الأمم المتحدة تؤكد التزامها بتقديم الدعم لأفغانستان ونقل بعض من موظفيها للعمل عن بُعد
تقرر مغادرة مجموعة من موظفي الأمم المتحدة يوم الأربعاء من كابول إلى ألماتي في كازاخستان، حيث سيواصل الموظفون عملهم عن بُعد، على أن يعود الأفراد إلى أفغانستان عندما تسمح الظروف بذلك.
وفي المؤتمر الصحفي اليومي من المقر الدائم بنيويورك، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، “ستيفان دوجاريك”، إن إجراء نقل جزء من الموظفين للعمل عن بُعد مؤقت، في ضوء القيود الأمنية وغيرها من القيود في كابول وأجزاء أخرى من البلاد.
وأضاف يقول للصحفيين: “كما أوضح الأمين العام للمجلس (مجلس الأمن) يوم الاثنين، فإن الأمم المتحدة ملتزمة بالبقاء وتقديم الدعم للشعب الأفغاني في وقت الحاجة”.
وشدد “دوجاريك” على أن العمل عن بُعد سيوفر دعما وثيقا لعمل أسرة الأمم المتحدة المستمر على الأرض في أفغانستان.
وقال: “هذا إجراء مؤقت يهدف إلى تمكين الأمم المتحدة من الاستمرار في تقديم المساعدة لشعب أفغانستان بأقل قدر من التشويش وبنفس الوقت تقليل المخاطر التي تتعرض لها طواقم الأمم المتحدة”.
وأعرب “دوجاريك” عن شكر الأمم المتحدة لحكومة كازاخستان على عرضها استضافة مكتب مؤقت يعمل عن بُعد لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان (يوناما).
وقد أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، مجلس الأمن في 16 آب/أغسطس، أن وجود الأمم المتحدة في أفغانستان سيتكيف مع الوضع الأمني.
وفي مقابلة مع وكالة أبناء رائدة، أكد المنسق المقيم في أفغانستان، “رامز ألاكبروف”، أن الأمم المتحدة “ستبقى في كابول.. وتقدم (المساعدات)”.
وأضاف يقول: “نحن مصممون للغاية على أن نكون هنا من أجل شعب أفغانستان. دورنا هنا كان دائما من أجل شعب أفغانستان.”
وتعهد المنسق المقيم “بالعمل مع سلطات الأمر الواقع، ومع أولئك الذين يسيطرون على الولايات، مع الأشخاص في السلطة، من أجل تقديم مساعدة إنسانية محايدة لمن يحتاج إلى تلك المساعدة الإنسانية”.
أكد “دوجاريك” في المؤتمر الصحفي أن غالبية العاملين في المجال الإنساني لا يزالون موجودين في أفغانستان، ويقدمون المساعدة الحيوية للملايين الأكثر احتياجا.
من بينهم ماري آن ماكغرورتي، المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في أفغانستان، الموجودة حاليا في كابول، التي انضمت للحديث إلى الصحفيين في نيويورك.
وقالت: “في أفغانستان اليوم هنا، تتكشف أمام أعيننا أزمة إنسانية لا تُصدّق. يواجه 14 مليون شخص جوعا شديدا. اقترن الصراع بالجفاف والأثر الاجتماعي الاقتصادي لكوفيد-19. ودفع الوضع المتردي بالفعل نحو الكارثة”.
وأشارت إلى أن عام 2021 كان أصلا عاما صعبا، وتعاني البلاد من ثاني جفاف شديد خلال ثلاثة أعوام فقط. وأكثر من 40 في المائة من المحاصيل فُقدت وكان لذلك تأثير مدمر على المواشي. والآن مع اشتداد الصراع في عموم البلاد، نزح مئات الآلاف من الأشخاص.
وتابعت تقول: “استمر برنامج الأغذية العالمي في الحفاظ على عملياته. في أيار/مايو وصلنا إلى أربعة ملايين شخص، ولكن نحتاج لفعل ما هو أكثر من ذلك. نخطط لتوسيع نطاق العمل والوصول إلى تسعة ملايين شخص على مدار الأشهر المقبلة، ولكن ثمة تحديات كبيرة”.
وأشارت إلى الحاجة إلى وقف الصراع كي يتسنى الوصول إلى الأشخاص المحتاجين، مؤكدة على التواصل مع السلطات الجديدة للوصول الإنساني بدون إعاقة.
وقالت: “نحتاج إلى 200 مليون دولار لنتمكن من إيصال الطعام إلى البلد الآن وإيصاله إلى المجتمعات قبل أن يحل فصل الشتاء”.
بدورها، أفادت كارولين فان بورين، ممثلة مفوضية شؤون اللاجئين في أفغانستان، عبر تقنية الفيديو، بأن الغالبية العظمى من النزوح تحدث الآن داخل أفغانستان نفسها.
