اعتقال الناشط المغربي “أمغار” يرسّخ إصرار السلطات المغربية على قمع الحريات

أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة استمرار اعتقال ومحاكمة السلطات المغربية الناشط في الحراك الاحتجاجي “جواد أمغار” على خلفية مشاركته في الحراك الاجتماعي ببلدة “تماسينت” شمالي البلاد.

وقال المرصد الحقوقي الدولي في بيانٍ صحفيٍ اليوم، إنّ الشرطة القضائية في “مدينة إمزورن” التابعة لإقليم الحسيمة اعتقلت “أمغار” يوم الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني.

ثم أحالته في اليوم التالي إلى النيابة العامة بابتدائية الحسيمة، والتي قضت بإيداعه في السجن المحلي بالحسيمة، ومنعه من الاتصال بعائلته مدة 15 يومًا.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ محامي دفاع المُعتقل طالب المحكمة بمتابعة جواد في حالة سراح، إلا أن المحكمة رفضت ذلك وقررت متابعته في حالة اعتقال، وعقدت جلسة في 21 يناير/كانون الثاني أجّلت فيها محاكمة “أمغار” إلى 4 شباط/فبراير 2021 لاستعداد هيئة الدفاع.

وقال “كريم أمغار” شقيق المعتقل “جواد” في إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي “اعتقل جواد يوم 13 يناير/كانون الثاني عند الساعة الثامنة صباحًا أثناء توجهه إلى العمل، حيث أوقفته الشرطة القضائية على نحو مفاجئ واعتقلته بحجة عدم ارتدائه الكمامة للوقاية من فيروس كورونا.

ثم أحالته في اليوم الثاني إلى النيابة العامة، والتي بدورها أودعته في المكان المخصص للعزل الصحي بالسجن المحلي ومنعته من الاتصال بالعائلة مدة 15 يومًا”.

وأضاف “تبيّن أنّ سبب الاعتقال مشاركة جواد في الاحتجاجات، إذ قدّم وكيل الملك في المحكمة لائحة اتهام بحق جواد تتضمن مجموعة من التهم الثقيلة والتي ترتبط بمشاركته في الحراك وهي: إهانة رجال القوة العمومية وموظفين عموميين أثناء أدائهم وظيفتهم، وإهانة هيئات منظمة قانونًا، والتحريض على الوحدة الترابية للمملكة، والتحريض على العصيان والتظاهر، وارتكاب جنح وجنايات”.

ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ السلطات المغربية لم تكتف باعتقال جواد، بل احتجزت -في نفس يوم الاعتقال- شقيقيه “محمد وكريم” على أحد الحواجز الأمنية، حيث استمر احتجازهم مدة أربع ساعات وتم منعهم من دخول الحسيمة.

ووفق متابعة المرصد الأورومتوسطي، أعلن 6 من معتقلي الحراك في سجن “طنجة 2” يوم الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني إضرابهم المفتوح عن الطعام بعدما أبلغتهم إدارة السجون بمنع الاتصال بغير عائلاتهم والحديث في غير الشؤون العائلية.

وعلى أثر ذلك أعلنت مندوبية السجون المغربية في اليوم التالي توزيع المعتقلين الستة على عدة سجون بحجة “السلوكيات المخالفة للقانون الصادرة عنهم”، فيما يبدو إجراءً عقابيًا يهدف إلى زيادة الضغط النفسي على المعتقلين وحرمانهم من التواصل المباشر فيما بينهم.

وقال المدير الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “أنس جرجاوي” “إنّ السلطات المغربية تثبت مرة أخرى زيف وعودها بشأن ضمان حرية الرأي والتعبير في البلاد.

وتبرهن على استمرار سيطرة العقلية الأمنية على سياستها في التعامل مع أي حراك شعبي سلمي بدلًا من تلبية المطالب المحقة للسكان الذين لطالما عانوا من التهميش والفقر وغياب العدالة في توزيع الموارد”.

وبحسب البيان المشترك الصادر عن فرعي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة وإمزورن، فإنّ اعتقال جواد جاء لمشاركته في حراك تماسينت –المستمر- المطالب بتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والذي اندلع في يونيو/حزيران 2016 نتيجة وفاة سيدة حامل بسبب الإهمال في توفير سيارة إسعاف لنقلها للمستشفى.

وأشار المرصد إلى أن عددًا من سكان بلدة “تماسينت” نظموا وقفة احتجاجية تطالب بالإفراج عن “أمغار”، وحل ملف حراك الريف، والإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية المندلعة في المغرب منذ سنوات.

وبيّن الأورومتوسطي أن عدد النشطاء المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية والذين ما يزالوا رهن الاعتقال في السجون المغربية بلغ حوالي 23 معتقلاً، من بينهم ناصر الزفزافي – أحد قادة الحراك الشعبي– والذي حكم عليه بالسجن 20 عامًا في يونيو/حزيران 2018.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ اعتقال “أمغار” يخالف القوانين المحلية والدولية ذات العلاقة، إذ جاء الفصل (29) في الدستور المغربي لينص على “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة”.

كما جاءت القوانين والمواثيق الدولية لتكفل حرية الرأي والتعبير، حيث نصت المادة (21) في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي صادق عليه المغرب عام 1979 على “يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به.

ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم”.

ودعا الأورومتوسطي السلطات المغربية إلى إطلاق سراح “أمغار” وجميع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية وحراك الريف، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم خاصة مع كونها تتعلق بالتظاهر السلمي الذي يحظر فيه سلب الحرية.

وطالب المرصد السلطات المغربية أيضاً باحترام التزاماتها بشأن ضرورة صون الحريات ووقف أي انتهاكات لحقوق الإنسان من شأنها المساس بالحقوق الأصيلة المكفولة على الصعيدين المحلي والدولي.

اقرأ أيضاً:

قد يعجبك ايضا