إسرائيل تحقق أعلى حصيلة للوفيات من الصحفيين في الحروب الحديثة
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل حولت حربها المروعة المتواصلة على قطاع غزة منذ 44 يوما إلى مقتلة للصحفيين الفلسطينيين عبر استهدافهم ومقار عملهم بشكل ممنهج في مسعى لفرض تعتيم إعلامي حقيقي وشامل على القطاع بأكمله.
ووثق المرصد الأورومتوسطي مقتل 59 صحفيا حتى اليوم الأحد 19 تشرين الأول/نوفمبر الجاري فضلا عن إصابة العشرات بما يمثل أكبر حصيلة دامية لضحايا من الصحفيين أثناء الحروب والنزاعات في التاريخ الحديث.
ويلاحظ أن الضحايا من الصحفيين هم من جميع الفئات الإعلامية العاملة في قطاع غزة تقريبا، إذ بينهم مراسل لتلفزيون فلسطين الرسمي، وموظفين في وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، وآخرون يعملون لحساب وسائل إعلام محلية أو مؤسسات دولية أو أهلية أو من ينشطون بشكل مستقل.
وقد ترافق تصعيد استهداف الصحفيين مع تحريض علني ضدهم من وزراء ومسئولين إسرائيليين من خلال نشر تقارير تحاول التشكيك بنزاهة بعضهم عبر الزعم بأنهم كانوا على مسبق بالهجوم الذي شنه مقاتلون فلسطينيون على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول في اتهامات غير مثبتة وتفتقد لأي أدلى منطقية.
وقد دعا السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة والنائب عن حزب “الليكود” الحاكم “داني دانون” بشكل علني إلى قتل جميع المشاركين في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الاول مع إضافة المصورين الصحفيين إلى القائمة.
وأبرز الأورومتوسطي أن إسرائيل تعمدت عدم ترك أي مكان آمن للصحفيين في قطاع غزة، واستهدفتهم خلال عملهم وهم يرتدون ستراتهم الخاصة في الميدان، وفي خيام صحفية أُقيمت بالقرب من المستشفيات لتيسير التغطية الإعلامية، أو حتى إن كانوا مع أسرهم في منازلهم التي جرى تدميرها فوق رؤوسهم.
بموازاة ذلك استهدفت هجمات جوية ومدفعية إسرائيلية ما لا يقل عن 117 مقرا صحفيا جرى تدميرها بشكل كلي أو جزئي، بينما تعطّل نظام بث الغالبية العظمى للمحطات الإذاعية الـ 24 في قطاع غزة جراء غارات إسرائيل أو بسبب منعها إدخال الوقود إلى القطاع.
فضلا عن ذلك عمدت إسرائيل إلى التضييق على القنوات الفضائية العاملة في الأراضي الفلسطينية على خلفية تغطيتها الصحفية مثل إيقاف عمل شبكة الميادين الإعلامية في فلسطين، وتهديد شبكة الجزيرة بالمصير نفسه.
وقد تلقى الأورومتوسطي إفادات متطابقة من صحفيين يعربون عن خشيتهم من أن معدات إعلامية تلقوها من جهات دولية من خلال إسرائيل قد تتضمن أجهزة تجسس وتحديد المكان وهو ما قد يكون ساهم في عمليات استهدافهم خلال الحرب.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن استهداف الصحفيين يندرج ضمن جرائم الحرب وينتهك القانون الدولي وكذلك قراري مجلس الأمن الدولي 2015/2222 و2006/1738 اللذين يدينان الهجمات الدولية على الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في حالات النزاع المسلح.
كما أن المادة 79 من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف 1977، قد شددت على وجوب إيلاء حماية خاصة للصحفيين الذي يباشرون أعمالهم في مناطق المنازعات المسلحة.
وعليه دعا المرصد الأورومتوسطي إلى فتح تحقق دولي مستقل في جرائم إسرائيل بحق الصحفيين لا سيما بالنظر إلى سجلها الحافل في استهدافهم سواء في الضفة الغربية أو خلال العمليات العسكرية المتكررة على قطاع غزة وإنهاء واقع الإفلات من العقاب الذي أدى على مدار سنوات إلى زيادة وتيرة استهداف الصحفيين.
وكرر الأورومتوسطي إدانته الشديدة للاستهداف الإسرائيلي والقتل العشوائي للصحفيين في مناطق الصراع لمنعهم من القيام بعملهم فقط وينقلون الأخبار من مواقعهم، مطالبا باتخاذ إجراءات دولية سريعة بما يُفضي إلى محاسبة المتورطين فيها، ووضع حد للاستهداف الإسرائيلي الممنهج للعمل الصحافي في الأراضي الفلسطينية.