أطباء بلا حدود تتهم مجلس الأمن بـ”الفشل”، والأمم المتحدة تحذر من اجتياح رفح
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – استمع مجلس الأمن إلى ركزتا على الأوضاع في غزة في جلسة حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية.
الإحاطتين كانتا من منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، والأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود.
هذا وجدد المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، الإعراب عن قلقه البالغ إزاء احتمال شن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مدينة رفح المكتظة بالسكان، حيث لجأ نحو 1.4 مليون فلسطيني.
ومع الاقتراب من 140 يوما من الحرب المدمرة، نبه وينسلاند إلى أنه ما من نهاية تلوح في الأفق لصدمة المتضررين من فظائع 7 تشرين الأول/أكتوبر ومعاناة الناس في غزة والاضطرابات الإقليمية.
وتحدث وينسلاند عن زيارته لقطاع غزة هذا الأسبوع ليرى بنفسه المأساة التي تتكشف، وللقاء الفرق الأممية التي تعمل بلا كلل وبشجاعة على الأرض، في خضم تحديات جسيمة لتقديم المساعدة المنقذة للحياة للمدنيين الفلسطينيين في القطاع.
وأشار إلى أن ما رآه كان صادما وغير مستدام. وجدد التأكيد على الحاجة الملحة إلى اتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية والإفراج غير المشروط عن الرهائن.
وفي غضون ذلك، قال المنسق الأممي إنه سيواصل حث جميع الأطراف المعنية – بما في ذلك السلطات الإسرائيلية – على معالجة العوائق الرئيسية التي تعترض استجابة الأمم المتحدة الإنسانية على الأرض.
وقال: “نحن بحاجة إلى المزيد من تدابير السلامة، والمزيد من الأمن والأدوات ونقاط الوصول لتوسيع نطاق المساعدات، وخاصة في الشمال”.
وأشار تور وينسلاند إلى أنه سيواصل انخراطه المكثف في المنطقة وعلى المستوى الدولي، ليس فقط لدعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، بل للتوصل إلى تفاهم مشترك ونهج منسق لمعالجة الأزمات الإنسانية والأمنية والسياسية المعقدة التي لا تؤثر على غزة فحسب، بل أيضا على الأرض الفلسطينية المحتلة بأكملها وإسرائيل والمنطقة.
وعلى الصعيد الإنساني، وصف منسق عملية السلام الوضع في غزة بأنه يائس، مشيرا إلى أن النازحين يعانون من نقص حاد في الغذاء والماء والمأوى والدواء.
وأشار أيضاً إلى الأمراض المعدية المنتشرة وسط ظروف غير صحية ويواجه أكثر من مليوني شخص انعدام الأمن الغذائي الشديد، وتكون النساء والأطفال الأكثر عرضة للخطر. وقد أدى هذا اليأس والندرة إلى انهيار شبه كامل للقانون والنظام.
وجدد تور وينسلاند نداءه لفتح نقاط وصول إضافية إلى الجزء الشمالي من غزة لزيادة تدفق المساعدات، وتخفيف الازدحام في الجنوب وتخفيف بعض الضغط على السكان والموظفين الذين يسعون إلى إيصال المساعدات.
بشأن الوضع في الضفة الغربية، أشار منسق عملية السلام إلى مقتل 27 فلسطينيا- من بينهم ثمانية أطفال- على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية، غالبيتهم في سياق العمليات الإسرائيلية في المنطقة (أ).
وفي 30 كانون الثاني/يناير، قتلت وحدة سرية تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي ثلاثة فلسطينيين داخل مستشفى في جنين، وكان أحدهم مريضا. وقال الجيش الإسرائيلي إن الثلاثة كانوا يخططون لهجوم ضد إسرائيليين.
وتحدث تور وينسلاند عن استمرار النشاط الاستيطاني حيث نشرت السلطات الإسرائيلية عطاءات لبناء حوالي 420 وحدة سكنية في مستوطنات المنطقة (ج).
يُذكر أن المنطقة (ج) تشكل معظم مساحة الضفة الغربية وتقع بشكل شبه كامل تحت السيطرة الإسرائيلية.
وقال المسؤول الأممي إن استمرار العنف في غزة وتصاعد التوترات والقيود في الضفة الغربية- بما في ذلك الأماكن المقدسة في القدس الشرقية، فإن شهر رمضان المقبل قد يكون وقتا يشهد مزيدا من التقلبات بدلا من أن يكون وقتا للتأمل والتعافي.
وناشد وينسلاند القيام باستجابة جماعية منسقة وشاملة، ليس فقط لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة ولكن أيضا لاستعادة الأفق السياسي للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، مع تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
ولتحقيق ذلك، شدد مجددا على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق للوقف الإنساني لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وخلق المجال للتحرك قدما عبر الحوار بدلا من العنف. وقال إن الحل الوحيد طويل الأمد لغزة، في نهاية المطاف، هو حل سياسي.
