هيومن رايتس ووتش: التجويع الجماعي جريمة إسرائيلية ويجب وقفه فوراً

دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومات حول العالم إلى التحرك العاجل لوقف سياسة التجويع الجماعي التي تتبعها إسرائيل بحق المدنيين في قطاع غزة، مؤكدة أن ما يجري يمثل جريمة حرب وقد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية، مشددة على أن التقاعس الدولي يفاقم الكارثة الإنسانية ويديم معاناة السكان.

وفي تقرير ميداني نُشر اليوم، قال عمر شاكر، مدير قسم إسرائيل وفلسطين في المنظمة: “تجويع الفلسطينيين، الذي أدى إلى وفاة الآلاف على الأرجح، هو بالكامل من صنع الإنسان. هو نتاج سياسة إسرائيل المتعمدة لاستخدام الجوع كسلاح حرب”. وأضاف أن ما يحدث في غزة ليس مجرد تقصير إنساني، بل سياسة مدروسة ترمي إلى التدمير المادي الجزئي أو الكلي لشعب محاصر.

وفيات متزايدة وأرقام صادمة

أفادت وزارة الصحة في غزة أن 33 شخصاً لقوا حتفهم خلال يومين فقط (19 و22 يوليو/تموز) بسبب سوء التغذية، معظمهم من الأطفال. وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في وقت سابق من أن القطاع بأكمله يواجه “مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد”، وأن المجاعة تضرب بقوة بين صفوف الأطفال.

ووفقاً لمبادرة “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، وهي جهة دولية مرجعية في تحليل المجاعة، فإن السكان في غزة يعانون من أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، فيما باتت المجاعة واقعًا يوميًا.

جريمة حرب وثقتها هيومن رايتس ووتش

كانت المنظمة قد وثقت في ديسمبر/كانون الأول 2023، استخدام إسرائيل التجويع كسلاح حرب، وقالت إنها جمعت أدلة ميدانية وشهادات وتقارير طبية تثبت أن السلطات الإسرائيلية تفرض عمداً ظروفًا معيشية تؤدي إلى تجويع السكان وتدميرهم بدنياً، وهو ما يشكل جريمة حرب، بل ويرقى إلى عمل من أعمال الإبادة الجماعية.

وأكد التقرير أن منع دخول المساعدات، واستهداف البنية التحتية الصحية، وتعطيل شبكات المياه والكهرباء، وتقييد حركة الإمدادات الغذائية، كلها خطوات متعمدة تهدف إلى إنهاك السكان وإرغامهم على الخضوع أو النزوح القسري.

دعوات إلى تحرك دولي فعّال

رغم بيانات الإدانة المتكررة، قالت هيومن رايتس ووتش إن الكلمات لم تعد كافية، وإنه يتوجب على الدول استخدام أدواتها السياسية والاقتصادية للضغط على إسرائيل.

ودعت المنظمة إلى:

فرض حظر شامل على توريد الأسلحة إلى إسرائيل.

فرض عقوبات محددة على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في سياسات الحصار والتجويع.

تعليق الاتفاقيات التجارية التفضيلية مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاق الشراكة الأوروبية-الإسرائيلية.

تمكين دخول المساعدات عبر مرافقة دبلوماسية، استجابة لدعوات أكثر من 1000 منظمة فلسطينية ودولية.

وأكد شاكر: “في الوقت الذي يتمتع فيه أبناء بعض الدول بالعلاج والرعاية، يموت أطفال غزة لأن المستشفيات دُمّرت أو حوصرت، ولأن الغذاء ممنوع، والدواء مفقود”. وتابع قائلاً: “إن العالم لا يمكن أن يواصل غض الطرف عن مجاعة تُرتكب عمداً وتُنقل وقائعها بالصوت والصورة”.

لا عذر للصمت

وفي رسالة شخصية ضمن التقرير، استحضر شاكر تجربة نجله الرضيع الذي واجه أزمة صحية صيف العام الماضي في كاليفورنيا، قائلاً: “لن أنسى أبدًا كيف رأيت عظام طفلي بارزة، وبكاءه دون توقف. لكنه تعافى في مستشفى مجهز، بينما لا يحظى أطفال غزة بأي فرصة مماثلة”.

وختم شاكر بالقول: “تخيل أنك ترى طفلك يصرخ من الجوع، ولا يمكنك إنقاذه. هذه هي الحقيقة اليومية لعشرات الآلاف في غزة. والتاريخ لن يرحم من اختار الصمت”.

قد يعجبك ايضا