الأورومتوسطي: تعطيل الاستجابة الإنسانية قرار إسرائيلي بالإعدام الجماعي لرافضي التهجير القسري من غزة
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ الجيش الإسرائيلي يعتمد سياسة الأرض المحروقة لإجبار مئات آلاف السكان والنازحين في مدينة غزة على إخلائها بالقوة والترهيب، عبر مجازر القتل الجماعي للمدنيين، والتوسّع في تدمير ما تبقّى من المباني السكنية، وتعطيل جهود الاستجابة الإنسانية بشكل كامل، الأمر الذي يفضي إلى حرمان المدنيين من مقومات البقاء الأساسية ويجعل رفض التهجير القسري إعدامًا جماعيًا متعمّدًا ومنهجيًا.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان له أنّه تابع بخطورة بالغة إصدار جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الخميس 11 سبتمبر/ أيلول الجاري، أوامر إخلاء غير قانونية استهدفت سبع مقرات تابعة لهيئات صحية وإغاثية دولية ومحلية في مدينة غزة، في خطوة تكشف تعمّد إسرائيل تعطيل جهود الاستجابة الإنسانية بالكامل وشلّ قدرة المؤسسات الطبية والإغاثية على أداء مهامها المنقذة للحياة في المدينة.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه الأوامر لا يمكن فصلها عن مسار العدوان الأخير المتواصل منذ أكثر من شهر، والذي بدأ بالتوسع العسكري من المحور الجنوبي، في إطار خطة معلنة لإحكام السيطرة العسكرية على المدينة وتفريغها من سكانها، بما يهدد بتحويلها إلى منطقة منكوبة خالية من أبسط مقومات الحياة.
وبيّن الأورومتوسطي أنّ الأوامر استهدفت مركز “الرمال الصحي” والمكتب الرئيسي لمديرية صحة غزة داخله، وبرنامج الأغذية العالمي و”مركز توزيع الشيخ رضوان” التابع له، إضافة إلى مجموعة أفران “كامل عجور” في مخيم الشاطئ، و”مركز الشاطئ الصحي”، و”مخزن النسان.”
وأوضح أنّ هذه الخطوة جاءت في يوم شهد تصعيدًا واسعًا لسياسة قصف المنازل وتدميرها، إذ دمّرت الطائرات الحربية الإسرائيلية 15 منزلًا في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة خلال ساعات قليلة، وذلك عقب حملة مركّزة استهدفت الأبراج السكنية متعددة الطوابق في قلب المدينة، في محاولة واضحة لمضاعفة معاناة السكان وتجريدهم من المأوى والحد الأدنى من مقومات البقاء.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ أوامر التهجير، وما رافقها من تدمير واسع للمنازل والمباني السكنية ومراكز الإيواء، تزامنت مع تصاعد مجازر القتل الجماعي اليومي، ولا سيما في مدينة غزة، حيث بات معدل الضحايا في المدينة يشكّل ما بين 70 و80% من إجمالي القتلى اليوميين في قطاع غزة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ هذه الحملة تتعارض مع أبسط قواعد القانون الدولي التي تحظر استهداف المدنيين وممتلكاتهم، إذ لا غاية لها سوى ترهيب السكان والنازحين ودفعهم تحت وطأة القصف والخوف والتدمير إلى إخلاء المدينة قسرًا والتوجّه نحو جنوب القطاع، استنادًا إلى أمر التهجير غير القانوني الصادر في 9 سبتمبر/ أيلول الجاري، في إطار سياسة تقوم على محو مدينة غزة وتقليص فرص عودة سكانها إليها.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ الهدف من وراء هذه الجرائم لا تُعدّ مجرد استنتاجات، بل تتطابق مع ما يعلنه المسؤولون الإسرائيليون صراحًة في مناسبات رسمية ومؤتمرات صحافية، ومن ذلك ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” أمام الكنيست: «نحن ندمّر المزيد من المنازل في غزة حتى لا يبقى للفلسطينيين مكان يعودون إليه»، مُقرًّا بأنّ النتيجة الحتمية ستكون «التهجير القسري لغزة إلى الخارج»، إلى جانب تصريحاته المتكرّرة بشأن تهجير السكان من القطاع إلى دول ثالثة، في تأكيد صريح على أنّ ما يجري لا يستند إلى أي ضرورات عسكرية، ولا يقتصر على تهجير داخلي، بل يندرج ضمن خطة معلنة لإفراغ غزة من سكانها بالكامل.
وحذّر المرصد الأورومتوسطي من أنّ سعي إسرائيل إلى تعطيل جهود الاستجابة الإنسانية عبر إخلاء المنظمات الدولية والمحلية من مدينة غزة، من شأنه مفاقمة الأوضاع الكارثية وترك مئات آلاف السكان والنازحين الرافضين للنزوح القسري، أو العاجزين عن النزوح لغياب وسائل الانتقال أو لانعدام أماكن الإيواء في الجنوب، بلا أي حد أدنى من الخدمات الأساسية، بما يمثّل قرار إعدام جماعي بحقهم في وقت تتصاعد فيه وتيرة القتل والتجويع.
وأكد أن كل هذا التصعيد التدميري يأتي في إطار العدوان العسكري الشامل الذي أعلنت عنه إسرائيل، والذي يهدف صراحةً إلى تدمير البنية التحتية المدنية وتهجير السكان قسرًا، بما يشكّل صورة صارخة من صور الاقتلاع القسري للفلسطينيين من أرضهم وتغيير واقعهم الديمغرافي قسرًا، وذلك في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل وقد دخلت شهرها الرابع والعشرين.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بتحمّل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين.