الأردن.. ممارسات تعسّفية تقوّض هامش الديمقراطية الضيّق في البلاد
جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه يتابع بقلق بالغ تصعيد السلطات الأردنية ممارستها بحق النشطاء السياسيين على خلفية الرأي والتعبير.
وانتقد المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان صحفي، قرار المدعي العام في الأردن الصادر اليوم الإثنين 7 تموز/يوليو 2020 بوقف الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الأردني “سعيد ذياب”، على خلفية آرائه العلنية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ السلطات الأردنية أوقفت “ذياب” عدة مرات منذ 18 حزيران/يونيو الماضي على خلفية نشره مقالًا على موقع الحزب وصفحته الرسمية بشأن رفض التبعية السياسية والاقتصادية للأردن والدعوة إلى استكمال استقلال البلاد بالتحرر من التبعية لجهات خارجية اقتصاديًا وسياسيًا.
واعتبر أنّ ملاحقة مسؤول حزب سياسي بسبب مقال معارض للسلطات في الأردن يمثل تقييدًا لحرية الرأي والتعبير، ومصادرة للحريات العامة، بما في ذلك حق الأحزاب السياسية بممارسة دورها والتعبير عن مواقفها بحرية، إضافة إلى انتهاك القيم الدستورية والديمقراطية، ويعبّر عن بيئة قمعية آخذة بالتصاعد في البلاد.
وسبق أن أصدر المكتب السياسي لحزب “الوحدة” بيانًا اعتبر فيه تكرار ملاحقة أمينه العام “سابقة خطيرة تشكل إعاقة واضحة للعمل الحزبي والوطني وثني الشباب عن الانخراط في العمل الحزبي والعمل العام” في الأردن.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الأردنية إلى وقف ملاحقة “ذياب” وإلغاء قرار توقيفه والإفراج الفوري عنه، لاسيما أنه يبلغ (72 عامًا) ويعاني من عدة أمراض، وقد أجرى نهاية الشهر الماضي عملية قسطرة قلبية تطلبت زراعة شبكتين في شرايين القلب وذلك بعد يوم من توقيفه في ذلك الوقت.
وأكد المرصد الحقوقي الدولي أنّ الاعتقالات على خلفية الرأي والعمل السياسي تشكل انتهاكًا للمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، فضلًا عن مخالفتها الدستور الأردني في المواد المتعلقة بالحريات والحقوق.
إذ نصت المادة الخامسة عشر من الدستور الأردني على أنه “تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون”، وكذلك ما نصت عليه المادة السادسة عشر “للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور”.
وتنص المادة (19) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” والأردن دولة طرف فيه، على حق كل إنسان في حرية التعبير، بما في ذلك “حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على أن المضي في إجراءات محاكمة “ذياب” والإبقاء على توقيفه يمثل انتكاسة كبرى للمساحة الضيقة من العمل الديمقراطي في الأردن، ويعبر عن رسالة خطيرة لكل الأحزاب والقوى السياسية والنقابية عنوانها تضييق هامش حرية الرأي والتعبير.
وأكد أن محاولة التستر على ما يواجه الأردن من مشاكل اقتصادية وسياسية عبر الاعتقالات التعسفية وتضييق هامش الحريات لن تقدم أي حلول للبلاد ما يتطلب من السلطات الوفاء بالتزامها بعدم الانتقاص من الحقوق الأساسية بما في ذلك ضمان الحريات العامة وعدم التعرض للاحتجاز التعسفي، والحق في المراجعة القضائية للاحتجاز.
خلفية
بحسب بيانات رسمية، يعمل في الأردن نحو 50 حزبًا مرخصًا يمثّلون توجهات سياسية متنوعة. ووفق متابعة الأورومتوسطي، تقيّد السلطات في المملكة عمل الأحزاب بطرق متعددة أبرزها القوانين التي لا تسمح للأحزاب بتصدّر المشهد السياسي، وتضيّق بشكل دائم على عملها ونشاطها. على مدار السنوات الماضية، اعتقلت السلطات عشرات من النشطاء ورؤساء الأحزاب المعارضين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم، إذ لا تتوفر بيئة ديمقراطية خصبة بماسحات تعبير مفتوحة لتمارس الأحزاب السياسية عملها بصورة طبيعية.