أسباب سياسية وراء اعتقال الإمارات لـ”غفور”
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – كشف موقع “ذا انترسبت” الأمريكي عن شكوك قوية بدوافع سياسية في احتجاز الإمارات للمواطن الأمريكي “عاصم غفور“، الصديق المقرّب من الراحل “جمال خاشقجي” ومستشاره القانوني سابقًا.
وقال الموقع في تقرير له عن إن ذلك يأتي في ظل التاريخ المشترك للإمارات والسعودية في الانتقام من المعارضين لكلا البلدين الخليجيين.
وذكر أن “غفور” كان أحد مؤسسي منظمة “DAWN” الحقوقية إلى جانب “خاشقجي” الذي قتلته السعودية بقنصليتها في إسطنبول عام 2018.
وأشار إلى أنه شارك بشكل كامل مع الفريق القانوني بدعوى ضد ولي عهد السعودية “محمد ابن سلمان” بالقضية.
ونبه الموقع إلى أنه يُعتقد أن “ابن سلمان” أمر بقتل “خاشقجي“، إذ أن مقتله الوحشي تسبب بإحراج ولي العهد وإلحاق الضرر بعلاقاته مع أمريكا.
وأكد أن افتقار الإمارات إلى الشفافية بشأن اتهامات عاصم غفور وإدانته في الإمارات؛ يثير بالفعل شكوكاً واسعة النطاق.
وقال الموقع إن “غفور” مستهدف بالفعل لأسباب سياسية، بوقت يتزايد فيه القمع العابر للحدود.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” إن اعتقال غفور المفاجئ أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت الإمارات تتعاون بشكل وثيق مع السعودية لاحتجازه لأسباب سياسية.
وأشارت إلى أن منها علاقة “غفور” بـ”خاشقجي“، مبينًا أن واشنطن زادت من ضغطها على الإمارات، لإطلاق سراحه.
وبينت الصحيفة أن أعضاء بالكونجرس الأمريكي ومنظمات مسلمة بأمريكا، عقدوا مؤتمرين صحفيين منفصلين لتسليط الضوء على قضيته.
وذكرت أنه لم يكن على علم بالتهم الموجهة إليه قبل اعتقاله وأدين دون علمه أو منحه فرصة للدفاع عن نفسه.
وأشارت إلى أنهم وصفوا اعتقاله الذي جرى مطار دبي يوم 16 يوليو بينما كان متوجها إلى إسطنبول لحضور حفل زفاف بـ”التعسفي وغير العادل”.
وكشفت النائبة في الكونغرس الأمريكي “جينيفر ويكستون” عن أن مجلسها يواصل الضغط على حكومة الإمارات للحصول على إجابات بعد اعتقال “غفور“.
وقالت “ويكستون” في تغريدة لها إنه “مر 13 يومًا ولم يلتق عاصم بمحاميه ولم يتحدث إلى عائلته بعد”.
فيما أكد موقع “ميدل أيست أي” البريطاني أن الغضب في أمريكا يتصاعد مع مواصلة احتجاز الإمارات لـ”غفور” الذي عمل محاميا للصحفي الراحل “جمال خاشقجي“.
وذكر الموقع أن 10 أعضاء في الكونجرس دعوا إدارة الرئيس “جو بايدن” لمعالجة اعتقال غفور، وضغطوا من أجل إطلاق سراحه.
وبين أن جماعات حقوقية أمريكية أبرزها منظمة العفو الدولية حثت إدارة بايدن للضغط على الإمارات لإطلاق سراح غفور.
ونقلت عن النائب الأمريكي “جيم ماكغفرن” قوله: “لقد أقلقني أن غفور الذي مثل خاشقجي اعتقل وسجن في الإمارات”.
وأضاف: “جاء ذلك بناءً على إدانته غيابياً دون إشعار أو فرصة للدفاع عن نفسه، يجب إطلاق سراحه والسماح له بالعودة إلى أمريكا”.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الإمارات لديها سجل حافل بانتهاكات حقوق الإنسان. وبين أن ذلك يجعل من المشروع التنبؤ بأن احتجاز غفور” جاء على خلفية عمله الحقوقي.
وذكر المرصد في بيان أنه يرجّح تعمّد السلطات مصادرة حرّيته بإطار سياسة عداء ضد النشطاء الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وطالب الأورومتوسطي بإلغاء الحكم القضائي الصادر بحق “غفور” وتوفير ضمانات محاكمة عادلة له. ودعت إلى إطلاق سراحه حال عدم ثبوت تورطه في التهم المنسوبة إليه.
وفي التفاصيل، قال المرصد إنّ أفراد أمن بزي مدني بمطار دبي الدولي احتجزوا في 14 يوليو الجاري “غفور”. ويشغل عاصم عضوية مجلس أمناء منظمة “الديمقراطية الآن للعالم العربي” (DAWN).
