات الطيران ومسؤولو المطار قد تلقوا أيضا تحذيرا مسبقا، إذ أُلْغِيَت رحلة تابعة لـ “الأمم المتحدة” كان من المقرر هبوطها في مطار صنعاء الساعة 1:30 بعد الظهر. ظهرت فيديوهات للهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي حوالي الساعة 3:45 عصرا بالتوقيت المحلي.

تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 7 مايو/أيار سبع طائرات مدمرة على المدرج وأضرارا بالغة في مبنى الركاب الرئيسي. كما تُظهر ثمانية أماكن لانفجار القنابل على المدرج وممرات الطائرات، ما أخرج المطار عن الخدمة. في 8 مايو/أيار، نشر أدرعي على إكس أن الهجمات أدت إلى “تعطيل مطار صنعاء المركزي بشكل كامل”.

صرّح مدير مطار صنعاء خالد الشايف لقناة “الجزيرة” أن الهجوم دمر صالات المطار، ومبنى التموين، وست طائرات، وألحق أضرارا بالغة بالمدرج.

أفادت ثلاثة مصادر في المطار لـ “رويترز” أن القاعدة الجوية العسكرية المجاورة للمطار تعرضت أيضا للهجوم. لم تحدد هيومن رايتس ووتش أي ضربة مباشرة على مباني القاعدة الجوية بناء على تحليل صور الأقمار الصناعية، والتي كانت قد دُمرت إلى حد بعيد قبل هذا الهجوم.

في 15 مايو/أيار، هبطت أول رحلة تابعة للأمم المتحدة في مطار صنعاء منذ هجوم 6 مايو/أيار، واستؤنفت الرحلات الجوية التجارية أيضا حتى توقفت بالكامل بعد هجوم 28 مايو/أيار.

نفذت القوات الإسرائيلية الهجوم الثاني صباح 28 مايو/أيار، بينما كان مدنيون، بينهم حجاج، ينتظرون رحلة إلى السعودية، وموظفون من منظمة “أطباء بلا حدود” الإنسانية موجودين في المطار وقت الهجوم، إلا أنه لم يُصب أحد بالأذى. ولم ينشر أدرعي تحذيرا على إكس.

حللت هيومن رايتس ووتش تسجيل شاشة لفيديو يبدو أنه صُوِّر عن طريق كاميرات أمن المطار يُظهر أشخاصا ينزلون بسرعة من طائرة “إيرباص إيه 320-233” (A320-233) للخطوط الجوية اليمنية، قبل 45 دقيقة على الأقل من إصابتها على ما يبدو. يمكن رؤية عمود دخان يتصاعد من نقطة إلى الشرق من الطائرة بينما سيارات الإطفاء تطلق صافرات الإنذار. قد يشير هذا إلى أن الجيش الإسرائيلي قد يكون قدم تحذيرا ما قبل الهجوم.

وفقا لموقع يتتبع الرحلات الجوية، هبطت الطائرة الساعة 9:28 صباحا، وتشير الظلال الناتجة عن الركاب الذين نزلوا من الطائرة إلى أن الساعة كانت حوالي 9:30 صباحا. يُرجّح وقوع الهجوم الذي دمّر الطائرة بين الساعة 10:15 و11:00 صباحا وفقا للتقارير الإخبارية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي.

سبق للقوات الإسرائيلية في ديسمبر/كانون الأول 2024 أن هاجمت مطار صنعاء، ما أسفر عن مقتل أربعة على الأقل وجرح 18 آخرين، وفقا لوزارة الصحة التابعة للحوثيين، بينهم أحد أفراد طاقم رحلة تابعة للأمم المتحدة. وكان المدير العام لـ “منظمة الصحة العالمية” تيدروس أدهانوم غيبريسوس على متن الطائرة نفسها وقتها.

هذا المطار هو الوحيد في صنعاء، وهو الوحيد الذي يوفر رحلات دولية من الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث يقيم غالبية سكان اليمن. كما أن هذا المطار يشكّل نقطة دخول حيوية للعاملين في المجال الإنساني، بالإضافة إلى بعض المساعدات، ويُستخدم أيضا لرحلات الأمم المتحدة.

استولى الحوثيون على طائرات الخطوط الجوية اليمنية في يونيو/حزيران 2024. بعد ذلك بوقت قصير، وافق الحوثيون والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على السماح برحلات جوية بين صنعاء، والقاهرة، والهند، وعُمان.

سلّطت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الضوء على أهمية مطار صنعاء بالنسبة للمدنيين. بعد الهجوم الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول، صرّح جوليان هارنيس، منسق الأمم المتحدة المقيم في اليمن، والذي كان متواجدا في المطار يوم الهجوم، بأن المطار “موقع مدني تستخدمه الأمم المتحدة”.

كما أكد أهمية المطار لاستمرار المساعدات الإنسانية لليمن. صرح هارنيس لـ هيومن رايتس ووتش بأن “الخدمات الصحية في اليمن بدائية. هناك فئة من كبار السن في اليمن لديهم داء السكري والسرطان والأمراض غير المعدية، وهي أمراض لا يمكنهم الحصول على علاج لها في اليمن. لطالما كان المطار حيويا في إجلاء هؤلاء الأشخاص”.

أشارت أفراح ناصر، الصحفية اليمنية والباحثة السابقة في هيومن رايتس ووتش، في العام 2024 إلى وفاة قرابة 60% من مرضى السرطان في اليمن نتيجة نقص الموارد والأدوات والخدمات الطبية، وندرة الأدوية في مراكز علاج السرطان.

صرّح الجيش الإسرائيلي ردا على طلب معلومات قُدّم في 19 مايو/أيار بأنه “يقصف أهدافا عسكرية مشروعة تابعة لنظام الحوثيين في اليمن”، وأنه نفّذ الضربات “بأقصى درجات الدقة، واتخذ خطوات للتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمدنيين والبنية التحتية المدنية”. كما صرّح بأن المطار كان “مركزا رئيسيا لنظام الحوثيين الإرهابي لنقل الأسلحة والعملاء”.

تحظر قوانين الحرب الهجمات المتعمدة أو العشوائية أو غير المتناسبة على المدنيين والأعيان المدنية. أي هجوم غير موجه إلى هدف عسكري محدد يكون عشوائيا. يكون الهجوم غير متناسب إذا كانت الخسارة المدنية المتوقعة مفرطة مقارنة بالمكسب العسكري المتوقع منه. وتُحظر الهجمات التي يُتوقع أن تُلحق ضررا أكبر بالمدنيين والمنشآت المدنية من المكسب العسكري المتوقع منه.

قالت جعفرنيا: “شنّت القوات الإسرائيلية مرارا هجمات غير قانونية على البنية التحتية المدنية الحيوية في اليمن وغزة ولبنان دون أي عقاب. الدول التي ما تزال تُسلّح إسرائيل تخاطر بالتواطؤ في هذه الهجمات الوقحة، وتتحمل مسؤولية الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمدنيين اليمنيين وغيرهم من المدنيين نتيجة لذلك”.

 

قد يعجبك ايضا