اعتقال نائبين وانتهاكات اخرى للحقوق والحريات في تونس
تابع مجلس جنيف للحقوق والحريات بقلق شديد، تطورات الوضع في تونس بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي “قيس سعيد” في البلاد.
وعبر المجلس عن مخاوفه من ممارسات تنتهك حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والملاحقة على حرية الرأي والتجمع السلمي.
وعلى الرغم من التصريحات الرسمية، باحترام وحماية حقوق الإنسان، إلاّ أن إقدام قوات الأمن التونسي يوم الجمعة الموافق 30/7/2021، على اعتقال نائبين برلمانيين، والتحقيق مع آخرين، إلى جانب ممارسات أخرى، يبعث على القلق بانتهاك قواعد حقوق الإنسان.
وتقوض هذه الاعتقالات والأفعال التحول الديمقراطي الهش، بعد حل الحكومة وتجميد البرلمان واستحواذ الرئيس على السلطات المختلفة.
وأكد المجلس أنه وفق متابعته، فقد اعتقل الأمن التونسي النائب في مجلس نواب الشعب “ماهر زيد” على خلفية قضية تمت تسويتها نهائيا عام 2017.
وأكدت “حنان الخميري” محامية “زيد”، أن السلطات الأمنية رفضت الإفراج عن موكلها رغم تقديم وثائق تؤكد الكف عن التفتيش عنه.
كما أكد مجلس جنيف أن قوة أمنية بلباس مدني اعتقلت النائب في البرلمان، عن حركة أمل وعمل المستقلة، “ياسين العياري” بعد ظهر الجمعة من منزله.
وأفادت زوجة النائب “العياري” ” سيرين الفيتوري” أن حوالي 20 عنصراً بالزي المدني وصلوا إلى المنزل واعتقلوا زوجها بالقوة بينما كانت والدته تصرخ، وطلبوا منهم عدم التصوير بالهاتف.
وذكرت “الفيتوري” أن العناصر الأمنية لم تبرز أمر توقيف ولما طلب منهم زوجها النائب “العياري” تحديد الجهة الأمنية التي يتبعون لها، رفضوا الإدلاء بأي معلومات وأدخلوه عنوة في إحدى السيارات الأمنية التي كانت تقف أمام المنزل ثم اقتادوه لجهة مجهولة.
وكان العياري قد انتقد بشدة التدابير الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو، التي تنص على إقالة رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه، وكذلك تولي الرئيس السلطة التنفيذية ورئاسة النيابة العامة.
بدورها، أعلنت وكالة الدولة العامة للقضاء العسكري في بيان، نقلته وسائل إعلام محلية- أن العياري أُودع السجن المدني بتونس العاصمة، تنفيذا لحكم قضائي نافذ، صدر ضده عن محكمة الاستئناف العسكرية بتاريخ السادس من ديسمبر/كانون الأول 2018.
وأشارت الوكالة نفسها إلى أن “هذا الحكم تم تأييده بقرار من محكمة التعقيب، ويقضي بسجن ياسين العياري لمدة شهرين اثنين جراء المشاركة في عمل يرمي إلى تحطيم معنويات الجيش بقصد الإضرار بالدفاع والمس بكرامة الجيش الوطني ومعنوياته”، حسب البيان.
يذكر أن العياري ملاحق في 3 قضايا قُدمت ضده من قبل القضاء العسكري منذ مارس/آذار 2017، وتتعلق بـ”الثلب (السب) والتهجم على المؤسسة العسكرية“.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حُكم عليه بالسجن 3 أشهر في إحدى هذه القضايا، بعد انتخابه عضوا بالبرلمان في الانتخابات الجزئية.
وفي عام 2015، أمضى العياري -وهو ابن عقيد قُتل عام 2011 خلال الاشتباكات الأولى ضد الجماعات الإرهابية في البلاد- أكثر من 4 أشهر في السجن بعدما أدانته محكمة عسكرية بتهمة ازدراء القيادة العليا للجيش على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما استدعت قوات الأمن التونسي 4 من منتسبي حزب حركة النهضة؛ بينهم عضو بمجلس شورى الحركة، وعضوان على صلة بزعيمها ورئيس البرلمان “راشد الغنوشي”، بدعوى ارتكاب أعمال عنف الاثنين الماضي أثناء احتجاج على قرارات للرئيس التونسي “قيس سعيّد.” وأفرج القضاء أفرج عن الأربعة بعد التحقيق معهم.
كما تابع المجلس أنباء عن اعتقال نشطاء على خلفية تدوينات على منصات التواصل الاجتماعي تنتقد التدابير المؤقتة.
وتأتي هذه التطورات، بعد أيام من إعلان الرئيس “قيس سعيد” في 25 يوليو/تموز 2021، تدابير استثنائية شملت، إقالة رئيس الحكومة “هشام المشيشي”، وتجميد البرلمان، ورفع الحصانة عن النوّاب، وترؤس النيابة العمومية، واتخاذ تدابير استثنائية أخرى قال إنها ضرورية لمعالجة الأزمة السياسية المستمرة منذ أشهر في تونس.
ورغم إعلان الرئيس التونسي ضمان وحماية حقوق الإنسان، والالتزام بالدستور، إلاّ أن الممارسات على الأرض تشير خلاف ذلك.
فبعد يوم من إعلان هذه التدابير، داهمت قوات الشرطة مقرّ “قناة الجزيرة” في العاصمة تونس، وطردت الموظفين وأغلقت المكتب، في انتهاك لحرية الصحافة.
كما صدرت قرارات أخرى، منها ما يتعلق بفتح تحقيقات وإعفاء مسؤولين عن مناصبهم، دون وجود تهم محددة، وسط مخاوف بأن يكون ما يجري أقرب إلى عمليات تطهير سياسي تعسفي تدريجي.
كما عبر مجلس جنيف عن قلقه من تصريحات الرئيس التونسي -أثناء استقباله الجمعة ممثلي وسائل إعلام أميركية- التي اعتبر فيها أن تلويح بعض القيادات السياسية بالنزول إلى الشارع بأنه مخالف للدستور والإجراءات القانونية، رغم تأكيده أن حرية التعبير تبقى مضمونة، وأنه لا مساس إطلاقا بالحريات في تونس وأنه لن يتحول إلى دكتاتور.
وشدد المجلس على أن الحماية من الاعتقال التعسفي، والحق في الرأي والتعبير وحرية الصحافة، والحق في التجمع السلمي حوق أصيلة ومكفولة بالقانون، ويذكر بأن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتونس طرف فيه، تحظر على الدول تعليق بعض حقوق الإنسان، حتى في أثناء حالة الطوارئ، بما في ذلك المقتضيات الأساسية للمحاكمات العادلة.
ودعا مجلس جنيف الرئيس “قيس سعيد” والسلطات إلى ضمان واحترام التزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
اقرأ أيضاً: الفدرالية الدولية تخاطب المفوضية الأوروبية بشأن قرار تجميد عمل البرلمان التونسي