الأمم المتحدة تبدأ بنقل النفط من الناقلة صافر بعد عامين من المفاوضات لمنع الكارثة
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – بدأت اليوم الثلاثاء، أخيراً وبعد عامين، الأمم المتحدة بتحويل النفط من الناقلة المتهالكة صافر إلى الناقلة البديلة نوتيكا في عملية ستستغرق 19 يوما.
يذكر أن الناقلة المتهالكة صافر -الراسية على بعد حوالي تسعة كيلومترات من شبه جزيرة رأس عيسى في اليمن- تحتوي على ما يقدر بمليون برميل من النفط.
هذه الناقلة معرضة لخطر الانهيار أو لانفجار، وقد يتسبب التسرب الكبير للنفط من الناقلة في كارثة كبرى.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش بدء عملية نقل النفط من سفينة صافر بأنه خطوة حاسمة في سبيل تجنب كارثة بيئية وإنسانية على نطاق هائل.
وقال: “لقد بدأت الأمم المتحدة عملية لنزع فتيل ما قد يكون أكبر قنبلة موقوتة في العالم. إذ تجري الآن جهود إنقاذ بحرية معقدة في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن الذي مزقته الحرب”.
وأضاف غوتيريش: “ونظرا لعدم وجود أية جهة أخرى لديها استعداد أو قدرة على أداء هذه المهمة، فقد سارعت الأمم المتحدة إلى تجسم مخاطر إجراء هذه العملية البالغة الدقة”.
وأوضح الأمين العام أن هذه المهمة التعاونية تمثل تتويجا لما يقرب من عامين من العمل السياسي التمهيدي وجهود جمع الأموال وتطوير المشروع.
وفي غياب التحرك، قال الأمين العام إنه كان من الممكن أن تنفجر السفينة أو تتفسخ، مما يؤدي إلى انسكاب ما يصل إلى أربعة أضعاف النفط الذي تسرب في كارثة إكسون فالديز في ألاسكا قبل أكثر من ثلاثين عاما.
وقال الأمين العام: “كانت ستُباد تجمعات صيد كاملة. وكانت ستختفي مئات الآلاف من الوظائف على الفور”.
وأضاف: “كانت ستتعرض مجتمعات بأكملها لسموم قاتلة. وكانت موانئ رئيسية، منها الحديدة والصليف، ستُضطر إلى إغلاق أبوابها إلى أجل غير مسمى”.
وتابع بقوله غوتيريش: “كانت ستتوقف إمدادات الغذاء والوقود والإمدادات المنقذة للحياة للملايين. وكانت ستتعرض المياه والشعاب المرجانية والأحياء البحرية للتدمير الكامل”.
وأردف قائلاً: “كان من الممكن أن يتعطل الشحن على طول الطريق المؤدي إلى قناة السويس لأسابيع. وكان من الممكن لفاتورة التنظيف المحتملة وحدها أن تصل بسهولة إلى عشرات البلايين من الدولارات”.
ولهذا السبب، قال أنطونيو غوتيريش إن الأمم المتحدة ما برحت تدق ناقوس الخطر وتعمل على حشد الدعم لتجنب هذا الكابوس.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة جندت أفضل كوادر في هذا المجال: “جندت فريقا من خبراء العالم الرواد في القانون البحري، والانسكابات النفطية، وعمليات الإنقاذ، ومن المهندسين البحريين، والمهندسين المعماريين البحريين، ووسطاء التأمين وشركات التأمين، والكيميائيين، والمساحين، وغيرهم”.
وقال أمين عام الأمم المتحدة إن هذه العملية تطلبت عملا سياسيا حثيثا ودؤوبا في بلد دمرته ثماني سنوات من الحرب. كما اعتمدت العملية على الدعم المالي السخي.
وأعرب الأمين العام عن شكره للعديد من البلدان والجهات المانحة المؤسسية والخيرية وكذلك المواطنين العاديين على تعهدهم بتقديم الأموال لهذا الجزء الحاسم من العملية.
وقال: “قد تطلب الوصول إلى هذه اللحظة الهامة أيضا أن تعمل أجزاء كثيرة من الأمم المتحدة ككيان واحد”.
وبرغم أهمية خطوة نقل النفط من سفينة إلى أخرى، إلا أن الأمين العام يقول إن هذا لا يعني أن الرحلة قد انتهت.
وأشار إلى أن الخطوة الحاسمة التالية هي وضع الترتيبات لتسليم عوامة متخصصة تُربط بها السفينة البديلة بأمان وإحكام.
