إيران: خطر وشيك ببتر أصابع سجناء
(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات الإيرانية تستعد لتنفيذ أحكام ببتر الأصابع في موعد أقصاه 11 أبريل/نيسان 2025 بحق ثلاثة رجال سجناء بتهمة السرقة إثر محاكمات جائرة للغاية. ينبغي لجميع الدول الأعضاء في “الأمم المتحدة” دعوة إيران بشكل عاجل إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان وإلغاء هذه الأحكام فورا.
ذكر مصدر مطلع لـ هيومن رايتس ووتش أنه في 13 مارس/آذار، استدعى المكتب المسؤول عن تنفيذ الأحكام في سجن أرومية المركزي بمحافظة أذربيجان الغربية هادي رستمي (38 عاما)، ومهدي شريفيان (42 عاما)، ومهدي شاهيوند (29 عاما)، وسلمهم رسالة من النيابة العامة تُخطرهم بأن أحكامهم ستُنفذ بحلول 11 أبريل/نيسان.
قالت بهار صبا، باحثة أولى في شؤون إيران في هيومن رايتس ووتش: “البتر هو تعذيب، بكل بساطة ووضوح. مع ذلك، تُصر إيران على تنفيذ عقوبات وحشية ولاإنسانية تتعارض مع التزاماتها الحقوقية. سيكون جميع المسؤولين عن إصدار الأوامر بارتكاب أعمال التعذيب وتنفيذها، بمن فيهم أيُّ كوادر طبية مشاركة فيها، عرضة للمحاسبة جنائيا بموجب القانون الدولي”.
تأتي خطط السلطات لبتر أربع أصابع لكل رجل من الرجال الثلاثة في أعقاب عملية بتر مروعة لأصابع شقيقين، هما مهرداد تيموري وشهاب تيموري، في سجن أرومية المركزي أيضا، في أكتوبر/تشرين الأول 2024. يواجه رجلان آخران على الأقل أحكاما بالبتر في السجن نفسه. بحسب القوانين الإيرانية، تُنفّذ عمليات البتر من حيث المبدأ دون أي تخدير.
اعتقلت السلطات الإيرانية الرجال الثلاثة في أغسطس/آب 2017 بتهمة اقتحام عدة منازل وسرقة خزائن. في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وبعد محاكمة جائرة للغاية، أدان الفرع الأول من المحكمة الجنائية الأولى في محافظة أذربيجان الغربية الرجال بالسرقة، وحكمت المحكمة عليهم ببتر أربعة أصابع من اليد اليمنى لكل واحد منهم بحيث “لا يتبقى سوى الكفّ والإبهام”.
تشير الأدلة بقوة إلى أن المحاكمة كانت جائرة بشكل صارخ. وفقا لمعلومات القضية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش وروايات مصادر مطلعة، لم يتمكن الرجال من الاتصال بمحامين خلال مرحلة التحقيق، ولم يلتقوا بمحام إلا مرتين، الأولى عندما وقعوا على وثائق الاحتجاز والثانية خلال جلسات المحكمة. قال الرجال أيضا إن السلطات عذبتهم وأساءت معاملتهم أثناء احتجازهم لدى وحدة التحقيقات التابعة للشرطة (أغاهي) في أرومية. تشير المصادر إلى أن السلطات أجبرت الرجال على الإدلاء بأقوال يدينون فيها أنفسهم وبعضهم البعض من خلال ضربهم وجلدهم وتعليقهم من أيديهم ومعاصمهم. تراجع الرجال الثلاثة لاحقا عن اعترافاتهم، لكن اعتمدت المحكمة على أقوالهم التي يدينون فيها أنفسهم والتي يشوبها التعذيب لإدانتهم.
قدّم رستمي في عدة مناسبات شكاوى حول التعذيب إلى مسؤولين قضائيين رفيعي المستوى. راجعت هيومن رايتس ووتش رسالتين كتبهما، الأولى إلى رئيس السلطة القضائية الإيرانية في سبتمبر/أيلول 2020 والثانية إلى دائرة العدل في مقاطعة أذربيجان الغربية في ديسمبر/كانون الأول 2022.
يذكر رستمي في الرسالتين إنكاره للتهم، لكن أُخضعه مسؤولون في الشرطة للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة عبر ضربه. قال إنهم أجبروه على توقيع ورقة بيضاء اكتشف لاحقا أثناء مثوله أمام مسؤولي النيابة العامة أنها مليئة بتصريحات نُسبت إليه تُدينه.
رفضت السلطات جميع هذه الشكاوى، ولم تُجرِ تحقيقات سريعة ومستقلة وشفافة وشاملة كما يقتضي القانون الدولي. يؤكد حكم المحكمة العليا الذي راجعته هيومن رايتس ووتش أن رستمي أثار مزاعم التعذيب، وذكر للسلطات القضائية بأن تصريحاته، التي أدان فيها نفسه، انتُزعت تحت وطأة التعذيب. مع ذلك، أيدت المحكمة أحكام البتر دون أن تأمر بالتحقيق في هذه الادعاءات.
بحسب ما وثقته “منظمة العفو الدولية“، أخضعت السلطات رستمي أيضا للتعذيب في فبراير/شباط 2021، حيث نفّذت عليه حكما بالجلد 60 جلدة بتهمة “الإخلال بالنظام في السجن” انتقاما لإضرابه عن الطعام.
قضى الرجال الثلاثة ثماني سنوات في السجن يواجهون تهديدات متكررة باعتزام السلطات تنفيذ عمليات البتر، وهي تهديدات تُشكل في حد ذاتها شكلا من أشكال التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة. في رسالة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وصف الرجال المعاناة النفسية التي عاشوها هم وعائلاتهم بأنها “كابوس مروع قد يتحول إلى حقيقة في أي لحظة”. في رسالة نشرتها “شبكة حقوق الإنسان في كردستان” في مارس/آذار 2025، ناشد رستمي مجددا المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تنفيذ هذه العقوبات اللاإنسانية والقاسية.
كما يُحتجز رجلان آخران على الأقل، هما كسرى كرامي ومرتضى إسماعيليان، في سجن أرومية المركزي ويواجهان أحكاما ببتر الأصابع.
لا تزال إيران من بين دول قليلة تُبقي على العقوبات البدنية وتفرضها وتُنفذها. يحظر القانون الدولي بصرامة العقوبات القاسية واللاإنسانية مثل الجلد وبتر الأطراف. قالت هيومن رايتس ووتش إن جميع الدول الأطراف في “اتفاقية مناهضة التعذيب” مُلزمة بمقاضاة أو تسليم أي شخص يُشتبه في ارتكابه أعمال تعذيب داخل أراضيها.
يشترط التشريع الإيراني الناظم لتنفيذ أحكام الإعدام والعقوبات البدنية وجود كوادر طبية في موقع تنفيذ عمليات البتر. بموجب القانون، تُنفذ عمليات البتر دون أي تخدير، باستثناء الحالات التي قد يتسبب فيها تنفيذها دون تخدير موضوعي أو عام بإصابات تتجاوز ما أمر به القضاء.
بموجب قواعد السلوك المهني لمهنة الطب، بما في ذلك “إعلان طوكيو لعام 1975” الصادر عن “الجمعية الطبية العالمية”، يُحظر على الأطباء وغيرهم من ممارسي مهنة الطب، بعبارات لا لبس فيها، تأييد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو التغاضي عنها أو المشاركة فيها. يتعين عليهم عدم توفير أي أماكن أو أدوات أو مواد أو معرفة لتسهيل ارتكاب التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أو التواجد أثناء تنفيذ هذه الأفعال. وقد يُحاسب الطاقم الطبي الذي يشارك في التعذيب جنائيا إلى جانب أولئك المسؤولين عنه.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إدانة أحكام البتر وغيرها من أشكال العقوبة البدنية بشدة واتخاذ إجراءات لمنعها. ينبغي للدول التي تطبق أحكام الولاية القضائية العالمية التحقيق جنائيا ومقاضاة أي شخص يُشتبه في مسؤوليته الجنائية عن أعمال التعذيب، بما يشمل تلك التي يُجزيها القضاء، مثل البتر والجلد.