أزمة حقوق المرأة في أفغانستان تتصدر جدول اجتماع لمجلس الأمن الدولي
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان إن سياسات سلطات الأمر الواقع (طالبان) والتي تؤدي إلى استبعاد المرأة، غير مقبولة بالنسبة للمجتمع الدولي.
وشددت روزا أوتونباييفا في كلمتها أمس الثلاثاء أمام مجلس الأمن على ضرورة “ضمان عدم إغلاق أبواب الحوار” كأداة لتغييرها.
هذا وقالت أوتونباييفا التي تتولى أيضاً منصب رئيسة بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما)، إن الحوار لا يشكل اعترافاً بشرعية حركة طالبان، ولكنه ضروري لتعزيز ممارسات الحكم التي تعكس المعايير الدولية وكذلك التراث الثقافي والديني للبلاد.
وأشارت أوتونباييفا إلى أن تعامل الأمم المتحدة مع سلطات الأمر الواقع اتسم بالانفتاح حتى الآن، على الرغم من الاختلافات العميقة حول القضايا الرئيسية.
لكنها أعربت عن قلقها المتزايد بشأن “الافتقار إلى الاتجاه الإيجابي” في تلك المشاركات، والتي تم تقويضها بشكل كبير بسبب المراسيم الصادرة عن الحركة والتي “تهدف إلى استبعاد النساء من الحياة العامة والتعليم”.
وقالت: “إذا استمر هذا الانجراف، فلن نتمكن من معالجة مخاوف المجتمع الدولي، ولا إدارة الأمر الواقع، ولا في المقام الأول الاحتياجات الكبيرة للشعب الأفغاني”.
وشددت على ضرورة جعل هذه المشاركة هادفة وأكثر تنظيما، مع الحفاظ على المبادئ.
وقالت إنه يجب الاعتراف بأن سلطة الأمر الواقع “هي الكيان الذي يجب أن يتفاعل معه المجتمع الدولي، (وإن هذا الكيان) يتحمل المسؤولية عن رفاه الشعب الأفغاني بجميع مكوناته، ولكن بشكل خاص فيما يتعلق بالمرأة”.
رحبت الممثلة الخاصة بالزيارة الأخيرة التي قامت بها مجموعة من علماء الدين الإسلامي البارزين من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، والتي ركزت في محادثاتها على تعليم الفتيات وحقوق المرأة والحاجة إلى حكم جامع يشمل الجميع.
وحثت على مواصلة تلك الزيارات كجزء من “المحادثة الحيوية بين سلطات الأمر الواقع والمجتمع الدولي بوساطة مفيدة من العالم الإسلامي”.
وعلى الرغم من الآثار المدمرة لتغير المناخ والجفاف على المجتمعات الأفغانية، فإن خطة الاستجابة الإنسانية للبلاد، والتي تبلغ قيمتها 3.2 مليار دولار أمريكي، لا تزال ممولة بنسبة 28 بالمائة فقط، مما أجبر العديد من البرامج على التوقف.
ووفقاً للممثلة الخاصة، فإن هذا يعني أن “15.2 مليون أفغاني يواجهون الآن انعدام الأمن الغذائي الحاد يمكن أن يدفعوا نحو المجاعة في الأشهر المقبلة”.
وحثت الجهات المانحة على الاستجابة للنداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة بأكبر قدر ممكن من السخاء قبل حلول فصل الشتاء.
وقالت أوتونباييفا إن بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان تواصل توثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قبل سلطات الأمر الواقع، بما في ذلك العديد من الانتهاكات التي “تخالف تعليمات زعيم حركة طالبان”، مثل حظر التعذيب وسوء المعاملة.
وقالت إن مثل هذه الانتهاكات تخلق الخوف وانعدام الثقة، مما يقوض ادعاء سلطات الأمر الواقع بالشرعية المحلية.
وأشارت إلى إنشاء “مجالس العلماء الإقليمية” في جميع مقاطعات أفغانستان الـ 34 والتي تتألف من رجال الدين وشيوخ القبائل.
وقالت إن هذه المجالس تهدف إلى ضمان المساءلة والاستماع إلى المظالم المحلية، إلا أنها تخضع “مباشرة لزعيم طالبان”.
وأضافت: “من السابق لأوانه الحكم على هذه المؤسسات، سواء كانت أدوات للمساءلة والتشاور أو للسيطرة”.
وتابعت: “نشعر بالقلق من أن مجلسي العلماء الإقليميين اللذين تم إنشاؤهما مؤخراً في مقاطعتي باميان ودايكوندي ذواتَي الأغلبية الشيعية لا يضمان أعضاء شيعة”.
أكدت رئيسة بعثة يوناما أن انعدام اليقين فيما يتعلق بالحقوق والمساءلة والتمثيل واللجوء إلى العدالة يظل عقبة كبيرة أمام الشرعية الداخلية، مضيفة أنه “لا يمكن أن تكون هناك شرعية دولية دون شرعية محلية”.
من جانبها، أشارت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، إلى أن تأثير المرأة في صنع القرار قد تقلص بشكل كبير في البلاد، حتى داخل الأسرة، مرجعة سبب ذلك إلى زيادة الفقر، وانخفاض المساهمات المالية للمرأة، “وفرض طالبان للأعراف الجنسانية الأبوية الذكورية المفرطة، والعزلة المتزايدة للمرأة”.
وقالت بحوث – أمام مجلس الأمن- إن الذكور يقومون أيضاً بفرض قيود صارمة على النساء في أسرهم، حيث تحملهم حركة طالبان المسؤولية عن تنفيذ مراسيمها القمعية، مما أدى إلى زيادة زواج وعمالة الأطفال.
كما أثارت المسؤولة الأممية مخاوف بشأن الصحة النفسية للنساء، حيث أفادت بأن 90 بالمائة من النساء اللاتي تحدثت إليهن الهيئة اعتبرن أنفسهن بصحة عقلية “سيئة أو سيئة للغاية”.
وأضافت: “يقلن لنا إنهن سجينات يعشن في الظلام محصورات في منازلهن بلا أمل أو مستقبل… يقلن لنا إن إقصاءهن من الحياة العامة يشبه الخوف المستمر من الموت العنيف”.
وقالت بحوث إن فشل المجتمع الدولي في سماع أصوات النساء الأفغانيات، بما في ذلك خلال المفاوضات بشأن اتفاق الدوحة، هو جزء من الأسباب التي خلقت الوضع الحالي.
وشددت على أن أزمة حقوق المرأة يجب أن تكون “العدسة الأساسية التي نفهم من خلالها ما يجري وما يجب أن نفعله” في أفغانستان.
ودعت رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة الدول إلى دعم عملية حكومية دولية لتدوين الفصل العنصري بين الجنسين بشكل واضح في القانون الدولي.
وأضافت: “الاعتداء الممنهج والمخطط له على حقوق المرأة هو أساس لرؤية طالبان للدولة والمجتمع، ويجب تسميته وتعريفه وحظره في معاييرنا العالمية حتى نتمكن من الرد بشكل مناسب”.
مرددة هذه الدعوة، قالت الخبيرة في مجال القانون الدولي، كريمة بنون، إن نهج الفصل العنصري بين الجنسين هو أحد الخيارات الأكثر فعالية للتعامل مع هذه القضية.
ونبهت إلى أنه يمكن اتباع هذا النهج من خلال تفسير قانون الفصل العنصري الحالي بشكل يشمل الجنس، ومن خلال تدوين الفصل العنصري بين الجنسين والقانون الدولي للمستقبل.
وقالت بنون إن حركة طالبان جردت المرأة الأفغانية من معظم حقوقها الإنسانية، وإن حكمها يناقض ميثاق الأمم المتحدة ويهدد السلام والأمن.
وشددت على أن ما تمت تجربته منذ عودة طالبان إلى السلطة لم ينجح، لأن سلطاتها “لا تفشل ببساطة في دعم حقوق المرأة فحسب، بل إن اضطهاد المرأة أمر أساسي في نظام حكمها وجزء أساسي من فلسفتها”.
وأشارت بنون إلى أن نهج الفصل العنصري بين الجنسين يوضح أنه لا يمكن أن يكون هناك اعتراف بحركة طالبان “ولا مكان لها في الأمم المتحدة، على الأقل طالما استمرت [بتطبيق] نظام الفصل العنصري بين الجنسين”.
وقالت إن الهدف ليس عزل أفغانستان أو قطع المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، إلا أنها شددت على أن حماية حقوق الإنسان والعمل الإنساني “يجب أن يعزز كل منهما الآخر”.
ودعت الخبيرة مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة إلى النظر في اعتماد قرارات تصف معاملة طالبان للنساء الأفغانيات بأنها اضطهاد جنساني وإطار مؤسسي للفصل العنصري بين الجنسين.
وأضافت أن مثل هذه القرارات يجب أن تطلب من الدول والأمم المتحدة اتخاذ خطوات فعالة لإنهاء هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي.