الأورومتوسطي: تصريح رئيس البرلمان العراق حول مصير المفقودين صادم
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الحكومة العراقية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الأشخاص الذين فقدوا واختفوا قسرًا خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” قبل أعوام.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي، إنّه تابع بقلق كبير تصريحات لرئيس البرلمان العراقي “محمد الحلبوسي” خلال لقاء تلفزيوني الأربعاء الماضي حول ملف المفقودين والمختفين قسرًا.
حيث قال الحلبوسي في المقابلة: “يجب أن نغير اسمهم ونصارح الناس بحقيقتهم. المغيبون يمكن أن نسمهم بالمغدورين (…) فارقوا الحياة”.
وأضاف: “أنا أستطيع أن أكون أكثر جرأة مع الناس (…) لا يجب أن نترك عوائلهم على أمل أنّهم (أبناءهم) مفقودون وسيعودون فهذا الأمر مجافٍ للحقيقة تماما”.
وأكّد في ذات اللقاء على مسؤولية السلطات في تعويض هؤلاء الضحايا وشمولهم بقانون ضحايا الإرهاب و”مؤسسة الشهداء”.
وانتقد المرصد الأورومتوسطي بشدّة الصمت السلبي للحكومة العراقية وتجاهل التعليق على تصريحات رئيس البرلمان التي تمس مصير آلاف المفقودين والمختفين قسرًا.
إذ رغم الحساسية الكبيرة لهذا الملف، ومرور عدة أيام على تصريحات “الحلبوسي“، لم تصدر الحكومة العراقية أي تصريح حول القضية وتركت آلاف الأُسر بلا إجابات على أسئلتها المشروعة بشأن مصير أبنائها.
وشدّد المرصد الحقوقي على ضرورة تحرّك الحكومة العراقية على نحو عاجل للتحقيق في تصريحات رئيس البرلمان، واتخاذ جميع التدابير والإجراءات الممكنة لكشف مصير المفقودين والمختفين قسرًا.
وطالب المرصد الأورومتوسطي بإبلاغ ذوي المفقودين والمختفين بحقيقة مصيرهم من أجل إنهاء معاناتهم المستمرة منذ سنوات.
ولفت المرصد إلى عدم وجود بيانات حكومية دقيقة تتعلق بأعداد المفقودين والمختفين قسرًا خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” (2013-2017). ومع ذلك فإنّ عددهم يصل إلى عدة آلاف، بحسب معلومات ميدانية متطابقة.
وبيّن المرصد الدولي أنّ الميليشيات المسلحة المتحالفة مع التشكيلات العسكرية الرسمية التابعة للحكومة العراقية تورطت في أغلب الحالات في عمليات الإخفاء القسري.
وتركزت تلك العمليات في عدة مدن بمحافظات الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وبغداد وبابل، إذ نفّذت تلك الميليشيات حملات احتجاز جماعية بحق السكان.
وأخفت الميليشيات آلافًا منهم بحجة محاربة تنظيم “داعش”، ولم تصرّح الجهات الرسمية بمصيرهم منذ ذلك الوقت، وتجاهلت التحقيق الجاد في مصيرهم وظروف اختفائهم.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ أبرز تلك الحوادث كان في بلدة “الصقلاوية” شمالي الفلوجة بتاريخ 3 يونيو/ حزيران 2016.
إذ اختطفت الميليشيات المسلحة المتحالفة مع القوات الحكومية أكثر من 700 مدني من عشيرة “البعكاش” في نفس اليوم، ولم يتضح مصيرهم منذ ذلك الوقت.
وقال الباحث القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي عمر العجلوني: “في حال ثبتت صحّة تصريحات رئيس البرلمان العراقي، فإنّه من الضروري التعامل مع هذا الملف بشكل مؤسسي متخصص عبر إنشاء هيئة وطنية خاصة بهذه القضية.
على هذه الهيئة تشكيل فرق مختصة للكشف عن المقابر الجماعية والحصول على رفات الضحايا من خلال إجراء فحوصات الحمض النووي بالتعاون مع الجهات الأممية ذات العلاقة”.
وأضاف “العجلوني” أنّه: “بالتوازي مع الإجراءات المتعلقة بالتعرف على مواقع دفن الضحايا وهوياتهم، يجب الشروع في عملية محاسبة صارمة وفعّالة ضمن إطار زمني محدد وبإشراف أممي، لكشف المتورطين في هذه الجرائم ومحاكمتهم وإيقاع الجزاءات القانونية بحقهم”.
وأكّد على ضرورة تعويض ذوي الضحايا بموجب المادة (2) من قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم 20 لعام 2009، والتي نصت على أنّ:
التعويض يشمل الأضرار المتمثلة في:
أولًا: الاستشهاد والفقدان جراء العمليات المذكورة في هذا القانون.
ثانياً: العجز الكلي أو الجزئي بناء على تقرير لجنة طبية مختصة.
ثالثًا: الإصابات والحالات الأخرى التي تتطلب علاجًا مؤقتًا بناء على تقرير اللجنة الطبية المختصة في هذا المجال.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى ضرورة تطوير التشريع العراقي وإدراج جريمة الاختفاء القسري بصفتها جريمة مستقلة، بما يشمل وجود تعريف واضح لها، وعقوبات محددة ورادعة لمن يتورط بها سواء بالمشاركة أو الإشراف أو إصدار الأوامر.
وأكّد أنّ التقاعس الحكومي وفتح المجال لتأسيس ميليشيات مسلّحة غير رسمية والاستعانة بها في العمليات العسكرية كان السبب الأبرز لحدوث تلك الفظائع.
إذ لم يكن ينبغي من الأساس للدولة أن تسمح لميليشيات مسلحة ببناء قوة عسكرية خارج إطار القانون، واستخدامها في تنفيذ جرائم مروّعة دون تحقيق أو عقاب.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية على الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه ملف المفقودين والمختفين قسرًا، وإنهاء معاناة ذوي الضحايا بالكشف عن مصير أبنائهم وتعويضهم.
ودعا المرصد إلى الشروع في عملية محاسبة عاجلة، وإدراج عقوبة الاختفاء القسري ضمن التشريعات الوطنية بصفتها جريمة مستقلة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول ملف العراقيين الذين فقدوا واختفوا قسرًا خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش”.
وحث المرصد على التعاون مع السلطات العراقية على مختلف المستويات، ولا سيما المستوى التقني، للتعرف على هويات وأماكن دفن هؤلاء المفقودين، في حال ثبتت صحة تصريحات رئيس البرلمان العراقي حول مصيرهم.