الأثر الوخيم للأسلحة المتفجرة على الإرث الثقافي والمدنيين
قالت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أصدرته مع “العيادة الدولية لحقوق الإنسان” التابعة لكلية الحقوق في “جامعة هارفرد” إن قصف المدن والبلدات خلال النزاعات المسلحة له آثار وخيمة على الإرث الثقافي والمدنيين.
وأكد التقرير أنه ينبغي مناقشة تقليص هذا الضرر في الاجتماع الأول للدول الداعمة لـ “الإعلان السياسي بشأن حماية المدنيين من استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان” لعام 2022، المقرر انعقاده في أوسلو، النرويج من 22 إلى 24 أبريل/نيسان 2024.
يفصّل تقرير “تدمير الإرث الثقافي: آثار الأسلحة المتفجرة خلال النزاعات المسلحة وتدابير تعزيز الحماية”، الصادر في 80 صفحة، الضرر على المديَيْن القصير والطويل جراء استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان الذي يلحق بالإرث الثقافي، مثل المباني التاريخية، ودور العبادة، والمتاحف والأرشيف، والساحات العامة، ومراكز العروض الفنية.
ويُظهر أن بإمكان الإعلان حول الأسلحة المتفجرة أن يشكّل أداة ثمينة لمعالجة المشكلة.
قالت بوني دوكرتي، مستشارة أولى في قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش، ومحاضِرة في القانون في عيادة هارفرد: “على الحكومات أن تدرك أن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان يهدد الإرث الثقافي للخطر، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يقدّرون هذا الإرث”.
وأضافت “على أطراف النزاعات المسلحة الالتزام بالإعلان السياسي لعام 2022 والامتناع عن قصف المناطق المأهولة بالسكان من أجل الحفاظ على هذا الإرث للأجيال القادمة”.
تؤدي الأسلحة المتفجرة، مثل القنابل الجوية، والقذائف المدفعية، والصواريخ، عندما تُستخدم في المناطق المأهولة بالسكان إلى مقتل وإصابة مدنيين، وتدمير أعيان مدنية أثناء العملية. ولهذه الأسلحة آثار غير مباشرة أو “ارتدادية” على المدى الطويل، تفاقم معاناة المدنيين.
وهذه الأسلحة تمحو التاريخ عبر إلحاق الضرر بالإرث الثقافي، وتقوّض هوية المجتمع ووحدته، ولها تكلفة مادية.
قابلت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفرد 17 خبيرا ومدنيين متأثرين، وراجعتا مصادر أولية وثانوية، وأجرتا تحليلا قانونيا.
درستا الحرب الروسية الدائرة في أوكرانيا لإظهار هشاشة الإرث الثقافي أمام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.
ودرستا خمسة أمثلة – منها المتاحف والأرشيف، ومواقع ثقافية في المدن، ودور عبادة – للإضاءة على تواتر، وتنوع، وحجم أثر الأسلحة المتفجرة على الإرث الثقافي، ودلالات هذا الأثر بالنسبة للسكان المدنيين.
استخلص الباحثون أيضا أمثلة من نزاعات أخرى، ولا سيما غزة واليمن، للتمييز بين الضرر المباشر وغير المباشر على الأماكن والناس اللذَين يسببهما أسلوب الحرب هذا وتفصيل هذين الضرَرَيْن.
قالت دوكرتي: “يؤدي استخدام الأسلحة المتفجرة إلى خسائر مفجعة في المواقع والأعيان التي قد تكون لها قيمة محليا أو عالميا. كما يصيب الضرر الشعب في الصميم، إذ يتوقع نقل إرثه الثقافي من جيل إلى جيل”.
منذ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، صادقت 86 دولة على الإعلان الذي يضع معايير لتفادي ومعالجة آثار استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.
قالت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفرد إن على الدول أن تفسر الإعلان وتطبقه لتحقيق أقصى قدر ممكن من الحماية للإرث الثقافي. وبالإضافة إلى تفادي استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة، على الدول مثلا أن تدرب الجنود على التعرف على الإرث الثقافي المحلي وفهم قيمته، وتجمع وتشارك بيانات متعلقة بالضرر اللاحق بالإرث الثقافي، وتسمح لخبراء الحفاظ على الإرث بالوصول الفوري إلى المواقع المتأثرة.
إذا أخذت أطراف النزاعات المسلحة خطوات من هذا القبيل، ستتمكن من تعزيز حماية الإرث الثقافي المنصوص عليها في القانون الدولي الحالي. عمليا، بإمكان هذه الخطوات أن تحمي الإرث الثقافي والمدنيين بشكل أفضل.
قالت دوكرتي: “على الدول الانضمام إلى الإعلان بشأن الأسلحة المتفجرة واستخدامه لتحقيق أقصى قدر ممكن من الأثر الإنساني. عبر تطبيق حماياته للإرث الثقافي، ستفيد الدول المدنيين أيضا، على أمل تقليص أهوال الحرب على المدى الطويل”.