إيران: وفيات جديدة بسجن قرتشك تشعل المطالب بتحقيق دولي ورعاية طبية للسجينات
أثارت وفاة ثلاث سجينات في سجن قرتشك للنساء جنوب شرق طهران، خلال الفترة بين 16 و25 سبتمبر/أيلول 2025، موجةَ تنديد حقوقية واسعة ودعواتٍ لتحركٍ دولي عاجل، وسط اتهامات للسلطات الإيرانية بحرمان المحتجزات من الرعاية الطبية الأساسية وتجاهل معايير الأمم المتحدة لمعاملة السجناء.
ووفق معطيات حقوقية، تُوفيت سودابه أسدي (موقوفة بقضايا مالية) في 16 سبتمبر/أيلول بعد تأخر نقلها إلى المستشفى، ثم جميلة عزيزي في 19 من الشهر نفسه بعدما شُخّصت أعراضها خطأ في عيادة السجن وأُعيدت إلى العنبر حيث فارقت الحياة لاحقًا.
فيما تُوفيت السجينة السياسية سُميّة رشيدي (42 عامًا) في 25 سبتمبر/أيلول، بعد نقلها متأخرةً إلى مستشفى خارجي إثر نوبة صرع.
وربطت مصادر حقوقية تدهور حالة رشيدي بتأخر الإحالة الطبية وبالاكتفاء بمهدئات وأدوية نفسية داخل السجن، رغم علم الطواقم بحاجتها إلى رعاية متخصصة.
وتصف هيومن رايتس ووتش سجن قرتشك—المعروف أيضًا بسجن شهر ري—بأنه بيئة «غير إنسانية» تتسم بسوء النظافة والاكتظاظ ونقص المرافق الصحية.
وتشير شهادات سجينات سابقات إلى إعادة مريضات إلى العنابر دون فحوصات كافية وتأخرٍ متعمد في الإحالة للمستشفيات. في المقابل، تنفي السلطات بصورة متكررة الاتهامات، وتُرجع بعض الوفيات إلى «أمراض سابقة» أو «تعاطي»، في نمطٍ تصفه منظمات المراقبة بأنه «تشويهٌ للحقائق وتملّصٌ من المسؤولية».
وتؤكد «قواعد مانديلا» (القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء) حق المحتجزين في الوصول إلى رعاية صحية معادِلة لما هو متاح خارج السجون، بما في ذلك الإحالة للعلاج المتخصص.
وتشدد قواعد التحقيق في «الوفيات غير القانونية» على فتح تحقيقات مستقلة وشفافة وشاملة. غير أن تقارير حقوقية سابقة وثّقت—على مدى سنوات—تقاعسًا منهجيًا عن التحقيق في وفيات الاحتجاز، والاكتفاء بسرديات رسمية سريعة تنفي الإهمال أو سوء المعاملة.
وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول، نُقل عدد من السجينات السياسيات من قرتشك إلى العنبر السادس في سجن إيفين بطهران، لكن ناشطين تحدثوا عن أوضاع «متردية» هناك أيضًا، لا سيما مع الأضرار التي لحقت بمرافق حيوية في إيفين—ومنها العيادة—عقب غارات في يونيو/حزيران.
وتبرز حالاتٌ فردية تُظهِر اتساع فجوة الرعاية، منها مريم أكبري منفرد (48 عامًا) التي تحتاج جراحةً وعلاجًا متخصصًا في العمود الفقري—مع مخاطر شلل إن تأخر التدخل—لكنها لا تزال في قرتشك دون إحالة خارجية، وكذلك وريشه مرادي، ناشطة كردية على ذمة حكم بالإعدام في إيفين وتحتاج رعاية عاجلة لعدة حالات طبية. وتبقى أسماءٌ أخرى—بينهن زينب جلاليان—محرومات من العلاج الملائم وفقًا لشهادات حقوقية.
وتُصنّف منظمات دولية هذه الوقائع ضمن «سياسة حرمانٍ ممنهَجة» تُستخدم كأداة عقابية ضد المعارضين والمحتجين، تضاف إلى ظروف احتجاز قاسية تُقوّض الحق في الصحة والحياة.
وتؤكد أن كثيرًا من الانتهاكات والوفيات لا تُبلّغ أصلًا، خصوصًا في قضايا «الجرائم العادية» أو بين الفئات المهمَّشة، فيما تمنع المخاوف من الانتقام عائلاتٍ كثيرة من المطالبة بالإنصاف.
مطالب عاجلة
رعاية فورية وكافية: تمكين جميع السجناء والسجينات—دون تمييز—من الوصول العاجل إلى الأطباء المتخصصين والمستشفيات الخارجية عند الحاجة.
تحقيقات مستقلة: فتح تحقيقات سريعة وشفافة في وفيات أسدي وعزيزي ورشيدي، وفي كل وفاة أثناء الاحتجاز، مع نشر النتائج ومحاسبة أي مسؤولين عن الإهمال أو سوء المعاملة.
إشراف مستقل على السجون: السماح للهيئات الأممية والآليات الخاصة—ولجان طبية مستقلة—بزيارة مرافق الاحتجاز وتقييم أوضاع الرعاية والبنية الصحية.
حماية المبلّغين والعائلات: ضمان عدم الانتقام من السجينات أو أسر الضحايا أو الشهود الذين يقدّمون شكاوى أو شهادات.