ارتفاع حاد في عمليات الإعدام يثير المخاوف
يُتابع مركز الخليج لحقوق الإنسان بقلقٍ بالغ الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام في المملكة العربية السعودية. ووفقاً لبيانات الإعدام التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، نفذت السلطات أكثر من 200 عملية إعدام هذا العام، مما يمثل أعلى عدد من عمليات الإعدام منذ عقود.
منذ صعود ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة في يونيو/حزيران 2017، أصبحت المملكة العربية السعودية دولة قمعية بشكل متزايد، حيث تعكس أرقام الإعدام المرتفعة هذا التحول، على الرغم من تعهد ولي العهد في عام 2018 بالحد من استخدام عقوبة الإعدام.
تستخدم الحكومة السعودية عقوبة الإعدام على نطاق واسع كجزءٍ من حملتها المستمرة لمكافحة المخدرات التي أطلقتها العام الماضي وبعد رفع وقف عقوبة الإعدام عن هذه الجرائم قبل عامين. هناك ما لا يقل عن 50 سجيناً في سجن تبوك، بما في ذلك 34 مصرياً بالإضافة إلى عشرات الأردنيين والسوريين، ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بتهمة الاتجار بالمخدرات. من أغسطس/آب إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024، تم إعدام ستة مواطنين مصريين بتهمة تهريب المخدرات إلى المملكة، مما أثار المخاوف بشأن الاستخدام غير المتناسب لعقوبة الإعدام ضد الرعايا الأجانب، وخاصة في جرائم المخدرات البسيطة.
يتعرض المواطنون الأجانب بشكل خاص لانتهاكات حقوق المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة، وغالباً ما يُحرمون من الوصول إلى التمثيل القانوني والمساعدة القنصلية وفي كثيرٍ من الحالات خدمات الترجمة. ُيمثل هذا انتهاكاً صارخاً للحق في الحياة، حيث تفتقر عمليات الإعدام إلى أي معايير للمحاكمة العادلة، بالإضافة إلى كونها تمييزية.
بشكل عام، تشكل الجرائم غير المميتة نسبة عالية من عمليات الإعدام في المملكة العربية السعودية. تُشير هذه الجرائم إلى الجرائم التي لا تفي بعتبة أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي. ينص القانون الدولي على أنه إذا كان من المقرر أن تحتفظ الدول بعقوبة الإعدام، فيجب أن تقتصر على الحالات الأكثر خطورة، مثل تلك التي تنطوي على القتل العمد على سبيل المثال. بالرغم من ذلك، فإن الحكومة السعودية لا تلتزم بهذه المعايير وتستمر في تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم غير المميتة.
على وجه الخصوص، تمتد بعض هذه الجرائم غير المميتة إلى تلك المتعلقة بممارسة الحقوق الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع. ففي 19 يوليو/تموز 2023، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية على المعلم المتقاعدمحمد ناصر الغامدي بالإعدام بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد تم إلغاء الحكم لاحقاً في أغسطس/آب 2024 واستبداله بالسجن مدى الحياة. ُيواجه العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والعلماء خطراً متزايداً من عقوبة الإعدام لممارسة حقوقهم المدنية حيث يتم محاكمتهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، سيئة السمعة، والتي تشتهر بفرض عقوبات السجن المؤبد وعقوبات الإعدام على ما يسمى بجرائم الإرهاب وأمن الدولة.
من الواضح أن السلطات تستخدم عقوبة الإعدام كأداة لقمع المعارضة وإسكات أصوات أولئك الذين يجرؤون على انتقاد الحكومة أو المطالبة بالإصلاحات. إن الحكم على فرد بالإعدام وتنفيذ حكم الإعدام بسبب أفعال تتعلق بعمله في مجال حقوق الإنسان ينتهك بشكل أساسي المبادئ الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
إن الأمر الأكثر وضوحاً هو أن بعض الذين حكم عليهم بالإعدام من قبل السلطات السعودية كانوا قاصرين وقت ارتكاب جرائمهم المزعومة. تم إعدام مصطفى الدرويش في 15 يونيو/حزيران 2021 بتهم ٍتتعلق بالمشاركة في احتجاج. لقد ارتكبت التهم التي أعدم من أجلها عندما كان دون سن 17 عاماً. بالمثل، تلقى يوسف المناسف وعلي المبيوق أحكاماً بالإعدام لمشاركتهما في الاحتجاجات عندما كانا دون سن 17 عاماَ.
في أبريل/نيسان 2024، أيدت المحكمة العليا هذه الأحكام. يأتي هذا بعد أن أصدر الملك سلمان مرسوماً ملكياً في عام 2020 تعهد فيه بعدم إعدام الأفراد عن الجرائم التي ارتكبوها وهم قاصرون وأنهم سيقضون بدلاً من ذلك أحكاماً بالسجن تصل إلى 10 سنوات في مراكز احتجاز الأحداث. لا ينتهك هذا الاستخدام المستمر لعقوبة الإعدام ضد المتهمين الأطفال المعايير الدولية التي تحظر إعدام القاصرين فحسب، بل إنه يؤكد أيضاً على عدم وجود التزام حقيقي من جانب السلطات السعودية بإنهاء هذه الممارسة الشنيعة.
التوصيات
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات السعودية إلى:
1. إلغاء عقوبة الإعدام للقاصرين والجرائم غير المميتة؛
2. إطلاق سراح جميع سجناء الرأي المحكوم عليهم بالإعدام لممارستهم حقوقهم الأساسية، والتوقف عن استخدام عقوبة الإعدام كسلاح ضد المدافعين عن حقوق الإنسان؛ و
3. وقف الاستخدام غير المتناسب لعقوبة الإعدام ضد الرعايا الأجانب، وضمان حصولهم على محاكمة عادلة وإجراءات قانونية.