إعدام القاصر جلال لبّاد يكشف استخدام السعودية لعقوبة الإعدام كسلاح سياسي
أعاد إعدام القاصر جلال لبّاد في 21 أغسطس/آب 2025 الجدل الدولي حول استخدام المملكة العربية السعودية لعقوبة الإعدام كسلاح لقمع المعارضة وتكميم الأصوات. جلال، الذي اعتُقل وهو في السابعة عشرة من عمره، أُعدم بعد ثماني سنوات من الاعتقال التعسفي، في خطوة وُصفت بأنها تصعيد خطير في حملة القمع المنهجية التي تنفذها السلطات السعودية.
وفي 23 فبراير/شباط 2017، داهمت قوات الأمن منزل عائلة جلال في العوامية واعتقلته دون مذكرة قضائية. منذ اللحظة الأولى، واجه جلال سلسلة من الانتهاكات الموثقة، بدءًا من الحبس الانفرادي لعشرة أشهر، مرورًا بالحرمان من الاستعانة بمحامٍ، وصولاً إلى التعذيب المستمر لانتزاع اعترافات قسرية.
وبحسب تقارير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تعرض جلال للصعق الكهربائي على مختلف أنحاء جسده – بما في ذلك أعضاؤه التناسلية – والضرب بالقضبان المعدنية، والخنق بالأقدام، ومحاكاة الغرق. أدت هذه المعاملة إلى إصابات بالغة، نُقل بسببها إلى المستشفى أكثر من مرة بعد فقدان الوعي وتدهور حالته الصحية.
وبعد أكثر من عامين على اعتقاله، مثل جلال أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي محكمة استثنائية معروفة باستخدامها في محاكمة النشطاء والمعارضين. تضمنت لائحة الاتهام المشاركة في مظاهرات يعود بعضها إلى حين كان عمره 15 عامًا فقط، وحضور جنازات لضحايا قُتلوا على يد قوات الأمن، إضافة إلى تقديم الإسعافات الأولية لمتظاهرين جرحى.
كما وُجهت إليه تهم غير واضحة بالضلوع في قضية اختطاف وقتل القاضي محمد الجيراني عام 2016، رغم أن اسمه لم يرد في البيانات الرسمية لوزارة الداخلية حول القضية، ولم يُقدم أي دليل مادي على تورطه. وبذلك، عكست المحاكمة افتقارًا صارخًا للشفافية والإجراءات القانونية الواجبة.
ورغم التحذيرات الدولية المتكررة، أصرت السلطات السعودية على المضي في تنفيذ الحكم. ففي يونيو/حزيران 2024، وجه عدد من المقررين الخاصين بالأمم المتحدة رسالة إلى الرياض يطالبون فيها بوقف إعدام جلال باعتباره كان قاصرًا وقت الاعتقال.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة رأيًا قانونيًا وصف اعتقاله بالتعسفي وغير القانوني، ودعا إلى الإفراج الفوري عنه. كما جدّد الفريق العامل في أبريل/نيسان 2025 إدانته لاستمرار السعودية في إعدام من كانوا قُصَّر عند ارتكاب الجرائم المزعومة. ومع ذلك، مضت الرياض في تنفيذ الإعدام دون إشعار مسبق أو شفافية.
وتؤكد منظمات حقوقية أن قضية جلال ليست استثناءً، بل جزء من نمط أوسع يتضمن:
توظيف المحاكم الخاصة لإصدار أحكام قاسية ضد النشطاء والمعارضين.
استهداف المواطنين الشيعة بشكل خاص، عبر اتهامات تتعلق بالإرهاب أو الخيانة العظمى.
استخدام عقوبة الإعدام كأداة ترهيب لإخماد أي نشاط سياسي أو احتجاجي.
وبحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، فإن هذا الإعدام رفع عدد الإعدامات ذات الدوافع السياسية في 2025 إلى 27 حالة من أصل 260، بينها 21 إعدامًا على تهم غير مميتة، و6 مرتبطة بمزاعم التجسس والخيانة.
ولم تقتصر المأساة على جلال وحده. فقد سبق أن أُعدم شقيقه فاضل لبّاد في إعدام جماعي عام 2019، بينما لا يزال شقيقه الآخر محمد يواجه خطر تنفيذ حكم الإعدام بحقه. وبذلك تتحول العقوبة إلى عقاب جماعي للعائلات، ما يعكس عمق الأزمة الحقوقية في المملكة.
وتتعارض هذه القضية مع مزاعم السعودية بشأن الإصلاح القضائي. فبينما تؤكد السلطات أن قانون الأحداث والمرسوم الملكي لعام 2020 يحظران إعدام القُصَّر، يثبت إعدام جلال أن هذه القوانين لا تُطبَّق عمليًا. وهو أول إعدام موثق لقاصر منذ إعدام مصطفى الدرويش في يونيو 2021، رغم التزامات المملكة الدولية بموجب اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب.