الإستعراض الدوري الشامل: الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تحث الإمارات العربية المتحدة على حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – تلقت الإمارات 323 توصية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشأن مختلف قضايا حقوق الإنسان، وذلك في الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل.
قبل المراجعة، قدمت منّا لحقوق الإنسان تقرير موازي يحدد مجموعة من التوصيات. في البيان الصحفي أدناه، نلخص أهم هذه التوصيات.
في 8 مايو 2023، عقدت الدورة الرابعة من الاستعراض الدوري الشامل لدولة الإمارات العربية المتحدة.
الاستعراض الدوري الشامل هي آلية مراجعة الأقران التي من خلالها تقدم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة توصيات لتحسين سجل حقوق الإنسان في البلدان الخاضعة للاستعراض.
قبل المراجعة، قدمت منّا لحقوق الإنسان تقرير موازي يحدد مجموعة من التوصيات، كما اجتمعت مع عدد من البعثات الدائمة في جنيف لمشاركة مخاوفنا الرئيسية.
تلقت الإمارات 323 توصية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشأن مختلف قضايا حقوق الإنسان.
وتشمل هذه التوصيات الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وحظر التعذيب، وإلغاء عقوبة الإعدام، واستخدام مكافحة الإرهاب في انتهاك حقوق الإنسان.
خلال الاستعراض الدوري الشامل، نفى الوفد الإماراتي مزاعم التعذيب وتجنب موضوع حرية التعبير تماماً.
وأمام وفد الإمارات الآن حتى الدورة 54 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، التي ستنعقد في سبتمبر 2023، للنظر في هذه التوصيات والرد عليها بالقبول أو الرفض أو أخذ العلم فقط.
حرية التعبير والتجمع
لم تصدق الإمارات بعد على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكرس الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، من بين حقوق أخرى.
في هذا السياق، أوصت أكثر من 20 دولة الإمارات بالتصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو على الأقل النظر في التصديق عليه.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت أكثر من 20 دولة توصيات لحماية ودعم حرية التعبير والتجمع السلمي، لا سيما فيما يتعلق بعمل المدافعين عن حقوق الإنسان.
أوصت فنلندا وهولندا على وجه التحديد الإمارات العربية المتحدة بمراجعة المواد في إطارها القانوني المحلي التي تقيد حرية التعبير.
في الواقع، هناك مواد كثيرة في قانون 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية تحد من حرية التعبير، بسبب التعريف الغامض والفضفاض للإرهاب.
في غضون ذلك، دعت الولايات المتحدة الإمارات إلى مراجعة قانون الجرائم الإلكترونية لضمان حماية حرية التعبير.
أوصت كوستاريكا بإلغاء أو تعديل قانون 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، الذي حل محل قانون 2012 السابق بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، ويجرم استخدام المساحات الرقمية للدعوة إلى تغيير النظام أو الإصلاح الدستوري.
كانت كوستاريكا الدولة الوحيدة التي تحدثت عن استخدام الإمارات للمراقبة الإلكترونية، وأوصت إياها “بوقف جميع عمليات المراقبة الإلكترونية واضطهاد الأشخاص فيما يتعلق بحقهم في الخصوصية” وكذلك “فرض حظر على استخدام تكنولوجيا برامج التجسس وإدخال آليات المراقبة القائمة على حقوق الإنسان المتعلقة بتكنولوجيات المراقبة”.
لا يزال هذا الموضوع المهم دون معالجة، على الرغم من أن الإمارات استخدمت برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس للتجسس على المدافعين عن حقوق الإنسان وكذلك على خطيبة الصحفي السعودي المقتول جمال خاشقجي.
من الواضح أن سجل الإمارات في حرية التعبير والتجمع قاسٍ، وندعو السلطات الإماراتية إلى تنفيذ هذه التوصيات لضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
قدمت 14 دولة توصيات تتعلق بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في الإمارات العربية المتحدة.
في الواقع، لطالما كان جهاز أمن الدولة في الإمارات العربية المتحدة أداة قمع ضد الأصوات المعارضة السلمية، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان.
