الأورومتوسطي: عزل درعا البلد عن باقي مناطق سوريا يهدد بتجويع 40 ألف شخص
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد من التداعيات الإنسانية إزاء الحصار المفروض من قبل القوات الحكومية السورية على منطقة درعا البلد.
حيث أكد المرصد أن الحصار مستمر منذ 24 يونيو/حزيران الماضي. وطالب بضرورة فك الحصار والسماح بدخول المواد الإنسانية الأساسية على نحو عاجل.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيانٍ صحفيٍ اليوم، إنّ منطقة درعا البلد جنوبي سوريا تعيش منذ 21 يوماً حصاراً مطبقاً تفرضه قوات الحكومة السورية، في محاولة لإجبار الأهالي ومقاتلي الفصائل المعارضة على تسليم أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة، ودفعهم للقبول بتثبيت نقطة عسكرية تتبع للأمن العسكري في مناطقهم.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ القوات الحكومية عمدت إلى عزل مركز مدينة درعا عن أحياء درعا البلد، ومن ثم قطعت جميع الممرات والمعابر في محيطها من خلال إغلاق كافة الطرق المؤدية إليها ورفع السواتر الترابية ونشر القناصة على أسطح الأبنية المرتفعة.
وأضاف أنّ الإغلاق شمل كذلك الطرق المؤدية إلى مستشفيات درعا الوطني والرحمة والشفاء ومجمع الحياة الطبي في منطقة “المحطة” -التي تسيطر عليها القوات الحكومية- وهو ما يعني حرمان الحالات المرضية والإنسانية من الوصول إلى المرافق الطبية، مع وجود مركز طبي وحيد بإمكانيات متواضعة في المنطقة المحاصرة.
وبحسب مصادر محلية، منعت قوات الحكومة السورية في 11 تموز/يوليو الجاري برنامج الأغذية العالمي (WFP) إدخال مساعدات إنسانية إلى أحياء درعا البلد، على حين أبلغ الهلال الأحمر السوري الأهالي بوقف المساعدات الإنسانية عن المنطقة.
وفي إفادته لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال (ح.ك) (26 عامًا)، وهو أحد سكان منطقة درعا البلد: “بدأت السلع تشح والأسعار ترتفع بشكل كبير، وأصبح من الصعب للغاية تأمين المواد والأدوية الأساسية”.
وأضاف: “نعيش أيضًا رعبًا نفسيًا بسبب التهديد المستمر من قوات النظام باقتحام المنطقة والانتقام من السكان كما حدث في مناطق أخرى. الحواجز المحيطة بدرعا البلد تفتح بشكل يومي رشاشاتها على المنازل السكنية، والطيران الحربي والمروحي يكاد لا يفارق السماء”.
ووفق معلومات جمعها المرصد الأورومتوسطي، فإنّ أرصدة المواد والأدوية الأساسية بدأت بالنفاد من المناطق المحاصرة، إذ أبلغ الأهالي باختفاء حليب الأطفال الرضع من المراكز الطبية والصيدليات، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على حوالي 400 طفل رضيع في منطقة درعا البلد تتراوح أعمارهم بين عدة أيام إلى عام ونصف. كما نفدت أصناف عديدة من الأدوية، ولا سيما الخاصة بمرض غسيل الكلى، والأمراض المزمنة وأبرزها دواء مرض السكّري.
وتضم منطقة درعا البلد حوالي 11 ألف عائلة (40 ألف نسمة)، موزعين على عدة أحياء؛ وهي حي مخيم نازحي الجولان، ومخيم اللاجئين الفلسطينيين، وحي طريق السد، والمزارع في منطقة الشياح والنخلة والرحية والخواني، وجميع هذه المناطق تُعاني حتى هذه اللحظة من الحصار ومنع دخول المواد الإنسانية الأساسية؛ مثل الأدوية والأغذية والوقود.
ولفت المرصد الأورومتوسطي أنّ العائلات لن تستطيع الصمود أمام الحصار الخانق، كونها تعتمد في مردودها المادي على عمل شبانها في باقي مناطق المحافظة، حيث تمنع القوات الحكومية المتمركزة في محيط الأحياء المحاصرة أي شخص يحمل هوية تثبت أنه من درعا البلد الخروج من المنطقة.
وقال مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي “أنس جرجاوي” إنّ صمت المجتمع الدولي على الأفعال المشينة التي يرتكبها النظام السوري ضد المدنيين أكسبه قدرة كبيرة على الاستمرار بتلك الممارسات، إذ لم يشعر النظام حتى الآن بضغط حقيقي يدفعه إلى احترام حقوق السوريين والتوقف عن قتلهم وتهجريهم وعقابهم جماعيًا.
وأضاف أنّ حصار أحياء درعا البلد بإشراف روسي مباشر يأتي ضمن سياسة الإخضاع التي يُمارسها النظام منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في مارس/آذار 2011، والتي تقوم على حصار وتجويع واستهداف السكان عقابًا على رفضهم لسياسات النظام ومطالباتهم المشروعة بالحرية والإصلاح.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على وجوب تحييد المدنيين عن جميع أشكال النزاع، وعدم ربط أي قضية بالمستلزمات الأساسية لعيش المدنيين، إذ إنّ السلطات السورية ملزمة بالتوقف عن سياسة التجويع والحصار بحق السكان المدنيين.
وينصّ اتفاق التهدئة المبرم في تموز/يوليو 2018 بين النظام السوري وروسيا من جهة، وفصائل المعارضة في درعا وريفها من جهة أخرى، على سحب الأسلحة الثقيلة وإبقاء الأسلحة المتوسطة والخفيفة في يد فصائل المعارضة، وهو ما يشي بأنّ اشتراطات الحكومة لفك الحصار تهدف للانتقام من الأهالي، وإنهاء كافة مظاهر المعارضة في المنطقة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة السورية إلى فك الحصار المفروض على منطقة درعا البلد على نحو عاجل، والسماح بدخول جميع المستلزمات الأساسية للسكان، وتمكينهم من التنقل خارج المنطقة للوصول إلى المرافق الصحية أو أماكن العمل، والامتناع عن تنفيذ أي عمل عسكري في المنطقة تحت أي ظرف.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الأمم المتحدة بحث الحكومة السورية على إنهاء سياسة حصار واستهداف المناطق المدنية، وتفعيل الآليات الأممية التي من شأنها الضغط على النظام السوري لوقف انتهاكاته ضد المدنيين، واحترام حقوقهم في العيش الكريم وممارسة الحريات المشروعة.
اقرأ أيضاً: أمنستي: قرار المساومة الصادر عن مجلس الأمن لا يلبي الاحتياجات الإنسانية في سوريا