الأورومتوسطي: الإجراءات الأوروبية المقترحة ضد إسرائيل محدودة وانتقائية

اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الاتحاد الأوروبي بالالتفاف على التزاماته القانونية الدولية عبر الاكتفاء بإجراءات محدودة وانتقائية ضد إسرائيل، معتبراً أن هذه الخطوات لا تفي بالحد الأدنى المطلوب لمواجهة الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة منذ أكثر من 23 شهراً.

وقال المرصد في بيان إن المقترحات التي عرضتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أمام البرلمان الأوروبي، بما في ذلك تعليق جزئي لاتفاقية الشراكة، ووقف بعض المدفوعات المباشرة، وفرض عقوبات على وزراء ومستوطنين متطرفين، وإنشاء مجموعة مانحين لإعمار غزة، ليست سوى تدابير شكلية وهامشية تفتقر إلى الصرامة والجدية.

وأضاف البيان أن هذه المقترحات تبدو محاولة سياسية صورية لإظهار تحرك أوروبي في ظل تواطؤ حقيقي مع إسرائيل، إذ تجاهل الاتحاد الأوروبي أدوات الضغط الفعالة التي يمتلكها، مثل التعليق الكامل لاتفاقية الشراكة، وفرض حظر شامل على التعاون العسكري، ومنع تصدير أو استيراد السلاح، وفرض عقوبات مؤسسية واسعة على الأجهزة المسؤولة عن الجرائم في غزة.

وحذّر المرصد من أن الاستمرار في إجراءات جزئية يكرّس عملياً سياسة الإفلات من العقاب، ويمنح إسرائيل ضوءاً أخضر لمواصلة جرائمها ضد الفلسطينيين.

وأشار المرصد إلى أن الاتحاد الأوروبي شريك اقتصادي أول لإسرائيل، وأحد أبرز داعميها السياسيين والعسكريين، وبالتالي يتحمل مسؤولية مباشرة عن الجرائم عبر الغطاء والدعم الذي يوفّره. كما شدّد على أن إنشاء مجموعة مانحين لفلسطين لا يُعفي الاتحاد من التزاماته القانونية في جبر الضرر وتعويض الضحايا، إذ تبقى كل دولة مسؤولة عن أفعالها المباشرة أو غير المباشرة.

ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي اكتفى قبل أسابيع بمجرد “مراقبة التزام إسرائيل بتحسين وصول المساعدات الإنسانية”، رغم أن إسرائيل لم تلتزم، بل تصاعدت الانتهاكات وصولاً إلى إعلان المجاعة رسمياً في غزة.

وانتقد المرصد اقتصار العقوبات الأوروبية المقترحة على عدد محدود من الوزراء الإسرائيليين بحجة أنهم “متطرفون”، معتبراً أن ذلك يضلل الرأي العام ويبرئ الدولة الإسرائيلية من جرائمها الممنهجة. وأوضح أن القرارات العسكرية والسياسية في إسرائيل تُتخذ على أعلى المستويات وبإجماع حكومي، وأن استهداف مدن كاملة بالحصار والقصف والتهجير والتجويع يمثل سياسة مؤسسية، لا انحرافاً فردياً.

كما اتهم المرصد الحكومات الأوروبية بتوفير غطاء قانوني وسياسي لإسرائيل، رغم وجود تقارير رسمية وتصريحات لمسؤولين أوروبيين تعترف بانتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم حرب وإبادة.
وأشار إلى أن المفوضية الأوروبية أجرت ثلاث مراجعات رسمية في العام الماضي لمدى امتثال إسرائيل لبنود حقوق الإنسان في اتفاقية الشراكة، وأكدت جميعها وجود خروقات خطيرة، ورغم ذلك لم يُفعّل الاتحاد أي من آليات المحاسبة أو تسوية النزاعات المنصوص عليها في الاتفاقية.

وأكد المرصد أن الوضع الكارثي في غزة يستدعي تدخلاً عاجلاً عبر خطوات ملموسة، تشمل تعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية، وفرض عقوبات شاملة على مؤسسات ومسؤولين، وحظر تصدير السلاح والمنتجات ذات الاستخدام المزدوج، ومنع دخول منتجات المستوطنات، وتجميد الامتيازات التجارية واللوجستية.

واعتبر أن امتناع الاتحاد الأوروبي عن استخدام هذه الأدوات يعكس غياب الإرادة السياسية ونقص النزاهة القانونية والشجاعة الأخلاقية.

وطالب المرصد الاتحاد الأوروبي بتفعيل الآليات القانونية والسياسية المتاحة لمحاسبة إسرائيل، بما في ذلك اللجوء إلى الولاية القضائية العالمية لملاحقة المتورطين، ودعم عمل المحكمة الجنائية الدولية عبر تنفيذ مذكرات التوقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين، ورفض أي تدخل سياسي لحمايتهم.

كما دعا إلى معالجة جذور الصراع عبر إنهاء الاحتلال غير القانوني، وتفكيك منظومة الاستيطان والفصل العنصري، ورفع الحصار عن غزة، وضمان حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين، وتكريس حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

وختم المرصد بالتأكيد على أن استمرار الاتحاد الأوروبي في تبني خطوات رمزية وغير مؤثرة لن يؤدي سوى إلى تعميق معاناة المدنيين الفلسطينيين، وإطالة أمد الإبادة الجماعية، وترسيخ قناعة إسرائيل بأن المجتمع الدولي غير جاد في محاسبتها، الأمر الذي يعزز ثقافة الإفلات من العقاب.

قد يعجبك ايضا