استمرار خسائر الأرواح في الأرض الفلسطينية المحتلة، عنف المستوطنين وصواريخ عشوائية
عبر المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط عن عميق قلقه ”إزاء استمرار العنف المرتبط بالمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية”.
وأضاف السيد “تور وينسلاند” خلال تقديمه تقرير الأمين العام التاسع عشر لمجلس الأمن عن تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 (2016)، أعرب فيه عن قلق بالغ حيال استمرار الخسائر في الأرواح والإصابات الخطيرة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وقال المنسق الخاص إن “إطلاق الصواريخ العشوائية والأجهزة الحارقة تجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية ينتهك القانون الدولي ويجب أن يتوقف”.
وقال “وينسلاند” لأعضاء مجلس الأمن إن غزة تتطلب حلولا سياسية تركز على العمل من أجل تعزيز الوحدة الفلسطينية الداخلية، ورفع عمليات الإغلاق المنهكة في غزة، وفي نهاية المطاف، العودة إلى عملية السلام التي ستنهي الاحتلال تفضي إلى حل دوليتين قابلتين للحياة.
دعا قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016) إسرائيل إلى “الوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية” و “الاحترام الكامل لجميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد”.
خلال الفترة المشمولة بالتقرير، لم تكن هناك خطط إسكان استيطانية جديدة. غير أن عمليات الهدم والاستيلاء على المباني المملوكة من الفلسطينيين استمرت في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وقال المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط إنه “بحجة عدم وجود تصاريح بناء إسرائيلية – والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها- تم هدم 302 مبنيين أو الاستيلاء عليها من قبل السلطات الإسرائيلية أو هدمها من قبل أصحابها لتجنب رسوم الهدم الإسرائيلية الباهظة”، مضيفا أن هذه الإجراءات أدت إلى “نزوح 433 شخصا، من بينهم 251 طفلا و 102 امرأتين.”
وأشار السيد وينسلاند إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية عقد في 2 آب/أغسطس جلسة استماع للنظر في طلب استئناف قدمته أربع عائلات فلسطينية تواجه الإخلاء القسري في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية.
“قدم القضاة اقتراحا، ولكن لم يتم قبوله، وتأجلت الجلسة مع عدم وجود موعد للانعقاد مرة أخرى. وهناك حاليا حوالي 970 فلسطينيا يواجهون الإخلاء في القدس الشرقية.”
دعا قرار مجلس الأمن 2334 (2016) إلى “خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك جميع أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتدمير”.
لسوء الحظ، قال المنسق الخاص للهيئة المؤلفة من خمسة عشر عضوا، إن العنف استمر بشكل يومي.
ووفق تقرير الأمين العام، “قُتل 27 فلسطينيا، من بينهم امرأتان وخمسة أطفال، على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية خلال المظاهرات والاشتباكات والعمليات الأمنية وغيرها من الحوادث. وجرح 4814 فلسطينيا، بينهم 10 نساء و530 طفلا”.
ومن بين هؤلاء، كان هناك 3,369 إصابة ناجمة عن استنشاق الغاز المسيل للدموع، فيما أصيب 205 بالذخيرة الحية. قُتل جندي إسرائيلي على يد فلسطينيين، وأصيب 42 إسرائيليا، بينهم 7 نساء وطفل، على أيدي فلسطينيين في اشتباكات وإلقاء حجارة وقنابل مولوتوف وهجمات وحوادث أخرى، بحسب ما جاء على لسان السيد “تور وينسلاند”.
في 24 حزيران/يونيو، توفي الناشط السياسي الفلسطيني “نزار بنات” في أعقاب عملية اعتقال نفذتها قوات الأمن الفلسطينية في الخليل، حيث ورد أنه تعرض خلالها للضرب المبرح.
وأثار مقتل السيد “نزار بنات” عدة مظاهرات منذ أواخر حزيران / يونيو أدت إلى اعتقال العشرات. تم إطلاق سراحهم جميعاً فيما بعد، على حد قول المنسق الخاص، الذي أشار إلى أن محكمة عسكرية فلسطينية عقدت في 27 أيلول/سبتمبر أولى جلساتها لضباط الـ 14 من قوات الأمن الفلسطينية المتهمين بوفاة “نزار بنات”.
ودعا قرار مجلس الأمن 2334 (2016) أيضا الأطراف إلى الامتناع عن أعمال الاستفزاز والتحريض والخطاب التحريضي. وقال المنسق الخاص إن بعض المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين استمروا في استخدام مثل هذا الخطاب خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
وذكر في كلمته أمام مجلس الأمن اليوم الأربعاء، أنه في 27 حزيران/يونيو، طعن عضو كنيست إسرائيلي في الوضع الراهن في الحرم الشريف/ جبل الهيكل، قائلاً: “مطلبنا هو السيادة الكاملة، ورفع العلم الإسرائيلي وطرد جميع عناصر الوقف التي تسعى إلى إلحاق الأذى بنا”.
وأشار أيضا إلى أنه في 20 حزيران/يونيو، قال مسؤول كبير في حماس إنه “لا كلمات ولا رسائل” لتسوية وضع القدس، وإن الحركة “ستصل إلى القدس بمساعدة وابل من مئات الصواريخ التي تطلق على تل أبيب”.
وشدد القرار 2334 (2016) على دعوات اللجنة الرباعية للشرق الأوسط “لاتخاذ خطوات إيجابية على الفور لعكس الاتجاهات السلبية على الأرض التي تعرض حل الدولتين للخطر”.
وفي هذا السياق ذكر “وينسلاند” أن الأمم المتحدة أطلقت في 13 أيلول/ سبتمبر برنامج مساعدات نقدية لمساعدة ما يقرب من 100،000 أسرة محتاجة في غزة. مشيرا إلى أن هذا الجهد مدعوم من دولة قطر بمبلغ 40 مليون دولار أمريكي على مدى أربعة أشهر.
بالإضافة إلى ذلك، تم جمع حوالي 45 مليون دولار أمريكي من 95 مليون دولار أمريكي المطلوبة للنداء الإنساني العاجل للأمم المتحدة وتم تعبئة ما يقرب من 55 مليون دولار أمريكي لدعم الاستجابة الإنسانية على نطاق أوسع.
كما أن إسرائيل خففت القيود المفروضة على الوصول خلال التصعيد في أيار/مايو في غزة. غير أن المنسق الأممي الخاص أشار إلى أن السلطة الفلسطينية لا تزال تواجه أزمة مالية متنامية تؤثر بشدة على قدرتها على تغطية الحد الأدنى من النفقات، بما في ذلك الرواتب الحكومية والمدفوعات للأسر المحتاجة.
وقال إنه بعد اجتماع بين الرئيس عباس ووزير الدفاع غانتس في 30 آب/أغسطس -وهو أول اجتماع من نوعه بين الجانبين منذ سنوات- قالت إسرائيل إنها ستقدم قرضا بقيمة 150 مليون دولار للسلطة الفلسطينية يتم سداده من خلال اقتطاعات متناسبة من عائدات المقاصة.
كما أعلنت إسرائيل عن خطط لإصدار بطاقات هوية لآلاف الرعايا الأجانب غير المسجلين في الضفة الغربية المحتلة ومنح 15000 تصريح إضافي للعمال الفلسطينيين لدخول إسرائيل، إلى جانب 1000 تصريح بناء إضافي للفلسطينيين في المنطقة “ج” من الضفة الغربية.
في 6 أيلول/سبتمبر، أعلنت السلطة الفلسطينية أنها ستجري انتخابات المجالس المحلية في 11 كانون الأول/ديسمبر 2021 لجميع القرى والبلديات من الفئة (ج)، وهي أصغر 388 مجلسا من مجموع حوالي 450 مجلسا.
في 27 أيلول/سبتمبر، أعلنت السلطة الفلسطينية أن الانتخابات المحلية المتبقية ستُجرى في 23 آذار/مارس 2022، بما في ذلك 11 مجلساً محلياً في غزة ريثما يتم الاتفاق عليها في المرحلة الثانية.
وذكر السيد “وينسلاند” أن مدارس الأونروا افتتحت في 16 آب/أغسطس لاستقبال أكثر من 300،000 فتاة وصبي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة. ومع ذلك، لفت المنسق الخاص الانتباه إلى أن “الأونروا تكافح مرة أخرى للحصول على تمويل للعمل في الأشهر الأخيرة من العام”.
وقال إن تعطيل خدمات الأونروا سيؤدي إلى “حرمان مئات الآلاف من الفلسطينيين، وتحديداً الشباب، في جميع أنحاء المنطقة من الحقوق الأساسية لحياة كريمة: التعليم والصحة والغذاء والسكن.”
وتحدثت السيدة “مي فرسخ،” مديرة وحدة التخطيط وتجنيد الأموال في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، أمام مجلس الأمن مشيرة إلى “تجاهل إسرائيل الصارخ للقانون الدولي في توسعها الاستيطاني المستمر في الأرض الفلسطينية على حساب حق الفرد الفلسطيني في السكن والحق الجماعي في تقرير المصير من بين حقوق أخرى، مثل التمتع بالموارد الطبيعية، والملكية الخاصة، وحرية التنقل- ومع ظهور عنف المستوطنين التمتع بالأمن الشخصي.
وذكرت السيدة “فرسخ” في مداخلتها بمجلس الأمن الدولي أن “تعداد المستوطنين يبلغ حوالي 670 ألف شخص في 132 مستوطنة و140 بؤرة استيطانية في المنطقة ج و13 كتلة استيطانية في القدس الشرقية”.
وأشارت إلى أنهم يسيطرون على ما يقرب من 43٪ من أراضي الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، ما يرقى إلى حد نقل سكان الدولة إلى الأرض المحتلة”.
وقالت إنه منذ اعتماد القرار 2334، سكن ما يقرب من 60 ألف مستوطن إضافي في الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال إضافة 43 بؤرة استيطانية جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة على النحو المبين في المناقصات المنشورة في 15900 وحدة سكنية جديدة وفقا للبيانات التي نشرتها حركة السلام الآن.
منذ اعتماد القرار 2334، كثفت إسرائيل فقط من جهود الهدم والتهجير لتمهيد الطريق أمام التوسع الاستيطاني.
وتحدثت “مي فرسخ”، مديرة وحدة التخطيط وتجنيد الأموال في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، عن التداعيات المالية والاجتماعية والنفسية للعيش في انتظار أو في أعقاب هدم أو عمل عنيف من قبل إسرائيلي.
قالت إن ذلك “ينطوي على آثار بعيدة المدى على حياة الفلسطينيين بما فيها فقدان الممتلكات أو عدم القدرة على الوصول إلى موارد الرزق وما يرتبط بها من تأثيرات على فقدان التماسك الاجتماعي وحرية الحركة، والصدمات والآثار الناتجة على الصحة العقلية، والاكتئاب، والقلق، وارتفاع معدلات الأفكار الوهمية، والوسواس القهري، والعنف المنزلي…”
ومستشهدة بدراسة أجرتها منظمة أنقذوا الأطفال Save the Children، قالت مي فرسخ إن الحاجة إلى التعامل مع الصدمات الناتجة عن هدم المنزل في بيئة من الصدمات الأسرية قد تؤدي إلى تهميش حاجة الفرد إلى الرعاية.
الأمر الذي “يمثل مشكلة خاصة لدى الأطفال الذين تتضخم احتياجاتهم فيما يناضل آباؤهم لسد احتياجاتهم الخاصة، ولدى النساء فيما يتم تكليفهن برعاية الأطفال”.
اقرأ أيضاً: إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة: خطة “الضم” غير القانونية ترسخ “قانون الغاب” ويجب إيقافها