الأمم المتحدة للسعودية: لا يمكن وقف الهجرة باستخدام السلاح
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أكدت الأمم المتحدة أن محاولة وقف الهجرة باستخدام السلاح أمر لا يمكن احتماله.
وطالبت السلطات السعودية بأهمية المساءلة عن انتهاكات حرس الحدود السعودي ضد مهاجرين على الحدود مع اليمن.
وردا على أسئلة الصحفيين، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إن تقرير منظمة (هيومن رايتس ووتش) بشأن إطلاق النار على العديد من الأشخاص على الحدود السعودية، يثير القلق وعددا من الادعاءات الخطيرة.
وذكر التقرير أن أولئك الأشخاص، وكثيرون منهم إثيوبيون، كانوا يحاولون الوصول إلى السعودية عبر اليمن.
وقال ستيفان دوجاريك، في مؤتمره الصحفي ردا على سؤال من الصحفيين، إن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على دراية بالوضع ولكن التحقق من الوقائع على الحدود صعب للغاية.
وأشار إلى أن العديد من المناطق حول العالم تشهد أعمال عنف ضد المهاجرين والساعين للجوء.
وشدد على ضرورة معاملة جميع البشر، بغض النظر عما كانوا مهاجرين أو لاجئين، بكرامة مع احترام جميع حقوقهم بموجب القانون الدولي.
قالت “هيومن رايتس ووتش” الدولية إن حرس الحدود السعوديون قتل مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية-السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023.
جاء ذلك في تقرير أصدرته المنظمة مؤلف من 73 صفحة بعنوان “̕أطلقوا علينا النار مثل المطر̔: القتل الجماعي على يد السعودية بحق المهاجرين الإثيوبيين على الحدود اليمنية-السعودية”.
وقالت المنظمة إنه بحال كانت عمليات القتل هذه، التي يبدو أنها مستمرة، ترتكب في إطار سياسة حكومية سعودية لقتل المهاجرين، فإنها تشكل جريمة ضد الإنسانية.
وخلُص التقرير إلى استخدام الأسلحة المتفجرة من قبل حرس الحدود السعوديين بشكل واسع النطاق ومنهجي لقتل المهاجرين، وقيامهم بإطلاق النار من مسافات قريبة على مهاجرين آخرين، بينهم نساء وأطفال.
في بعض الحالات، كان حرس الحدود السعوديون يسألون المهاجرين عن الطرف في جسمهم الذي يودون أن يُطلق عليه النار، ثم يطلقون النار عليهم من مسافات قريبة.
كما أطلق حرس الحدود السعوديون نيران أسلحة متفجرة على مهاجرين كانوا يحاولون الفرار عائدين إلى اليمن.
قالت نادية هاردمان، الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “في هذه المنطقة الحدودية النائية بعيدا عن أنظار العالم، يقتل المسؤولون السعوديون مئات المهاجرين وطالبي اللجوء”.
وأضافت هاردمان: “إنفاق المليارات على شراء بطولات المحترفين للغولف، ونوادي كرة القدم، وفعاليات ترفيهية لتحسين صورة السعودية ينبغي ألا يصرف الانتباه عن هذه الجرائم المروعة”.
قابلت هيومن رايتس ووتش 42 شخصا، بينهم 38 مهاجرا وطالب لجوء إثيوبيًا حاولوا عبور الحدود اليمنية-السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023، وأربعة أقارب أو أصدقاء لأشخاص حاولوا العبور خلال الفترة نفسها.
وحللت أكثر من 350 فيديو وصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أو جُمعت من مصادر أخرى، وصور من الأقمار الصناعية تغطي عدة مئات من الكيلومترات المربعة.
راسلت هيومن رايتس ووتش السلطات السعودية والحوثية. ردت السلطات الحوثية على رسالتنا في 19 أغسطس/آب 2023.
يعيش ويعمل في السعودية قرابة 750 ألف إثيوبي، منهم من هاجر لأسباب اقتصادية، ومنهم من فر جرّاء الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في إثيوبيا، التي ارتُكب جزء منها خلال النزاع المسلح الوحشي الأخير في الشمال.
في حين أن هيومن رايتس ووتش توثّق مقتل مهاجرين على الحدود بين اليمن والسعودية منذ 2014، يبدو أن حالات القتل المستهدِفة تعكس تصعيدا متعمدا من حيث عددها وأسلوبها.
قال مهاجرون وطالبو لجوء إنهم عبروا خليج عدن في سفن غير صالحة للإبحار لينقلهم المهربون اليمنيون بعدها إلى محافظة صعدة، الخاضعة حاليا لسيطرة جماعة الحوثيين المسلحة، قرب الحدود السعودية.
قال كثيرون إن قوات الحوثيين تعمل مع المهربين. أضافوا أن تلك القوات كانت تبتزهم أو تنقلهم إلى ما وصفوه بـ”مراكز احتجاز” يتعرضون فيها للانتهاكات حتى يدفعوا “رسوم المغادرة”.
كانت محاولات المهاجرين لعبور الحدود إلى السعودية، في مجموعات قد تضم ما يصل إلى 200 شخص، منتظمة وتتكرر في كل مرة يعيدهم فيها حرس الحدود السعوديون إلى اليمن.