وقال الأمين العام :إننا سنحتاج -في القريب العاجل- إلى حوالي 20 مليون دولار لإنهاء المشروع، وهو ما يشمل تنظيف الناقلة صافر وتخريدها وإزالة أي خطر بيئي متبقٍ يهدد البحر الأحمر”. وحث المانحين على المساهمة في هذا الوقت الحاسم.
وقال غوتيريش إن العملية الجارية الآن هي قصة تعاون وجهود وقائية ووساطة سياسية وعمل خلاق وإدارة بيئية – مما يدل مرة أخرى على الدور الذي لا غنى عنه الذي تقوم به الأمم المتحدة مع شركائنا.
وأضاف: “إننا بحاجة إلى مواصلة العمل معا خلال هذه الفترة الحرجة القادمة لنزع فتيل ما يشكل قنبلة موقوتة متبقية وتجنب ما قد يكون، إلى حد بعيد، أسوأ تسرب نفطي في عصرنا”.
يجري نقل حوالي 1.13 مليون برميل من النفط الخام من الناقلة صافر إلى ناقلة ثانية تسمى “اليمن” في خضم حرب مستمرة بين الحكومة وجماعة أنصار الله (الحوثيين).
بدأت عملية ضخ النفط من صافر عند الساعة 10:45 صباحا بالتوقيت المحلي، وستستمر على مدار الساعة خلال الـ 19 يوما القادمة.
وأشاد أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي ينفذ “عملية إنقاذ فريدة واستثنائية”، بهذه الخطوة باعتبارها تشكل “معلما بارزا”.
وتحدث إلى الصحفيين قائلا: “كما نعلم، من المؤسف أن اليمن لا يزال يمر بصراع يلقي بتداعيات عديدة على شعبه”.
ونبه: “لكن الناقلة المتهالكة التي يبلغ عمرها 47 عاما تمثل خطرا آخر يلوح في الأفق بشكل كبير بالنسبة للشعب اليمني، وكذلك البحر الأحمر وجميع دول المنطقة”.
توقفت عمليات الإنتاج والتفريغ، وكذلك صيانة الناقلة بسبب الحرب. وقد تفاوضت الأمم المتحدة مع الأطراف المتحاربة في اليمن للتوصل إلى اتفاق وإطار لتفريغ النفط من صافر.
تم جمع حوالي 121 مليون دولار من 23 دولة والاتحاد الأوروبي والقطاع الخاص والجمهور من خلال التمويل الجماعي.
كما قدم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة تمويلا لهذه العملية، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى حوالي 20 مليون دولار.
يتم تنفيذ الضخ من قبل شركة الإنقاذ سْميت، SMIT، بمشاركة عشرات من الخبراء الآخرين- بما في ذلك خبراء في التسرب النفطي البحري، ومحامين بحريين، ووسطاء التأمين، ووسطاء السفن.
ويقوم عالم كيميائي أيضا بمراقبة مستوى الغازات في الخزانات التي تم ضخها باستمرار لتقليل مخاطر الانفجار.
متحدثا من على متن سفينة الإنقاذ نديفور، التي وصلت إلى المنطقة في أواخر أيار/مايو، قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي: “مع تسلم الأمم المتحدة زمام هذه المبادرة، تضافرت جهود العالم لتجنب سيناريو كارثي جرى الحديث عنه على مدار السنوات الثماني الماضية”.
وأضاف: “إتمام نقل النفط سيعني أنه سيتم تجنب أسوأ كارثة بيئية واقتصادية إنسانية، لكنها ليست نهاية العملية”.
وقال إن الخطوة الحاسمة التالية هي تركيب العوامة كالم التي سيتم ربط السفينة البديلة بها بأمان، ويجب أن يتم ذلك بحلول أيلول/سبتمبر.
وقال شتاينر إنه تم إجراء مناقشات مع الجانبين في اليمن بشأن بيع النفط الذي سيتم إفراغه من الناقلة صافر. وقد تم إرسال عينات للفحص المعملي ومن المتوقع إجراء تقييم نوعي في الأيام القادمة.
وشدد المسؤولان الأمميان على أن تأمين النفط لتجنب أي تسرب يشكل أولوية قصوى.
وقال ديفيد غريسلي: “لقد ربحنا الآن قدرا كبيرا من الوقت لحل القضايا القانونية، والقضايا بين الأطراف أنفسها حول كيفية بيع النفط ولأي غرض”.
وأضاف: “لذا، سنواصل العمل على ذلك ونشجع الأطراف على إيجاد حل لإزالة النفط في نهاية المطاف، بشكل مثالي لصالح الشعب اليمني، وهذا ما نريد جميعا رؤيته”.