الأورومتوسطي يتحقق من مقطع مصور لاستهداف الجيش الإسرائيلي طفلة في غزة

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ فريقه الميداني تحقق من مقطع فيديو يوثّق استهداف الجيش الإسرائيلي طفلة فلسطينية أثناء محاولتها تعبئة المياه داخل ساحة مستشفى “كمال عدوان” شمالي قطاع غزة، في دليل دامغ جديد على تعمّد إسرائيل قتل الأطفال الفلسطينيين، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة للشهر الثالث والعشرين على التوالي.

وأظهر الفيديو الذي كُشف عنه اليوم الأحد لحظة استهداف الطفلة الفلسطينية “آمنة أشرف المفتي” (11 عامًا)، بصاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية مسيّرة، بينما كانت تحمل قربة مياه فارغة في ساحة مستشفى “كمال عدوان” شمالي قطاع غزة.

وقال الأورومتوسطي إن سجلات للتوثيق لديه أكدت أن الطفلة قُتلت بتاريخ 21 ديسمبر/كانون أول 2024.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ المقطع يُظهر بوضوح أن الطفلة كانت صغيرة البنية، لا تحمل سلاحًا ولا تُشكّل أي تهديد، وأن تحرّكها اقتصر على محاولة تعبئة المياه من ساحة المستشفى، بعد أن أدى الحصار الإسرائيلي وقطع الإمدادات إلى انقطاع المياه عنه، رغم اكتظاظه بالمرضى والنازحين.

وأشار الأورومتوسطي إله أنه وبرغم وضوح ملامحها كطفلة، أطلقت طائرة إسرائيلية مسيّرة صاروخًا مباشرًا نحوها، فأردتها قتيلة على الفور، في مشهد يجسّد وحشيّة غير مبررة بحق المدنيين الفلسطينيين.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن هذا التوثيق المصوّر يُضاف إلى شهادات حيّة أفادت بأن الطفلة “المفتي” لم تكن الضحية الوحيدة، إذ استُهدف كذلك “محمد أبو حجاج” بالطريقة ذاتها بعد أقل من ساعتين، أثناء محاولته جلب المياه من ساحة المستشفى نفسها، ما يعكس نمطًا متعمّدًا ومتكرّرًا في استهداف المدنيين العُزّل خلال سعيهم لتأمين أساسيات البقاء.

وفي إفادته لفريق الأورومتوسطي، قال عم الطفلة “اسماعيل المفتي” (31 عامًا): “حاصرت قوات الاحتلال مشروع بيت لاهيا في شهر نوفمبر 2024، وتعرض المنزل المجاور لنا للقصف مما دفعنا للنزوح إلى مستشفى كمال عدوان. قطع جيش الاحتلال المياه عن المستشفى وبقينا محاصرين داخله، لم نستطع الاحتمال أكثر من يوم دون مياه بسبب وجود أطفال بيننا، فخرجت ابنة أخي الطفلة آمنة لتعبئة المياه من ساحة المستشفى لتتعرض لقصف بشكل مباشر، وهي لم تكن الوحيدة. بصعوبات كبيرة استطعنا سحب جثمانها إلى داخل المستشفى ودفنت لاحقًا بجانبه، إلى أن جرى نقلها إلى مقبرة بيت لاهيا مع بدء الهدنة في شهر يناير 2025”.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الجيش الإسرائيلي كان قتل والدة الطفلة “المفتي”، “نجلاء فتحي حسين المفتي”، وشقيقها “براء” البالغ من العمر 8 أعوام، بتاريخ 17 مايو/أيار 2025، أثناء محاولتهما النزوح من المنطقة، إذ استُهدفوا بقصف مباشر بينما كانوا يضعون حاجياتهم في السيارة التي كانت ستنقلهم، في جريمة أخرى تُجسّد الإصرار على استهداف المدنيين حتى خلال نزوحهم.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أن هذه الجريمة تُشكّل دليلًا دامغًا إضافيًا على أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد استهداف الأطفال الفلسطينيين وقتلهم، ضمن نمط متكرّر من القتل الممنهج منذ بدء العدوان على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 18,000 طفل فلسطيني، كثير منهم سقطوا برصاص حيّ أُطلق عمدًا على مناطق الرأس والصدر، في مواقع مدنية لا تشهد أية اشتباكات، بما في ذلك أطفال وثّقت الكاميرات لحظة إصابتهم المباشرة، وآخرون قُتلوا أثناء انتظارهم مساعدات غذائية عند نقاط توزيع تديرها مؤسسة “غزة الإنسانية”.

وتتّسق جريمة قتل الطفلة “المفتي” مع هذا النمط، ومع شهادات موثقة أدلى بها أطباء وجراحون عملوا داخل قطاع غزة، أكّدوا فيها معاينتهم لحالات متكررة لأطفال أُصيبوا بطلقات دقيقة في مناطق قاتلة، لم تكن عشوائية ولا ناجمة عن تبادل نيران، بل طلقات موجهة ومقصودة استهدفت أطفالًا عزّل لا يشكّلون أي تهديد.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ طبيعة المكان، وهو مستشفى مدني، وهوية الضحية كطفلة صغيرة الحجم كانت تحمل جالون مياه، وطبيعة الوسيلة المستخدمة، وهي طائرة مسيّرة تطلق صواريخ موجهة بدقة عالية وتتيح لمشغّلها تشخيص الهدف ومراقبته بوضوح، جميعها عوامل تنفي بشكل قاطع وجود أي تهديد أو ضرورة عسكرية، أو حتى مجال للشك، وتؤكّد أن قرار القتل اتُّخذ بوعي كامل، ما يجعل الجريمة متعمّدة ومدروسة، وتشكل انتهاكًا جسيمًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ولا سيما مبدأي التمييز والتناسب، وتُعد بحد ذاتها جريمة حرب، كما وتشكل امتدادًا لنمط منهجي من الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الاستهداف المتعمّد للأطفال الفلسطينيين يشكّل ركيزة أساسية ومروّعة في جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 22 شهرًا، إذ يعكس قتلهم استراتيجية مدروسة لتدمير مستقبل الشعب الفلسطيني عبر القضاء على جيله الناشئ، بما يؤدي إلى تعطيل التكاثر الطبيعي وفقدان الجماعة قدرتها على البقاء والحفاظ على هويتها، وصولًا إلى محو الهوية الفلسطينية وتقويض قدرتها على الصمود والاستمرار.

قد يعجبك ايضا