اكتب من أجل الحقوق: فرصة سانحة للحكومات للدفاع عن الإنسانية
أطلقت منظمة العفو الدولية أمس أكبر حملة لحقوق الإنسان في العالم، وهي حملة اكتب من أجل الحقوق، ودعت الحكومات إلى رد المظالم للأفراد المحتجزين أو المضطهدين في البلدان في جميع أنحاء العالم، وأن تكون قدوة يحتذى بها في بناء عالم أكثر عدلاً بعد وباء فيروس كوفيد-19.
وقالت جولي فيرهار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية بالنيابة: “على الرغم من أن وباء فيروس كوفيد-19 كان مدمرًا، إلا أنه قد أظهر أيضاً أفضل ما لدى البشر من تعاطف وتضامن. لقد شهدنا أعمالاً لا حصر لها من التعاطف والتضامن حيث ينضم الناس إلى بعضهم البعض في مجتمعاتهم لمساعدة من هم في أمس الحاجة إلى المساعدة”.
وأضافت فيرهار: “للأسف، تبنى العديد من الحكومات المسار المعاكس، حيث احتجزت واضطهدت الأشخاص الذين يدافعون عن حقوق الإنسان”.
وقالت فيرهار أيضاً: “فنحن على مفترق طرق – يمكننا جميعًا اختيار بناء مستقبل يضع الإحسان والتضامن والتسامح وحقوق الإنسان في جوهره. ويجب على الحكومات أن تغتنم هذه اللحظة لإظهار قدرتها على رد المظالم من خلال إطلاق سراح سجناء الرأي، وإنهاء اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان، ودعم حق كل شخص في حرية التعبير”.
في شهر ديسمبر/كانون الأول من كل عام، يكتب الناس في جميع أنحاء العالم ملايين الرسائل، والرسائل الإلكترونية، والتغريدات والتعليقات على فيسبوك، والبطاقات البريدية؛ وذلك من أجل هؤلاء الذين تتعرض حقوقهم الإنسانية للانتهاك، في ما أصبح أكبر فعالية في العالم لحقوق الإنسان.
تشمل الحالات العشر المختارة لحملة اكتب من أجل الحقوق لعام 2020 المدافعين عن حقوق الإنسان والأفراد في الجزائر وبوروندي وشيلي وكولومبيا ومالطا وميانمار وباكستان والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا.
غوستافو غاتيكا طالب في علم النفس في سانتياغو، شيلي. في 8 نوفمبر/تشرين 2019، حضر احتجاجاً على تصاعد عدم المساواة، كجزء من المظاهرات الجماهيرية التي تصدرت عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم لكونها مثالًا ملهمًا لقوة الناس. وقامت الشرطة بقمع هذا الاحتجاج بعنف، وأطلقت النار مرارا وتكرارا على المتظاهرين ببنادق محملة برصاص مطاطي.
فأصيب غوستافو في كلتا العينين وأصبح أعمى بشكل دائم. وتدعو منظمة العفو الدولية إلى إجراء تحقيق كامل في الأحداث التي أدت إلى إصابة غوستافو، وإلى تحميل القادة المسؤولين المسؤولية عن ذلك.
وفي مالطا، يقبع ثلاثة شبان من ساحل العاج وغينيا في السجن ينتظرون المحاكمة بتهم إرهابية لا أساس لها بعد أن عملوا كمترجمين شفويين لقبطان وطاقم ناقلة مالطية جاءت لإنقاذهم – وما يزيد عن 100 مهاجر آخر – من قاربهم المطاطي الغارق.
في البداية أراد القبطان إعادة 114 شخصاً، ومن بينهم ما لا يقل عن 20 امرأة و15 طفلاً، إلى مدينة القره بوللي في ليبيا، حيث كانوا سيتعرّضون لخطر الانتهاكات، بما في ذلك الاحتجاز في ظروف غير إنسانية والابتزاز والتعذيب. ولكن بعد مناقشات مع المهاجرين، وافق القبطان والطاقم على نقلهم إلى مالطا بدلاً من ذلك.
ولكن عند وصولهم إلى مالطا، ألقي القبض على الشبان الثلاثة، الذين عملوا كمترجمين، بزعم اختطافهم للقارب، وإجبار القبطان على اصطحابهم إلى مالطا.
وهم الآن متهمون بارتكاب جرائم خطيرة يمكن أن تحمل عقوبة السجن المؤبد لمجرد معارضة إعادتهم غير القانونية إلى التعذيب. وتطالب منظمة العفو الدولية بإنصاف “ثلاثة إل هيبلو”، وتدعو إلى إسقاط التهم الموجهة إلى الشباب (عمرهم الآن 21 و18 و16 عاماً).
مجموعة التضامن مع مجتمع الميم في جامعة الشرق الأوسط التقنية، التي يواجه أعضاؤها عقوبة السجن لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي في تركيا.
ينظم طلاب مجتمع الميم في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة مسيرة الفخر السنوية في الحرم الجامعي منذ سنوات دون أي قيود.
ولكن في 2019، فضت الشرطة الفاعلية السلمية. تم احتجاز طلاب وأحد الأكاديميين وضربهم، والقضية الآن لدى المحكمة. وتدعو منظمة العفو الدولية إلى تبرئة جميع المتهمين، وإجراء تحقيق في الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة، وإلى أن تتاح للطلاب حرية تنظيم مسيرات سلمية في الحرم الجامعي.
إدريس ختاك من باكستان، وهو باحث في مجال الاختفاء القسري لمنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، كان – في تطور قاس – قد اختفى قسراً في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقد توجه إليه الآن تهمة التجسس. وتطالب منظمة العفو الدولية بالإفراج الفوري عنه.
وكما رأينا في السنوات السابقة، فإن كتابة الرسائل تؤدي حقاً إلى تغيير حياة الأفراد الذين يتم تسليط الضوء على قضاياهم في حملة اكتب من أجل الحقوق، كما تقدم دعماً وتشجيعاً عاطفياً هائلاً لهم ولعائلاتهم.
ألقي القبض على الشاب النيجيري موسى أكاتوغبا، وحكم عليه بالإعدام عندما كان عمره 15 عاماً، بعد اتهامه بسرقة ثلاثة هواتف. وفي عام 2019، أُطلق سراحه، بعد أن أظهر 800 ألف من مؤازري منظمة العفو الدولية دعمهم له.
ويقول موسى: “كنت في انتظار تنفيذ الإعدام لأن الشرطة ادعت أنني سرقت ثلاثة هواتف”. “ولكن الآن أنا حر طليق، لأن الناس أمثالكم كتبوا رسائل لدعمي. فبعد ثماني سنوات في السجن، و800 ألف رسالة من مؤازري منظمة العفو الدولية في جميع أنحاء العالم، تم إطلاق سراحي. تلك الرسائل أبقت على أملي حياً. فأنا على قيد الحياة اليوم بسبب هذه الرسائل. لذا فإن رسائلكم يمكن أن تنقذ الحياة “.
في يوليو/تموز 2020، تم إلغاء حكم الإعدام الصادر بحق رجل من جنوب السودان، ويرجع ذلك جزئيًا إلى حملة اكتب من أجل الحقوق. ووفقًا لشهادته في المحكمة، أطلق ماغاي النار بسلاح والده على الأرض لتحذير ابن عمه الذي كان يحاول منعه من العراك مع صبي آخر في حيه.
فارتدت الرصاصة وأصابت ابن عمه، الذي توفي لاحقًا في المستشفى. وواجه ماغاي، الذي كان يبلغ من العمر 15 عامًا فقط، المحاكمة بتهمة القتل دون تمثيل محام. وأدين وحكم عليه بالإعدام.
وثبت بحثنا أن عقوبة الإعدام تستخدم بشكل غير متناسب ضد الفقراء والمحرومين. ووفقًا للقانون الدولي وقانون جنوب السودان، فإن إصدار حكم بالإعدام على طفل أمر غير قانوني.
بادر أكثر من 765000 شخص بالتحرك وكتبوا إلى حكومة جنوب السودان للتعبير عن تضامنهم مع ماغاي. وفي النهاية، ألغت محكمة استئناف جنوب السودان حكم الإعدام الصادر على ماغاي لأنه كان طفلاً وقت ارتكاب الجريمة، وأعادت قضيته إلى المحكمة العليا للبت في الحكم المناسب.
وأضافت جولي فيرهار قائلة: “لا يجب أبدا التقليل من شأن قوة التحرك الفردي لإنقاذ الأرواح ومحاسبة الحكومات. فعاماً بعد عام نرى التأثير القوي الذي يمكن أن تحدثه كتابة رسالة أو بريد إلكتروني”.
حملة اكتب من أجل الحقوق هي حملة تدور حول مساعدة أفراد آخرين، وهذه الطريقة للتعبير عن إنسانيتنا المشتركة أصبحت اليوم أشد أهمية من أي وقت مضى. ويجب على الحكومات أن تستجيب لهذه الرغبة الواسعة النطاق في التغيير من خلال تحقيق العدالة لأولئك الذين تتعرض حقوقهم الإنسانية للاعتداء”.
اقرأ أيضاً: منظمة العفو الدولية تطلق تطبيقاً مجانياً لتعليم حقوق الإنسان لإعداد الجيل القادم من النشطاء