قال المهاجرون إن مجموعاتهم تغلب عليها النساء وتضم كذلك رجالا، وأطفالا غير مصحوبين بذويهم.
حددت هيومن رايتس ووتش من صور الأقمار الصناعية مواقع لحرس الحدود السعودي تتوافق مع هذه الروايات، كما حددت ما يبدو أنه مدرّعة مضادة للكمائن والألغام كانت متمركزة من 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022 في أحد مواقع حرس الحدود السعودي. بدت المركبة مجهزة بمدفع رشاش ثقيل مثبّت في برج على سطحها.
وصف الأشخاص الذين يسافرون في مجموعات تعرضهم لهجوم بقذائف الهاون وأسلحة متفجرة أخرى من طرف حرس الحدود السعودي بمجرد عبورهم الحدود.
وصف من تمت مقابلتهم 28 واقعة استخدم فيها حرس الحدود السعوديون أسلحة متفجرة. قال ناجون إن السعوديين احتجزوهم أحيانا في مراكز اعتقال، حيث بقوا لعدة أشهر في بعض الحالات.
وصف الجميع مشاهد مرعبة: نساء، ورجال، وأطفال مبعثرين في أرجاء المناطق الجبلية ومصابين بجروح بالغة ومُقطّعي الأوصال، أو جثث هامدة.
قال أحد الأشخاص: “كنت أتناول طعامي مع أشخاص أراهم قتلى لاحقا. بات التعرف على البعض مستحيلا لأن أشلاءهم متناثرة، في حين شُطر البعض إلى نصفين”.
كشف تحقيق رقمي أجرته هيومن رايتس ووتش لفيديوهات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أو أُرسلت مباشرة إلى هيومن رايتس ووتش، وجرى التحقق منها وتحديد مواقعها الجغرافية، عن مهاجرين قتلى وجرحى في المسالك الجبلية وفي المخيمات والمنشآت الطبية.
كما كشف التحليل الجغرافي المكاني عن ازدياد مواقع الدفن قرب مخيمات المهاجرين وتوسيع البنية التحتية لأمن الحدود.
حلّل أعضاء “الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي” التابع “للمجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب”، وهو مجموعة دولية من خبراء الطب الشرعي البارزين، فيديوهات وصور تم التحقق منها تظهر مهاجرين مصابين أو متوفين لتحديد أسباب إصابتهم.
وخلصوا إلى أن بعض الإصابات أظهرت “أنماطا واضحة تتفق مع انفجار ذخائر قادرة على إنتاج الحرارة والتشظي”، بينما أظهرت إصابات أخرى “خصائص تتفق مع جروح الطلقات النارية”، وفي حالة واحدة، كانت “الحروق مرئية”.
قال الأشخاص الذين كانوا يسافرون في مجموعات صغيرة أو بمفردهم إن حرس الحدود السعوديين المسلحين ببنادق كانوا يطلقون النار عليهم بمجرد عبورهم الحدود اليمنية-السعودية.
وصف الناس تعرضهم للضرب بالحجارة والقضبان المعدنية على يد الحراس. شهد 14 شخصا تمت مقابلتهم حوادث إطلاق نار من مسافة قريبة أو كانوا أنفسهم ضحايا لها، واستُهدف ستة منهم بأسلحة متفجرة وإطلاق نار.
قال البعض إن حرس الحدود السعوديين كانوا ينزلون من مواقعهم لضرب الناجين. قال صبي عمره 17 عاما إن حرس الحدود أجبروه وناجين آخرين على اغتصاب فتاتين ناجيتين بعد أن أعدم الحراس مهاجرا آخر رفض اغتصاب ناجية أخرى.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن على السعودية أن تلغي فورا وحالا أي سياسة، سواء كانت صريحة أو بحكم الأمر الواقع، لاستخدام القوة القاتلة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، بما في ذلك استهدافهم بالأسلحة المتفجرة وإطلاق النار عليهم من مسافة قريبة.
وشددت على أنه ينبغي للحكومة التحقيق مع أفراد الأمن المسؤولين عن أعمال القتل والإصابات غير القانونية والتعذيب على الحدود اليمنية وتأديبهم أو ملاحقتهم بحسب المقتضى.
كما أكدت أنه ينبغي للحكومات المعنية دعوة السعودية علنا إلى إنهاء أي سياسة من هذا القبيل والضغط من أجل المساءلة. في غضون ذلك، ينبغي للحكومات المعنية فرض عقوبات على المسؤولين السعوديين والحوثيين الضالعين بشكل موثوق في الانتهاكات الجارية على الحدود.
وحثت المنظمة الدولية على فتح تحقيق مدعوم من “الأمم المتحدة” لتقييم الانتهاكات ضد المهاجرين وما إذا كانت أعمال القتل ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية.
قالت هاردمان: “كان حرس الحدود السعوديون يعرفون، أو كان ينبغي لهم أن يعرفوا، أنهم يطلقون النار على مدنيين عُزّل”.
وأضافت: “ما لم تتحقق العدالة بشأن ما يبدو أنها جرائم خطيرة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين، فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة القتل والانتهاكات”.