وقال: “مع الأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل، يجب أن يكون هناك مسار واضح باتجاه استعادة الحكم الفلسطيني الواحد والفعال بأنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها غزة”.
وشدد على أهمية الدعم الدولي لتعزيز وإصلاح السلطة الفلسطينية لتحسين الشرعية محليا ودوليا.
من جانبه وصف الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود كريستوفر لوكيير الاستجابة الإنسانية في غزة اليوم بأنها “مجرد وهم مريح يديم رواية مفادها أن هذه الحرب تُشن بما يتماشى مع القوانين الدولية”.
وقال إن الدعوات لتقديم المزيد من المساعدة الإنسانية في غزة تردد صداها في قاعة مجلس الأمن، ولكن مع ذلك، فإن المساحة والأدوية والطعام والمياه والسلامة تتناقص كلها بصورة يومية في القطاع. وقال “إننا نعيش في خوف من اجتياح بري”.
وأضاف: “قبل 48 ساعة، وبينما كانت عائلة تجلس حول طاولة داخل مطبخ في منزل يؤوي موظفي منظمة أطباء بلا حدود وعائلاتهم في خان يونس، اخترقت قذيفة دبابة الجدران”.
وأكمل قائلاً: ” أدت القذيفة إلى إشعال النار وقتل شخصين وإصابة ستة آخرين بحروق بالغة. وخمسة من المصابين الستة هم من النساء والأطفال”.
وقال كريستوفر لوكيير إن منظمته اتخذت كافة الاحتياطات اللازمة لحماية العاملين في المجال الإنساني وأفراد أسرهم من مثل هذا الهجوم من خلال إخطار الأطراف المتحاربة بالموقع ووضع علامة واضحة على المبنى بعلم منظمة أطباء بلا حدود.
ولكن على الرغم من تلك الاحتياطات، قال لوكيير إن مبنى المنظمة لم يتعرض للإصابة بقذيفة دبابة فحسب، بل تعرض أيضا لإطلاق نار كثيف.
وحوصر البعض في المبنى المحترق بينما أدى إطلاق النار النشط إلى تأخير وصول سيارات الإسعاف إليهم.
ووصف كريستوفر لوكيير هذا الحادث بأنه “أمر مألوف للغاية”، وقال إن “القوات الإسرائيلية تهاجم قوافلنا، وتطلق النار على مستشفياتنا وتداهمها، وتحتجز موظفينا.
للمرة الثانية، تم قصف أحد ملاجئ موظفينا. هذا النمط من الهجمات إما مقصود أو مؤشر على عدم الكفاءة المتهورة.
وقال: “إن زملاءنا في غزة يخشون، وأنا أتحدث إليكم اليوم، أن يتعرضوا للعقاب غدا”.
ووصف كريستوفر لوكيير الهجمات على الرعاية الصحية بأنها بمثابة “هجمات على الإنسانية”، مشيرا إلى أنه “لم يعد هناك نظام صحي يمكن الحديث عنه في غزة.
وقال إن: “الجيش الإسرائيلي قام بتدمير المستشفيات واحدا تلو الآخر، ولم يبق إلا القليل في مواجهة مثل هذه المذبحة. إنه أمر غير معقول”.
والعذر المقدم- كما قال- هو أن “المرافق الطبية قد استخدمت لأغراض عسكرية، ومع ذلك لم نر أي دليل تم التحقق منه بشكل مستقل على ذلك”.
وشدد لوكيير على ضرورة أن يتوقف كل هذا وأضاف: “نحن والعالم نراقب عن كثب كيف يتعامل هذا المجلس وأعضاؤه مع الصراع في غزة”.
وتابع بقوله: “فشلت هذه الهيئة- اجتماعا بعد اجتماع، وقرارا بعد قرار- في معالجة هذا الصراع بشكل فعال. لقد شاهدنا أعضاء هذا المجلس وهم يتداولون ويؤجلون بينما يموت المدنيون”.
وقال: “إن هذا المجلس كانت لديه الفرصة، 3 مرات، للتصويت على وقف إطلاق النار الذي تشتد إليه الحاجة، ولكن الولايات المتحدة استخدمت الفيتو 3 مرات آخرها كان يوم الثلاثاء”.
وأضاف أن مشروع القرار الجديد المقدم من الولايات المتحدة يدعو “ظاهريا” لوقف إطلاق النار ولكن ذلك الأمر مضلل كما قال.
وأضاف: “على هذا المجلس رفض أي قرار يزيد تقويض الجهود الإنسانية على الأرض ويقود المجلس إلى أن يؤيد ضمنا العنف والفظائع الجماعية المرتكبة في غزة”.
وشدد على أن أهل غزة يحتاجون وقف إطلاق النار الآن، وليس “عندما يصبح ذلك عمليا” مشيرا إلى ما تردد عن اللغة المستخدمة في مشروع القرار الأمريكي.