أمنستي تعلق على إساءة استخدام الغاز المسيل للدموع عالمياً في قتل وإصابة المتظاهرين
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان -علقت منظمة العفو الدولية على إساءة استخدام قوات الأمن للغاز المسيل للدموع على نحو مُروِّع في إطار حملاتها القمعية الوحشية ضد التظاهرات في إيران وبيرو وسري لنكا في العام الماضي.
وتحدثت المنظمة الدولية عن تفاصيل 30 حادثة وقعت في 13 بلدًا، حيثما ألحقت الشرطة وقوات الأمن أضرارًا عبر استخدام الغاز المسيل للدموع في غير محله.
وتحققت المنظمة من وقوع حوادث لإساءة استخدام الغاز المسيل للدموع في أكثر من 115 بلدًا ومنطقة.
تضمنت هذه التحقيقات إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة وأوغندا وتونس والسودان وصربيا وغواتيمالا وفرنسا ولبنان ومالي وميانمار ونيجيريا والهند والولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت ماريا ريستيتش، مديرة فريق التدقيق الرقمي في منظمة العفو الدولية: “تُواصِل منظمة العفو الدولية، عامًا تلو الآخر، توثيقها لحالات الاستخدام الخَطِر والمُتهور للغاز المسيل للدموع حول العالم”.
وأضافت ريستيتش: “خرج الناس إلى الشوارع في تظاهرات للمُطالَبة باحترام حقوقهم الإنسانية، إلا أنهم قوبلوا بعنف غير ضروري أو قوة مُفرطة، ويتضمن ذلك، في كثير من الحالات، الاستخدام غير المشروع للغاز المسيل للدموع”.
وأكدت ممثلة العفو الدولية على: “يجب على السلطات في جميع أرجاء العالم احترام الحق في التظاهر السلمي، ومساءلة أي شخص يستخدم الغاز المسيل للدموع بصورة غير مشروعة ضد الأشخاص الذين يُمارسون حقوقهم الإنسانية الأساسية”.
ووثّقت منظمة العفو الدولية أيضًا، الهجمات التي تُشَنّ على التظاهرات السلمية للتضامن مع المُستَهدَفين ولدعم التحركات الاجتماعية المُنادية بتغيير أوضاع حقوق الإنسان حول العالم.
قالت المنظمة أن السلطات في إيران اِتَّبَعَت على مدى عام 2022، أسلوبًا ذا طابع عسكري في ردها على التظاهرات التي اندلعت في المناطق المحلية وعلى مستوى البلاد بصورة مُمنهَجة.
وأكدت المنظمة استخدام إيران للذخيرة الحية والكُريات المعدنية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لسحق التظاهرات التي اتسمت بالسلمية في الغالب.
وقتلت قوات الأمن على نحو غير مشروع مئات المتظاهرين والمارّة، ومن بينهم عشرات الأطفال.
فقد قُتلت طفلة كانت تبلغ من العمر ستة أعوام بعدما أُصيبت في رأسها بعبوة غاز مسيل للدموع.
وتعرَّض آلاف الأشخاص لإصابات بالغة، تضمنت الإصابة بالعمى، ولم يسعَ العديد منهم للحصول على الرعاية الطبية خوفًا من الاعتقال.
وأثناء التظاهرات التي اجتاحت أرجاء بيرو بدايةً من ديسمبر/كانون الأول 2022، أطلق الجيش والشرطة الوطنية في البلاد النيران باستخدام الأسلحة الفتاكة واستخدم أسلحة أخرى أقل فتكًا ضد الشعب، على نحو غير مشروع، لا سيما ضد السكان الأصليين والمجتمع الريفي (العمّال الزراعيين الريفيين).
وأودى هذا الاستخدام غير المشروع للقوة بحياة 49 شخصًا اعتبارًا من بداية أعمال قمع الدولة وحتى فبراير/شباط 2023.
وغلبت السلمية على التظاهرات في معظم الوقت؛ ومع ذلك، أشارت الأدلة إلى إطلاق الشرطة والجيش الرصاص والكُريات والغاز المسيل للدموع على نحو مُتهور، ما أدى إلى مصرع أو إصابة مارّة ومتظاهرين ومقدمي إسعافات أولية للمصابين.
أما في سري لنكا، فشدَّدت الحكومة قمعها للمُعارَضة بينما تظاهر آلاف الأشخاص تنديدًا بالأوضاع الاقتصادية العصيبة التي تشهدها البلاد.
وقد صارت إساءة استخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه أمرًا شائعًا عند الاستجابة للمظاهرات، ما ألحق الأذى بمتظاهرين ومارّة، ومن بينهم أطفال.
ونجم عن انتهاج هكذا أساليب حالة وفاة واحدة على الأقل خلال تظاهرة في يوليو/تموز 2022.
وفي أوكرانيا، أطلقت قوات الأمن الروسية الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين السلميين، الذين خرجوا في شوارع خيرسون في أبريل/نيسان 2022، للمُطالَبة بإنهاء الاحتلال الروسي لمدينتهم.
ويتضمن التحديث الأخير الذي أُجرِي على الموقع على الإنترنت أمثلة مشابهة على إساءة الاستخدام في إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة وإكوادور وإندونيسيا وتركيا والعراق وكولومبيا والهند واليونان.
بدأ مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية بإجراء الأبحاث حول إساءة استخدام الغاز المسيل للدموع في 2019، عبر تحليل مقاطع الفيديو المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي بصفة أساسية.
وعبر اِتِّباع طرق التحقيق المستند إلى مصادر متاحة علنًا، حددت المنظمة الحالات التي أُسيء فيها استخدام الغاز المسيل للدموع وتحققت منها، مع التأكُّد من موقع وتاريخ حدوثها ومدى صحتها.
وأجرى التحليلات لهذه الحالات فريق التحقق الرقمي لدى منظمة العفو الدولية، الذي يضم طلابًا من خمس جامعات في أربع قارات، تدربوا على التحقق من صحة مقاطع فيديو وصور تُظهِر انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان خلال النزاعات والأزمات حول العالم.
ووثَّقَت منظمة العفو إساءة استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع بعدة طرق، تضمنت إطلاقه في الأماكن المغلقة وإطلاقه مباشرةً على الأشخاص واستخدامه بكميات مفرطة وإطلاقه على التظاهرات السلمية وعلى فئات من الأشخاص الذين قد يكونون أقل قدرة على الهرب أو أكثر عُرضةً للتضرُر من آثاره، كالأطفال والمُسنين والأشخاص ذوي الإعاقة.
على الرغم من إساءة استخدام الغاز المسيل للدموع وغيره من المواد الكيميائية المُهيّجة على نطاق واسع، لا تُوجد أي تنظيمات دولية مُتفَق عليها تحكم تجارة هذا الغاز والمواد.
وتُتيح قلة من الدول معلومات عامة حول كميات صادرات الغاز المسيل للدموع ووجهات تصديرها، ما يعيق إمكانية الإشراف بشكل مستقل.
ونظَّمَت كلٌ من منظمة العفو الدولية ومؤسسة أوميغا للأبحاث حملات على مدى أكثر من عقدين من الزمن للدعوة إلى وضع المزيد من الضوابط على إنتاج وتجارة واستخدام الغاز المسيل للدموع وغيره من مُعدّات إنفاذ القانون والأسلحة.
ونتيجة لذلك، فرض الاتحاد الأوروبي ضوابط تجارية على بعض المُعدّات، بينما أقر كلٌ من الأمم المتحدة ومجلس أوروبا بالحاجة إلى تنظيم تصدير مُعدّات إنفاذ القانون التي يمكن أن تُستَخدَم في التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة.
وفي أعقاب حملة دبلوماسية رفيعة المستوى لكسب التأييد نَظَّمَتها أكثر من 60 دولة في التحالف من أجل تجارة خالية من التعذيب، بدعم ائتلاف دولي لمنظمات المجتمع المدني، تبحث الأمم المتحدة حاليًا في احتمالية إعداد ضوابط تجارية دولية على مُعدّات إنفاذ القانون، بما فيها الغاز المسيل للدموع، لمنع استخدامها في التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة.
وقالت منظمة العفو الدولية أنها انضمت في يناير/كانون الثاني 2023، إلى أكثر من 30 منظمة غير حكومية للتوقيع على إعلان شورديتش.
وذلك من أجل الدعوة إلى وضع معاهدة دولية لمكافحة تجارة أدوات التعذيب المُستَخدَمة في قمع التظاهرات السلمية وإساءة معاملة المُحتَجَزين حول العالم.