هيومن رايتس ووتش تدين أحكام إعدام ضد المحتجين في إيران
أُعدم اثنان في محاكمات جائرة وكثيرون غيرهم في خطر
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن إعدام السلطات الإيرانية رجلين على خلفية الاحتجاجات الواسعة المناهضة للحكومة يُمثّل إجهاضا كبيرا للعدالة وتصعيدا خطيرا.
وفقا لمنظمات حقوقية، أصدرت المحاكم الابتدائية الثورية ما لا يقل عن 11 حكما بالإعدام مرتبطا بالاحتجاجات، ومن المتوقع أن تحاكم عشرات آخرين، بينهم أطفال، بتهم قد يُعاقَب عليها بالإعدام.
تضمنت التهم الموجهة إلى المحتجين تهما مبهمة تتعلق بالأمن القومي مثل العداء لله (المحاربة)، والإفساد في الأرض، والتمرد المسلح (البغي).
جميع الجرائم ذات الصياغة الغامضة يُعاقَب عليها بالإعدام. إجراءات المحاكمة المسرّعة، التي يبدو أن المتهمين يُمنعون فيها من توكيل محام من اختيارهم، تقصّر بشكل فاضح بالإيفاء بالمعايير الدولية.
قالت تارا سبهري فر، باحثة أولى متخصصة في إيران في هيومن رايتس ووتش: “محاكمات من يواجهون تهما بالإعدام تتعلق بالاحتجاجات كانت مهزلة قضائية”.
وأكدت سبهري فر: “أفادت تقارير أن المتهمين تعرضوا للتعذيب ليعترفوا، وحُرموا من الاتصال بمحامين من اختيارهم، وحوكموا بتسرّع بإجراءات تتجاوز الضمانات المنصوص عليها في قوانين إيران نفسها المتعلقة بالعقوبات والإجراءات الجنائية”.
في 12 ديسمبر/كانون الأول، أفادت وكالة أنباء “ميزان نيوز” التابعة للقضاء أن السلطات في مشهد أعدمت علناً مجيد رضا رهنوَرد (23 عاما) بعد إدانته بالعداء لله بتهمة قتل دانيال رضازاده وحسين زينال زاده، وكلاهما عنصرا أمن، وإصابة أربعة آخرين في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
وقالت “وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان” (هرانا) إن رهنورد حُرم من الاتصال بمحام من اختياره وإن محاكمته بدأت بعد عشرة أيام من اعتقاله في 19 نوفمبر/تشرين الثاني.
أُعدم رهنورد بعد 13 يوما فقط من بدء المحاكمة، ولا يتضح كيف سارت عملية الاستئناف بهذه السرعة. يُظهر فيديو نشرته “وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية” (إرنا) رهنورد مصابا بكسر في ذراعه أثناء احتجازه لدى الشرطة في محافظة سمنان، ما يثير قلقا بشأن معاملته أثناء اعتقاله واحتجازه.
في 8 ديسمبر/كانون الأول، أفادت ميزان نيوز أن السلطات أعدمت ماهان شِكاري (23 عاما)، الذي حُكم عليه بالإعدام بتهمة العداء لله بزعم “استخدام سلاح لنشر الرعب وانتهاك حريات العامة وأمنهم” وإصابة شرطي، وقطع طريق، وتعطيل النظام والأمن في المجتمع” في 25 سبتمبر/أيلول.
قالت ميزان نيوز إن الحكم صدر في 20 نوفمبر/تشرين الثاني وأيدته “المحكمة العليا”. في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت إرنا فيديو لشكاري تظهر فيه كدمة على خده الأيسر، ما أثار قلقا بشأن معاملته أثناء احتجازه.
انتقد رجال دين وخبراء قانونيين إيرانيين عدة، بمن فيهم الرئيس السابق للمحكمة العليا مرتضى مقتدائي، استخدام عقوبة الإعدام بتهمة العداء لله ضد شكاري، نظرا لعدم اتهامه بالقتل.
حددت “اللجنة التطوعية لمتابعة أوضاع المحتجزين” (اللجنة التطوعية) أسماء تسعة أشخاص آخرين حُكم عليهم بالإعدام.
وفقا للمركز إعلامي تابع للقضاء، في قضية تضم 16 متهما، حُكم على خمسة رجال متهمين بالإفساد في الأرض بالإعدام من قبل محاكم ابتدائية.
انبثقت التهم عن أحداث 3 نوفمبر/تشرين الثاني في كرج وأسفرت عن مقتل عنصر من “البسيج”. قال شقيق أحد الرجال، حميد قره حسنلو، لـ “راديو فردا” إن شقيقه ضُرب بشدة أثناء اعتقاله واحتجازه.
قال والد محمد مهدي كريمي، أحد الرجال المحكوم عليهم بالإعدام، لـ “صحيفة اعتماد”، إن المحكمة لم تسمح لابنه باختيار محاميه، وإنه لم يتمكن من التواصل إلى المحامي الذي عيّنته المحكمة لتقديم أدلة إضافية.
حددت اللجنة التطوعية رجلين آخرين محكومين بالإعدام وهما حسين محمدي، ممثل، وسيد محمد حسيني. حكم على الـ 11 متهما الآخرين، بمن فيهم ثلاثة أطفال، بأحكام طويلة بالسجن.
كما حُكم على محمد قبادلو (22 عاما)، وهو لديه اضطراب ثنائي القطب وفقا لوثائق طبية نشرتها “بي بي سي فارسي”، بالإعدام بتهمة الإفساد في الأرض بزعم قتل شرطي وإصابة آخرين بسيارته. نشر أمير رئيسيان، المحامي الذي وكلته أسرته، على “تويتر” أن القاضي منعه من حضور المحاكمة.
حُكم على شخصين آخرين، ماهان صدرات ومحمد بروغني (كلاهما 23 عاما)، بالإعدام بزعم أنهما أصابا آخرين بجروح ودمرا ممتلكات عامة.
أفادت ميزان نيوز أن بروغني اتُّهم بإشعال النار في مبنى المحافظة في باكدشت ومهاجمة عنصر أمن أثناء الخدمة بسكين.
يبدو أن اثنين آخرين، سهند نورمحمدزاده ومنوتشهر مهمان نواز، حُكم عليهما بالإعدام بتهمة تدمير ممتلكات وعرقلة حركة المرور.
في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، أفادت ميزان نيوز أن نورمحمدزاده يُحاكم في طهران بتهمة “العداء لله” بسبب “تدمير وإحراق ممتلكات عامة بهدف زعزعة الأمن والنظام في البلاد ومواجهة الحكومة الإسلامية”.
كما تتهمه السلطات بقطع طريق سريع وإشعال النار في حاويات القمامة والإطارات. في 11 ديسمبر/كانون الأول، قال محاميه الذي عينته المحكمة لصحيفة “شرق” إن قضيته قيد الاستئناف أمام المحكمة العليا.
في 12 ديسمبر/كانون الأول، غرّدت “منظمة العفو الدولية” أن “محكمة ثورية” حكمت على مهمان نواز بالإعدام بتهمة “العداء لله”، بعد أسبوعين من بدء محاكمته في 29 أكتوبر/تشرين الأول.
أفادت “وكالة تسنيم الدولية للأنباء” في 29 أكتوبر/تشرين الأول، بأن الفرع 28 من المحكمة الثورية في طهران اتهم مهمان نواز بـ “المحاربة بإشعال النار عمدا في مبان بقصد مواجهة الدولة الإسلامية”.
حُكم على رجل آخر، سامان (ياسين) صيدي، وفقا للائحة اتهامه بالإعدام لإطلاق النار من مسدس في الهواء و”التجمع والتواطؤ لارتكاب جرائم ضد الأمن القومي”.
قال محمد إسماعيل بیگی، المحامي الذي وكّله صيدي، لصحيفة شرق إن السلطات منعته من الوصول إلى ملفات القضية، ولم يجدوا مسدساً في ممتلكات صيدي.
وفقا للجنة التطوعية، واجه 37 شخصا على الأقل، بينهم أربعة أطفال وناشطان سياسيان، اتهامات قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
في ثلاث قضايا على الأقل شملت المحكومين بالإعدام، أفادت العائلات أو المحامون بأن السلطات منعت المتهمين من أن يمثلهم المحامي الذي يختارونه أثناء المحاكمات.
وفقا للبيانات الرسمية، أصدرت السلطات 1,680 لائحة اتهام على الأقل في أنحاء البلاد على خلفية الاحتجاجات. تُقدّر مجموعات حقوقية اعتقال أكثر من 18 ألف شخص خلال الاحتجاجات.
في 9 ديسمبر/كانون الأول، قالت هرانا إنه منذ بداية الاحتجاجات في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، سجلت المجموعة أسماء 479 شخصا قتلوا خلال الاحتجاجات، بينهم 68 طفلا، وتحققت من مقتل 251 شخصا.
أفادت وسائل إعلام تابعة للدولة بمقتل 61 عنصر أمن. وثّقت هيومن رايتس ووتش حالات عديدة لاستخدام قوات الأمن القوة المفرطة والقاتلة ضد المحتجين حول البلاد.
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف وفي جميع البلدان لأنها بطبيعتها قاسية ولا رجوع عنها. إيران هي إحدى الدول التي تستخدم عقوبة الإعدام بوتيرة مرتفعة.
وفقا لـ هرانا، أعدمت السلطات 306 أشخاص بين 21 مارس/آذار و12 سبتمبر/أيلول. طالبت هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإيرانية بوقف هذه المحاكمات فورا وإلغاء أحكام الإعدام.
قالت سبهري فر: “حرمان من يواجهون تهما بالإعدام من الاتصال بمحام من اختيارهم هو خطوة منسقة لتسريع حملة المحاكمات الصُوَرية التي تشنها السلطات الإيرانية والتي تهدف إلى بث الخوف واستعراض القوة”.