وقالت: “أكثر من نصف مليون شخص نزحوا داخل البلاد منذ بداية العام، الاحتياجات الإنسانية الحادة آخذة في التصاعد. 80 في المائة ممن أجبروا على النزوح هم من النساء والأطفال. هؤلاء يحتاجون إلى المأوى والرعاية الصحية والصرف الصحي وغيرها من المواد الإغاثية، والأهم من ذلك، يحتاجون إلى الأمن والاستقرار”.
وأوضحت أن الوضع لا يمكن التنبؤ به في ظل تواصل انعدام الأمن والقتال المتفرق. رغم ذلك، أشارت إلى أن طالبان قدمت تطمينات بشأن سلامة المدنيين، والتمسك بحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق النساء والفتيات، وقالت: “في حين نرحب بهذه الالتزامات، من الضروري أن تُترجم بسرعة إلى أفعال”.
ومنذ بداية هذا العام، قدمت مفوضية اللاجئين المساعدات الطارئة لأكثر من 230,000 شخص: المأوى، المواد غير الغذائية، المساعدات النقدية، حزمات الكرامة والنظافة بالإضافة إلى إدارة الحماية الموجودة في 32 من المقاطعات.
وقالت ممثلة المفوضية: “الغالبية العظمى من الأفغان لا تستطيع ترك البلاد من خلال القنوات العادية. وحتى قبل أيام، أولئك الذين يحملون جوازات سفر وغيرها من الوثائق كانوا قادرين من حيث المبدأ على السفر جوا. ولكن اعتبارا من اليوم، لا توجد طائرات تجارية تغادر من كابول أو تحط فيها”.
بحسب المسؤولة الأممية، يُقدر عدد الأشخاص الذين يغادرون عبر القنوات غير العادية بـ 20,000-30,000 أسبوعيا.
وقالت فان بورين: “نواصل حث جميع الدول التي تجاور أفغانستان على الحفاظ على حدود مفتوحة، كي يتسنى لمن يبحث عن الأمان الخروج”.
وأكدت أن المفوضية تظل تشعر بقلق بشأن مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين في هذا السياق المتطور، بما في ذلك النساء والفتيات، وأولئك الذي يُعتقد أن لديهم ارتباطات حالية أو سابقة بالحكومة الأفغانية، والمنظمات الدولية أو القوات العسكرية الدولية.
وقالت إن المفوضية لم تشهد تدفقا كبيرا للمواطنين الفارين إلى خارج البلاد، لكن في نفس الوقت، أفادت تقارير صدرت عن الشركاء ومصادر أخرى بأن حركة الأفغان إلى خارج البلاد ارتفعت في الأشهر الماضية.
وفي كلمته عبر تقنية الفيديو، قال إيرفيه دوليس، ممثل اليونيسف في أفغانستان، إنه على الرغم من جميع الأسئلة التي لم يجب عليها، ثمة أمر واحد مؤكد، وهو أن اليونيسف ستبقى وتقدم المساعدة لكل طفل وامرأة في أفغانستان. “اليونيسف كانت موجودة منذ 65 سنة، ولن نغادر.”
وأضاف يقول: “في بعض المناطق، طلبت منا طالبان وقف العمليات حتى يتم استعادة النظام، ولكننا على تواصل يومي مع القيادة المحلية في جميع الولايات تقريبا ورسالتهم لنا واضحة: يريدون منا البقاء ومواصلة عملنا في أفغانستان”.
وأوضح أن اليونيسف تتواصل بشكل بنّاء مع القيادة الجديدة “للحفاظ على وجودنا التشغيلي في عموم البلاد، ونأمل في توسيع نطاق عملنا للنساء والأطفال في الأيام المقبلة”.
وتعتزم اليونيسف على المدى الطويل توضيح نماذج العمل مع السلطات الجديدة. يقول ممثل المنظمة: “نرى فرصة محتملة لتوسيع نطاق الوصول في عموم البلاد”.
وأوضح أن اليونيسف تأمل في القضاء على شلل الأطفال، لأن أفغانستان هي واحدة من دولتين موبوءتين في العالم.
وقال: “حقيقة أن مفوض الصحة يوم أمس طلب من جميع الأطباء والممرضين والعاملين الصحيين العودة إلى العمل، بما في ذلك النساء، هو إشارة مشجعة..
وأضاف: “ولكن مع وجود نصف مليون نازح داخليا وأكثر من 18 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، نصفهم أطفال، الاحتياجات كبيرة. لا يزال الجفاف يؤثر على البلاد، وسيعاني مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية مع نهاية 2021.”
وحتى الآن في 2021، وصلت اليونيسف إلى 1.7 مليون شخص بالمساعدات الإنسانية ولا تزال بحاجة إلى 76 مليون دولار في 2021 لتوفير المساعدات المنقذة للحياة للفئات الأكثر ضعفا، وخاصة الأطفال.
وقال: “نأمل في أن نتمكن من خلال القيادة الجديدة في أفغانستان من الوصول إلى الأطفال الذين لم نستطع الوصول إليهم سابقا من خلال الخدمات الصحية المنقذة للحياة والتعليم، وخاصة الفتيات”.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لتفادي وقوع مآسي في أفغانستان