الاحتلال الإسرائيلي يقتل الرياضيين.. 662 ضحية في إبادة مستمرة بغزة

في ظل العدوان المستمر الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ما يقارب العامين، يُواصل الاحتلال استهداف فئات المجتمع الفلسطيني كافة، بما في ذلك الرياضيين، في سياسة ممنهجة تهدف إلى القضاء على مقومات الحياة الإنسانية في القطاع. ولم يكن المجتمع الرياضي الفلسطيني في منأى عن هذه الهجمة المدمرة، بل كان هدفًا أساسيًا ضمن الحملة الإسرائيلية التي تستهدف مختلف جوانب الحياة اليومية للشعب الفلسطيني.

إحصائيات القتل والتدمير
أعلنت الجهات الرياضية المحلية أن 662 رياضيًا فلسطينيًا لقوا حتفهم منذ بداية العدوان الإسرائيلي، وهو ما يعبّر عن استهداف موجه ومقصود للطاقات الحية في المجتمع الفلسطيني. هذه الإحصائيات تشمل لاعبين، مدربين، إداريين، حكام، وأعضاء في مجالس إدارة الأندية الرياضية. كما تعرضت العديد من المنشآت الرياضية للتدمير، حيث وثق الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم تدمير 264 منشأة رياضية، منها 184 منشأة دُمرت بالكامل. هذا التدمير الممنهج يُظهر بوضوح استهداف البنية التحتية الرياضية في قطاع غزة، في انتهاك صارخ للحقوق الإنسانية التي تكفلها المواثيق الدولية، مثل الحق في الحياة والحق في ممارسة الأنشطة الثقافية والرياضية.

الرياضيون الفلسطينيون ضحايا الاحتلال
من بين الرياضيين الذين استهدفتهم القوات الإسرائيلية، جاء اللاعب الدولي السابق سليمان العبيد (41 عامًا) كأحدث ضحايا الاحتلال. العبيد، الذي كان من أبرز نجوم كرة القدم الفلسطينية، قُتل يوم الأربعاء أثناء انتظاره للمساعدات الإنسانية في جنوب قطاع غزة. وكان العبيد قد خاض 24 مباراة دولية مع المنتخب الفلسطيني، وسجل أكثر من 100 هدف في مسيرته التي بدأها في نادي “خدمات الشاطئ”، قبل أن يلعب في الضفة الغربية، حيث فاز بلقب دوري المحترفين مع نادي “مركز الأمعري”.

قبل العبيد، قُتل اللاعب مهند اللي، نجم نادي خدمات المغازي، جراء قصف استهدف منزله وسط القطاع. كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية اللاعب حمدان عماد (22 عامًا) من نادي شباب رفح، حيث قُتل إثر انفجار قنبلة ألقتها طائرة مسيرة إسرائيلية. وفي ديسمبر 2023، قتل اللاعبان الشقيقان محمد ومحمود خليفة نتيجة استهداف منزلهما في مخيم النصيرات.

الكارثة الإنسانية في غزة
لا تقتصر مأساة سكان غزة على الرياضيين فقط، بل تشمل جميع فئات المجتمع الفلسطيني. يعاني القطاع من كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يعيش أكثر من 288 ألف أسرة بلا مأوى، ويتوزع أكثر من مليوني نازح في الخيام والمدارس والشوارع، في ظروف مروعة. والحصار المتواصل والتدمير الممنهج أدى إلى نقص حاد في المياه النظيفة، والصرف الصحي، والغذاء، والدواء، فيما تفشت المجاعة بشكل كبير، مما أسفر عن وفاة العديد من الأشخاص، بينهم عشرات الأطفال.

بحسب الإحصاءات المحلية، فقد بلغت حصيلة الضحايا في قطاع غزة 61,258 شخصًا، بينما أصيب 152,045 آخرون، وبلغ عدد المفقودين أكثر من 9,000 شخص. ورغم هذه الأرقام المرعبة، لا يزال المجتمع الدولي يقف موقف المتفرج أو المتواطئ، في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي جرائمه ضد المدنيين الفلسطينيين.

إبادة جماعية موجهة ضد الرياضيين
إن استهداف الرياضيين الفلسطينيين وتدمير منشآتهم الرياضية ليس مجرد أضرار مادية أو خسائر فردية في المجال الرياضي، بل هو جزء من جريمة الإبادة الجماعية المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بأسره. ويعد قتل الرياضيين الفلسطينيين، الذين يعتبرون جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي في غزة، هو بمثابة قتل للروح المدنية في المجتمع الفلسطيني. وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل هذه الجرائم باعتبارها جزءًا من الاستهداف الممنهج الذي يسعى إلى تدمير الهوية الفلسطينية بكافة أبعادها.

إن المجتمع الدولي مطالب اليوم باتخاذ خطوات جدية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف هذه الجرائم الوحشية، والاعتراف بها كجرائم حرب، وتقديم المسؤولين عنها للمحاسبة. كما يجب أن يتم التركيز على تعزيز الدعم الفلسطيني في كافة المجالات، بما في ذلك المجال الرياضي، الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من مقاومة الشعب الفلسطيني ضد محاولات الاحتلال لتدمير هويته وحضارته.

نداء حقوقي
عبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني في غزة، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف حازمة من أجل وقف هذه الإبادة الجماعية. وطالبت المنظمة بالتحقيق في جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين والرياضيين على حد سواء، والعمل على محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم. كما نؤكد على ضرورة تكثيف الدعم الإنساني والحقوقي لفلسطين، وخاصة في مجالات التعليم والثقافة والرياضة، من أجل دعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة هذه الهجمات الوحشية.

قد يعجبك ايضا