إعدامات بتهمة الخيانة: غموضٌ وتمادٍ في العقوبة

النائب العام السعودي، سعود المعجب

منذ بداية عام 2024 وحتى 23 أكتوبر، نفذت السلطات السعودية 18 إعداماً بتهمة الخيانة، وذلك ضمن 236 عملية إعدام شهدها هذا العام وهو رقم قياسي غير مسبوق. وصدرت أحكام القتل بتهمة الخيانة هذه العام من المحكمة الجزائية المتخصصة.

 

وكان شهد عام 2023 إعدام شخصين بتهمة الخيانة في محاكمات عسكرية أحدهما ضابط برتبة عقيد والآخر رقيب أول، فيما لم تُسجل أي إعدامات بتهمة الخيانة في عامي 2020 و2022. وفي عام 2021، أُعدم ثلاثة أشخاص بتهمة الخيانة بأحكام تعزيرية من المحكمة الجزائية المتخصصة.

 

هذا التصاعد المقلق في استخدام تهمة الخيانة يضاف الى العديد من المؤشرات والتساؤلات حول شرعية هذه المحاكمات وظروفها. تُعد تهمة الخيانة من التهم السياسية الغامضة التي تفتقر إلى الشفافية والمراقبة الحقوقية، مما يجعلها أداة محتملة للتمادي في القمع والقتل.

 

الأرقام تشير الى ارتفاع كبير في استخدام هذه التهمة، وهي من الاتهامات التي لم تحظى بمراقبة حقوقية ولا تغطية إعلامية، ولانعدام الثقة في القضاء السعودية وغياب الشفافية، فان التوسع المتسارع فيها يشير الى ان استخدامها هنا كأداة سياسية للتمادي في القتل والقمع دون اكتراث للالتزام بالاتفاقيات والعهود والقوانين الدولية التي تلزم الدول التي مازال تنفذ عقوبة الإعدام على قصرها بالقضايا الأشد خطورة فقط والمقصود هنا قضايا القتل العمد حصراً.

 

وفقًا للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن الدول التي لم تلغِ عقوبة الإعدام ملزمة بتقييد استخدامها في الجرائم الأشد خطورة، والتي تحصرها في القتل العمد فقط. بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 14 من نفس العهد على حق الأفراد في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ومحايدة، وهو ما يشكك فيه في حالات الإعدام بتهمة الخيانة في السعودية.

 

تؤكد المنظمة على أن مراقبتها لعدد كبير من القضايا بتهم سياسية وتحليلها لعشرات الأحكام القضائية الصادرة من المحكمة الجزائية المتخصصة، على انعدام العدالة فيها وعدم استقلالها، وافتقار المحاكمات للشفافية والمراقبة لضمان حقوق الأفراد، وتؤكد على تراكم الشهادات باعتماد الإدانة على الاقرارات المنتزعة تحت وطئة الاكراه والتعذيب كدليل وحيد أدى لصدور أحكام اعدام.

 

وعدم بذل القضاة الجهد الملائم للتحقق من هذه الادعاءات والانحياز التام لجهة النيابة العامة ، وهذا يؤكد عدم امتثال السعودية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. تشير المنظمة إلى أن هذه الأحكام تُنفذ بشكل يتعارض مع المعايير الدولية، التي تحث على اقتصار عقوبة الإعدام على الجرائم الأشد خطورة، إن الغموض المحيط بتهمة الخيانة واستخدامها المتزايد يعكس نمطًا من إساءة استخدام السلطة القضائية لتحقيق أهداف سياسية، في تحدٍ صريح للالتزامات الدولية التي تدعو إلى حماية الحق في الحياة وضمان المحاكمات العادلة.

قد يعجبك ايضا