وعمل سابقًا محاميًا للصحافي والكاتب السعودي الراحل “جمال خاشقجي“. وذكر المرصد أنه كان ينوي التوجه لإسطنبول لحضور حفل زفاف عائلي.
وعقب يومين من احتجازه، نشرت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية خبرًا قالت فيه إنّ محكمة غسل الأموال بأبو ظبي أدانت “غفور”.
وادرجت له ارتكاب “جريمتي تهرب ضريبي وغسل الأموال مرتبطتين بعملية تهرب ضريبي في دولته”.
وحكت بمعاقبته بالحبس ثلاث سنوات، وتغريمه مبلغ ثلاثة ملايين درهم (نحو 817 ألف دولار أمريكي)، مع الإبعاد عن الدولة.
وبينت إنّ تفاصيل القضية تعود إلى ورود طلب مساعدة قضائية أمريكية بشأن تحقيقات تجريها عنه بتهمة التهرب الضريبي.
وعقب تحقيقات النيابة العامة الإماراتية، تمت إحالة المتهم غيابيًا إلى محكمة غسل الأموال بتهمة التهرب الضريبي وغسل الأموال.
وأصدرت حكمها غيابيًا بمعاقبته بالحبس لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة ملايين درهم والإبعاد. ولم تُشر السلطات الإماراتية إلى تاريخ بدء أو انتهاء المحاكمة الغيابية أو طبيعة إجراءاتها.
كما لم تنشر أي دلائل أو قرائن تثبت إدانة “غفور”، ما يثير شكوكًا حقيقية حول صحة وسلامة الإجراءات القانونية، ودوافع الاحتجاز والمحاكمة.
من جهتها، نفت الخارجية الأمريكية تقديمها أي طلب لاعتقال “غفور”، وقالت إنّها أثارت قضيته مع سلطات الإمارات على أعلى المستويات.
وبيّن الأورومتوسطي أنّ احتجاز “غفور” دون إشعار أو بلاغ مسبق بمحاكمته ومعاقبته غيابيًا، وحرمانه من حقه بالدفاع عن نفسه، يمثّل عوارًا بائنًا بالإجراءات القانونية الواجبة.
وذكرت أنه يرجّح تعمّد السلطات مصادرة حرّيته في إطار سياسة العداء التي تنتهجها ضد النشطاء الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وأكّدت أنّ سجل الإمارات الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان يجعل من المشروع التنبؤ باحتجاز المحامي “غفور” على خلفية عمله الحقوقي.
ونبهت إلى أن منظمة (DAWN) الحقوقية التي ينتمي إليها تنشط بإثارة قضايا حقوق الإنسان في المنطقة العربية.
وبحسب الأورومتوسطي، نشرت في أكثر من مناسبة تقارير تنتقد السياسات والممارسات الإماراتية المخالفة للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
وقال مسؤول العمليات بالمرصد “أنس جرجاوي”: “في الدول التي تتجاهل احترام أو تطبيق معايير حقوق الإنسان، يكون من السهل احتجاز أو معاقبة أي شخص على خلفية نشاطه المدني أو السياسي”.
وأضاف “جرجاوي”: “إذ تعمل جميع السلطات بالدولة ضمن منظومة واحدة لتنفيذ التوجيهات الأمنية التي تصدر من أعلى المستويات”. وأشار إلى أنها “غالبًا ما تتعارض مع حقوق وحرّيات الأفراد والكيانات”.
وذكر أنّه “بمراجعة سلوك القضاء الإماراتي بالقضايا المتعلقة بالحريّات، يتبيّن بشكل لا لبس فيه أنّه لا يتمتع بالاستقلالية الكافية لإصدار أحكام ضد التوجهات الأمنية العامة للدولة”.
وقال “جرجاوي” إنه “بالتالي لا يمكن الوثوق كثيرًا بإجراءات أو قرارات المنظومة القضائية بالقضايا ذات العلاقة بالحقوق والحريات”.
وطالب الأورومتوسطي السلطات الإماراتية باحترام الإجراءات القانونية الواجبة في قضية احتجاز المحامي الأمريكي “عاصم غفور”.
وحث على الالتزام بالإفصاح عن جميع حيثيات القضية المزعومة، وإعادة محاكمته بعد توفير ضمانات العدالة، وتمكينه من جميع السبل القانونية للدفاع عن نفسه.
وناشد الأورومتوسطي السلطات الإماراتية للتوقف عن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان وأصحاب الرأي.
ونبه إلى احترام التزاماتها بموجب الدستور المحلي والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي في البلاد.