ووتش: إعدامات السعودية ليس إلّا عرضًا وحشيًا لحكمها الاستبدادي
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية إن إعدام السلطات السعودية 81 شخصًا في 12 مارس الجاري، ليس إلا عرضًا وحشيًا لحكمها الاستبدادي.
وأكدت المنظمة إن “إقدام السعودية على الإعدامات ليس إلّا عرضا وحشيا لحكمها الاستبدادي ونظامها القضائي الذي يضع عدالة محاكماتهم وأحكامهم موضع شك كبير”.
وأشارت إلى أنها أكبر عملية إعدام جماعي في السعودية منذ سنوات، وجاءت إثر محاكمات جائرة وانتهاكات صارخة. وبينت المنظمة أن عملية الإعدام الجماعي رغم وعودها “بالحد من استخدام عقوبة الإعدام”.
وذكرت أن “الانتهاكات المتفشية والممنهجة في النظام الجزائي السعودي، فيرجح أنه لم يحصل أيّ من الرجال على محاكمة عادلة”.
ونقلت المنظمة عن ناشطين سعوديين أن 41 من المعدومين ينتمون للأقلية المسلمة الشيعية، التي عانت طويلا من التمييز والعنف الممنهجَين من الحكومة.
ويقضي عديد الشيعة السعوديين أحكاما مطولة، أو ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، أو أُعدِموا بالفعل بتهمة التظاهر إثر محاكمات جائرة بشكل واضح.
وأوضحت المنظمة أن المحاكمات شابتها “انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة”. وذكرت أنها “شملت إفادة البعض عن تعرّضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاستجواب، وانتزاع اعترافات منهم بالقوة”.
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط بالمنظمة “مايكل بيج”، إن: “إقدام السعودية على إعدام 81 رجلا جماعيا نهاية الأسبوع الماضي ليس إلّا عرضا وحشيا”.
وأضاف “بيج” أن ذلك: “لحكمها الاستبدادي ونظامها القضائي الذي يضع عدالة محاكماتهم وأحكامهم موضع شك كبير”.
وتابع: “ما يزيد من رَوع القسوة في معاملتهم هو أن العديد من عائلات المعدومين اكتشفت وفاة أحبّتها تماما كما اكتشفناها نحن، بعد الواقعة وعبر وسائل الإعلام”.
وبحسب المنظمة فإنه “كاستراتيجية متعمّدة لتشتيت الانتباه عن صورة البلاد السائدة كمنتهك كبير لحقوق الإنسان وللتعويض عن التدقيق”.
وذكرت أن ذلك التقارير من منظمات حقوق الإنسان والنشطاء الحقوقيين المحليين، تنفق المملكة مليارات الدولارات على استضافة الأحداث الدولية الكبرى”.
وأكدت “ووتش” أن “السعودية تستخدم الأحداث التي تمولها الحكومة مع المشاهير والفنانين والرياضيين لغسل سجلها الحقوقي المزري وتشتيت جهود محاسبة قيادتها على هذه الانتهاكات”.
وأعاد تنفيذ وزارة الداخلية السعودية أكبر عملية إعدام جماعي بتاريخها الانتباه إلى سجلها الحقوقي الأسود، الذي تؤكد منظمات دولية أنه تجاوز كل “الخطوط الحمر”.
وشنت منظمات حقوقية انتقادات حادة على خلفية تنفيذها الحكم الذي وصف بأنه “مجزرة” جديدة ترتكبها السعودية ضد أي معارض لهم.
وهاجمت فرض قوانين تقييدية على التعبير السياسي والديني، وانتقدتها لاستخدامها عقوبة الإعدام، بما بذلك لمتهمين اعتقلوا عندما كانوا قاصرين.
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (داون) “سارة لي ويتسن” إنّ عمليات الإعدام الجماعية صادمة وغير مسبوقة.
وأضافت: “إن العمليات تأتي بإطار ما نعلم أنه محاكمات صورية بموجب قوانين صورية يجب أن تبدد أي مزاعم حول تحول محمد بن سلمان لإصلاحي”.
وأكدت أن “تدليل محمد بن سلمان جعله أكثر بجاحة، بدءًا من التحكم بأسعار النفط بخضم أزمة عالمية لقتل عشرات من مواطنيه بيوم واحد”.
فيما قالت نائبة مدير جمعية ريبريف المناهضة لعقوبة الإعدام ثريا بوينز إن هناك سجناء رأي حكموا بالإعدام، وآخرون اعتقلوا كأطفال أو اتُهموا بارتكاب جرائم غير عنيفة”. وأكدت بوينز أننا “نخشى على كل واحد منهم بعد هذا العرض الوحشي للإفلات من العقاب”.
وبينت أن ولي العهد أخبر الصحفيين بتخطيطه لتحديث نظام العدالة الجنائية في السعودية، ليأمر بأكبر عملية إعدام جماعي بتاريخها.