ولعبت دوراً أساسياً في اعتقال مجموعة “الإمارات94″، وهي مجموعة من العلماء والناشطين والمحامين والأطباء والمدافعين عن حقوق الإنسان الإماراتيين الذين حوكموا في عام 2013 بعد التوقيع على عريضة تطالب بإصلاحات ديمقراطية في الإمارات العربية المتحدة.
وقد حُكم عليهم بعقوبات سجن شديدة على أساس تهم غامضة تتعلق بـ “الإرهاب” و “الأمن” بعد محاكمة بالغة الجور تم خلالها قبول الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كدليل.
في عام 2013، أصدر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي الرأي رقم 60/2013، الذي وجد فيه أن احتجاز 61 شخصاً أدينوا في محاكمة الإمارات94 كان تعسفياً.
علاوة على ذلك، في عام 2022، أعرب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان وخبراء آخرين في الأمم المتحدة عن قلقهم العميق إزاء هذا الانتهاك الجسيم.
في هذا الصدد، أوصت بلجيكا على وجه التحديد دولة الإمارات العربية المتحدة “بضمان أن المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك أولئك الذين يتبادلون المعلومات مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، قادرون على العمل بأمان وفعالية في الدولة، من خلال خلق بيئة مواتية يمكنهم من خلالها القيام بعملهم في مجال تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها “.
هذه توصية مهمة بالنظر إلى انتقام الإمارات من أحمد منصور بسبب مشاركته مع منظمات حقوق الإنسان الدولية، حيث تم استخدام محادثاته الرقمية مع المنظمات غير الحكومية الدولية كدليل لإثبات “نشاطه الإجرامي”.
وأوصت الأرجنتين الإمارات العربية المتحدة بمراجعة تشريعاتها والتأكد من توافقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان لضمان حرية التعبير للمدافعين عن حقوق الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، أوصت ليختنشتاين بمواءمة التشريعات الإماراتية بشأن الإرهاب مع المعايير الدولية و “وقف استخدامها لاعتقال واحتجاز ومقاضاة المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين لممارستهم حقوقهم الإنسانية الأساسية”.
في الواقع، تستخدم السلطات الإماراتية قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014 وقوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان.
على سبيل المثال، حكمت الإمارات غيابياً على خلف الرميثي، أحد أفراد مجموعة الإمارات94، بالسجن 15 عاماً لدعمه الإصلاحات الديمقراطية في عام 2013.
وقد تم ترحيله مؤخراً من الأردن إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث يواجه خطر التعرض إلى الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب.
وذهبت بلجيكا إلى أبعد من ذلك وأوصت الإمارات “بالإفراج غير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي والأشخاص المسجونين لمجرد معتقداتهم السياسية أو ممارسة حقوقهم في حرية التعبير أو تكوين الجمعيات”.
يجب على دولة الإمارات العربية المتحدة قبول وتنفيذ جميع التوصيات المذكورة أعلاه على الفور.
تجريم التعذيب وسوء المعاملة
أوصت تشيكيا بوضع “استراتيجية وطنية شاملة لمنع التعذيب بشكل منهجي والقضاء عليه […] وعلى الاحتجاز التعسفي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي”. وكررت إيطاليا هذا عندما أوصت بحظر الاحتجاز السري ووضع تدابير حماية ضد التعذيب.
ومع ذلك خلال الاستعراض الدوري الشامل، نفى الوفد الإماراتي تماماً مزاعم التعذيب التي تحدث داخل البلاد، وادعى أن أي دليل يتم انتزاعه من خلال التعذيب لا يؤخذ به في المحكمة وأن ضحايا التعذيب يمكنهم التماس الإنصاف من خلال المحكمة.
وهذا يتناقض تماماً مع عدد لا يحصى من الحالات الموثقة لمعتقلين في الإمارات يتعرضون للتعذيب، وكذلك الملاحظات الختامية للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب الصادرة في يوليو 2022.
لم تصادق الإمارات بعد على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
في هذا السياق، أوصت 11 دولة الوفد الإماراتي بالتصديق (أو على الأقل النظر في التصديق) على اتفاقية مناهضة التعذيب.
ليست الإمارات العربية المتحدة طرفاً في اتفاقية مناهضة التعذيب فحسب، بل إنها لم تعرّف التعذيب في إطارها القانوني المحلي. وبناءً على ذلك، أوصت كل من نيوزيلندا وتونس بوضع تعريف للتعذيب في القانون المحلي وفقاً لتعريف اتفاقية مناهضة التعذيب.
مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان
تستخدم الإمارات العربية المتحدة باستمرار ذريعة مكافحة الإرهاب لتوقيف واحتجاز وتعذيب الأفراد الذين يمارسون حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية.
تم تقنين هذا في الإطار القانوني المحلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما هو موضح في فقرة حرية التعبير والتجمع.
خلال الاستعراض الدوري الشامل، أوصت سويسرا بتعديل قانون 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، وقانون 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، وقانون العقوبات، ومواءمة كل من هذه القوانين مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وحرية التعبير على وجه الخصوص.
وقدمت لوكسمبورغ توصية مماثلة، مضيفة أن على الإمارات العربية المتحدة إنهاء استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.
كررت نيوزيلندا هذا من خلال التوصية بإدخال تعديلات تشريعية لضمان عدم استخدام الإرهاب كذريعة للحد من المعارضة العلنية.
لا تسجن الإمارات الأفراد على أساس مكافحة الإرهاب فحسب، بل تبقيهم أيضاً رهن الاعتقال التعسفي إلى ما بعد إنتهاء مدد عقوبتهم بذريعة “المناصحة”.
تسمح هذه المادة الخاصة من قانون مكافحة الجرائم الإرهابية لعام 2014 للسلطات باحتجاز السجناء حتى لو أكملوا مدة العقوبة التي أمرت بها المحكمة.
لذلك، على الإمارات العربية المتحدة أن تنفذ على الفور توصية هولندا بـ “الإفراج عن جميع السجناء الذين أتموا الأحكام الصادرة بحقهم من المحكمة والذين لا يزالون محتجزين حالياً بموجب المادة المتعلقة ب” المناصحة” في قانون مكافحة الجرائم الإرهابية لعام 2014.
استقلالية القضاء والمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة
القضاء في الإمارات العربية المتحدة بعيد كل البعد عن الاستقلالية، حيث يتم تعيين القضاة مباشرة من قبل السلطة التنفيذية. وفي هذا السياق، أوصت نيوزيلندا دولة الإمارات العربية المتحدة بضمان استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية.
في الواقع، ليس القضاء فقط خاضعاً لسيطرة السلطة التنفيذية، ولكن هذه السلطة تمكّن جهاز أمن الدولة من إرتكاب تجاوزات.
تسمح السلطات الشاملة لأمن الدولة بالاحتجاز التعسفي والسري والتعذيب، والإفتقار إلى المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة.
لذلك، أوصت نيوزيلندا أيضاً بضمان احترام المعايير الدولية والقانونية للمحاكمات العادلة في الإمارات العربية المتحدة، وتنفيذ الضمانات الإجرائية ورفض الأدلة التي تم الحصول عليها تحت التعذيب.
تحتجز السلطات الإماراتية الأفراد بشكل روتيني دون إبلاغهم بالمذكرات والتهم الموجهة ضدهم، كل ذلك مع حرمانهم من التواصل مع العالم الخارجي والحصول على مستشار قانوني.
قدمت كندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة توصيات مماثلة لضمان منح الأفراد الموقوفين والمحتجزين الحق في الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمات العادلة والوصول إلى الخدمات القانونية، والكشف عن مكان وجودهم إلى شخص يعرفونه، وإبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم دون تأخير.
يجب على دولة الإمارات العربية المتحدة قبول التوصيات التي قدمتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وخاصة تلك المتعلقة بحرية التعبير والتجمع، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وحظر التعذيب، ومكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، واستقلال القضاء والمحاكمة العادلة و ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة.