تونس: ارتفاع كبير في المحاكمات العسكريّة والمدنيّة بتهمة “الإساءة للرئيس”
أكدت “هيومن رايتس ووتش” أنّ السّلطات التونسيّة تحاكم المواطنين عسكريّاً ومدنيّاً، وتسجنهم، بسبب انتقادات للرئيس.
وقالت المنظمة الحقوقية أن من بين هؤلاء أعضاء في البرلمان، ومعلّقون على مواقع التواصل الاجتماعي، ومقدم برامج تلفزيونيّة.
تستخدم النيابة العمومية قوانين قمعيّة سُنّت قبل الثورة التونسية لملاحقة منتقدي الرئيس ممن يصفون تولّيه للسلطة بـ”الانقلاب”.
من بين خمس قضايا متعلقة بحرية التعبير راجعتها هيومن رايتس ووتش مؤخرا، هناك شخص يقضي حاليا عقوبة في السجن بتهمة الإساءة للرئيس.
وثلاثة آخرون قيد المحاكمة بتهمة التشهير بالجيش والإساءة للرئيس، وشخص خامس قيد التحقيق الجنائي باتهامات مماثلة.
قالت هيومن رايتس ووتش: “الاعتراض العلنيّ على الرئيس واستحواذه على سلطات واسعة قد يؤدّي بصاحبه إلى المحاكمة. يُعتبر إسكات المعارضين خطرا مضاعفا عندما يكون الرئيس منشغلا بتركيز الكثير من السلطات في يده”.
أيّد “سعيّد” بشكل علني، وفي مناسبات عدّة، محاكمة التونسيين الذين يمارسون “الثلب والكذب، بدلا من ممارسة حقهم في حريّة التعبير”.
في المحاكم المدنيّة، تشمل التُهم “من يرتكب أمرا موحشا ضدّ رئيس الدولة” بموجب الفصل 67 من “المجلّة الجزائية”. و”من ينسب لموظف عمومي… أمورا غير قانونية متعلّقة بوظيفته دون أن يُدلي بصحة ما يُثبت ذلك”.
ومن يرتكب “اعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح” (تهمة تصل عقوبتها للإعدام).
أمّا في المحاكم العسكريّة، فشملت التهم “تحقير الجيش”. قد يؤدّي انتقاد الرئيس إلى المحاكمة بموجب قانون القضاء العسكري لأنّ الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلّحة.
يفرض قانون القضاء العسكري عقوبة تصل إلى السّجن ثلاث سنوات على من يتعمد “تحقير العلم أو تحقير الجيش. والمسّ من كرامته أو سمعته أو معنوياته. أو يقوم بما من شأنه أن يُضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم”.
قالت هيومن رايتس ووتش إنّ عدم وجود محكمة دستوريّة مهمّتها إسقاط القوانين التي يتبيّن أنها غير دستورية حرم التونسيين من ضمانة أساسيّة ضدّ الملاحقات الجنائية بتُهم تنتهك حقوقهم.
ظلّت القوانين القمعيّة، بما فيها تلك التي تجرّم انتقاد مؤسسات الدولة، سارية رغم الحماية التي وفرها دستور 2014 لحريّة التعبير. لا توجد محكمة عليا أخرى لها صلاحية إلغاء هذه القوانين.
في 30 يوليو/تموز، بعد أن رفع الرئيس سعيّد الحصانة البرلمانية. اعتقلت السلطات “ياسين العيّاري” عضو البرلمان المعلّقة أعماله عن “حركة أمل وعمل”. وأجبرته بقضاء عقوبة بالسجن تعود إلى 2018 صادرة عن المحكمة العسكرية بسبب منشور على فيسبوك اعتبرته منتقدا للرئيس.
أفرجت عنه السلطات في 22 سبتمبر/أيلول، بعد أن أمضى شهرين في سجن المرناقية بالعاصمة. أجّلت المحكمة محاكمة “العيّاري” بتهم جديدة من 22 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 14 فبراير/شباط 2022.
ثورة 2010-2011، التي أطاحت بالرئيس “زين العابدين بن علي”، حققت للتونسيين حرّية أكبر لانتقاد السلطات. لكن هذه السلطات حاكمت منذ 2012 العديد من الصحفيين، والمدوّنين، والفنانين، والمثقفين.
بسبب انتقادات سلميّة للرئيس ومسؤولين آخرين، بموجب فصول المجلة الجزائية المتعلقة بـ”التحقير”، و”الإساءة لمسؤولي الدولة” و”تهديد النظام العام”. وجميعها يمكن أن تؤدي إلى أحكام سجنيّة.
واجه ما لا يقلّ عن تسعة معلّقين على مواقع التواصل الاجتماعي تهما جنائية منذ 2017. كلها بسبب انتقادهم لمسؤولين حكوميين بارزين.
يقضي الناشط “وجدي المحواشي” حُكما بالسجن لمدة سنتين أصدرته محكمة بتونس العاصمة في حقه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 على خلفيّة نشره فيديو انتقد فيه أحد وكلاء الجمهورية.
قالت هيومن رايتس ووتش إنّ السماح بمحاكمة مدنيّين أمام محكمة عسكرية فيه انتهاك للحق في المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة.
تنصّ “المبادئ المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا” على أن “الغرض من المحاكم العسكريّة هو تحديد الجرائم ذات الطبيعة العسكريّةفقط التي يرتكبها أفراد لهم صفات عسكريّة فقط”.