بدوره أكد الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني “يحيى عسيري” أن: “هذه سلطات وحشية رجعية قمعية تعيش بقعر سحيق من التخلف والإرهاب”.
وقال “عسيري” في تصريح إنه “لابد من استنكار ما فعلته بقتل 81 شخصًا دون أن يكون لديها قضاء مستقل ونزيه وشفاف وعادل”.
وأضاف: “كيف نعرف أن النظام المتعطش للدماء لا يُلفق التهم؟، وكيف يمكن الصمت على مجازره وسلوكه إرهابي ومنظومته كلها فاسدة؟”.
وأكمل الحقوقي البارز أن “كل من يبرر هذه الجريمة أو بعضها فهو شريك في الدم وفي إرهاب المجتمع!”.
وقال: “كيف يتم تبرير أو قبول أحكام قضاء فاسد مرهون للسياسي، السياسي الجائر الفاسد المستبد الجاهل الوحشي”.
وأشار “عسيري” إلى أن: “بيده قضاء فاسد جاهل تابع ظالم، وغياب للمجتمع وللرقابة وللمساءلة وللنزاهة وللاستقلال وللشفافية.. من يبرر فهو شريك”.
ودعا للتأكيد أن: “المنظومة كلها فاسدة جائرة.. أيًا كانت الأسماء والتهم، النقاش ليس حول الأسماء والتهم، بل حول من يُصدر الأحكام ومن يمارس القتل”.
وقالت السعودية إنها نفذت أكبر عملية إعدام بتاريخها لقرابة 81 شخصا، اتهمتهم بأنهم “ممّن اعتنقوا الفكر الضال ومناهج ومعتقدات منحرفة”.
وذكرت الداخلية السعودية أنها: “قبضت على العناصر الإجرامية بعد تلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، وتلوثت أفكارهم وأفعالهم بالخيانة لهذا الوطن”.
وقالت إنهم “كفروا بنعمة الله، واستبدلوها بالضلال والإجرام”، وفق زعم البيان. وادعت الداخلية السعودية أن “التحقيق أسفر عن توجيه الاتهام إليهم بارتكاب جرائم”.
وبينت أنه وبإحالتهم للمحكمة المختصة وتمكينهم من الضمانات والحقوق كافة، صدر بحقهم صكوك تقضي بثبوت إدانتهم بما نسب إليهم.
وأطلق البيان على المعدومين وصف “فئات مجرمة ضلَّت طريق الحق، واستبدلت به الأهواء، واتبعت خطوات الشيطان، فاعتنقت فكرا ضال ومناهج ومعتقدات منحرفة.
وذكر أنها “ذات الولاءات الخارجية التي باعت نفسها ووطنها خدمة لأجندات الأطراف المعادية، وبايعتها على الفساد والضلال”.
وقال البيان إن “هؤلاء أقدموا بأفعالها الإرهابية المختلفة على استباحة الدماء المعصومة حتى طال إجرامهم لينالوا من آبائهم وأمهاتهم، وانتهاك الحرمات المعلومة من الدين بالضرورة”.
وأضاف: “واستهداف دور العبادة وعدد من المقار الحكومية والأماكن الحيوية التي يقوم عليها اقتصاد البلاد، والترصد لعدد من المسؤولين والوافدين واستهدافهم”.
وتابع البيان: “الترصد لرجال الأمن وقتلهم والتمثيل ببعضهم، وزرع الألغام، وارتكاب جرائم خطف وتعذيب واغتصاب والسطو بالسلاح والقنابل اليدوية”.
وأشار إلى أنه بين التهم “تهريب الأسلحة والذخائر والقنابل للمملكة وزعزعة الأمن، وزرع الفتن والقلاقل، وإحداث الشغب والفوضى”.
واتهمهم بالخروج لمناطق الصراعات وتنفيذ مخططات تنظيم (داعش) و(القاعدة) و(الحوثي)، وتنظيمات أخرى معادية للمملكة، والعمل معها استخباراتيًا. يذكر أن هذه أكبر عملية تنفيذ إعدامات تنفذها السعودية دفعة واحدة منذ سنوات.
إذ نفذت عام 2016 إعدامات لنحو 47 شخصا أبرزهم رجل الدين الشيعي “نمر النمر”، بيد أن رقم 81 الأعلى في تاريخ المملكة الحديث.
وأعدمت الرياض في أبريل 2019، 37 رجلا بعملية إعدام جماعية، بينهم شخصان كانا طفلين وقت ارتكاب جرائمهما. وتصنف السعودية رائدة على مستوى العالم في مجال عقوبة الإعدام.
يذكر أن عمليات الإعدام فيها أقل من المتوسط بعام 2020، إذ أبلغت هيئة حقوق الإنسان عن إعدام 27 شخصا. وجاء بعد عام 2019 الذي صنف بأنه قياسي في عمليات الإعدام بتنفيذ العقوبة بحق 184 شخصًا.